19 أبريل، 2024 2:14 م
Search
Close this search box.

في الاحزاب والحزبية العراقية – 3

Facebook
Twitter
LinkedIn

مرت على عراقنا عقود ، كان مجرد القول أن فلاناً حزبي أو منتسباً لحزب ، يعتبر سبه أو مرتكباً لجريمة ، وكان الذي تتهمه بأنه حزبي يشعر أن واجبه شتم الأحزاب والحزبية ، ويشهد بأعظم المقدسات أنه لايعرف الأحزاب ولايدخلها أو يقبل بها بأي شكل من الأشكال.
هذه الواقعة أو الوقائع لاتزال باقية على حالها عند بعض الناس ، رغم حرية العمل الحزبي الحاصلة الآن ، ورغم إضفاء الشرعية على تأسيس الأحزاب والانتساب لها.
ويقول بعض من يدعي المعرفة والعلم ببواطن الأمور ، إن كل هذا التساهل والترخيص للأحزاب عمله الاحتلال الأمريكي – عفواً التحرير الأمريكي – ومن يعمل معه من العراقيين في إدارة حكم العراق ، من أجل الكشف عن هوية الحزبيين وتسجيل أسمائهم ثم بعد ذلك تعود الأمور إلى سابق عهدها ، ويأتي يوم المحاسبة أو الحساب ، ويومها لاينفع الندم أو التنصل ، لأن كل شيء مسجل ومكتوب ، ولذلك فأنه  ينصح كل شخص نحبه ونريد له الخير أن يبقى بعيداً عن الأحزاب.
في مثل هذا الجو وهذه الأقوال يبقى تحرك الأحزاب ومجال عملها محصوراً ضمن الطبقة الواعية المثقفة من الناس بالنسبة للأحزاب العقائدية أو أحزاب المبادئ وضمن طبقة الأصدقاء والأقارب والمنتفعين بالنسبة للأحزاب الأخرى المعلومة مع بعض الاستثناءات في الحالتين طبعاً ، لأنه من غير المعقول أن تنطبق القاعدة تماماً في مثل هذه الحالات.
والمتتبع لمجرى الأمور على الساحة الحزبية يجد أن الإقبال على الانتساب للأحزاب محدود إذا لم يكن معدوم ، ويعود ذلك للأسباب التي ذكرناها ولأسباب أخرى أهمها إن كثرة الأحزاب قد خلقت بلبلة في صفوف المواطنين ، ولم يعد من السهل عليهم الاختيار بينها.
والملاحظ الآن ، إنه على الساحة الحزبية العراقية كثرة الأحزاب والاتجاهات القومية واليسارية والاشتراكية والتحررية والليبرالية والعلمانية … بينما الاتجاه الإسلامي أسس أحزاباً لاتتجاوز أصابع اليدين … أراح واستراح ، وأصبحت جماهيره بأجمعها منضمة تحت لوائه مما أعطاها قوة وزخماً لم تصادفة باقي الاتجاهات وأحزابها.
ورغم المحاولات المتكررة لاندماج بعض الأحزاب في تنظيم واحد أو حتى في جبهة واحدة ، فإن ذلك لم يتحقق وبقيت الانقسامات على حالها وإن حدث بعض التقدم في بعض الحالات.
ونفس الشيء ينطبق على الأحزاب اليسارية والاشتراكية والليبرالية … مما ينذر بنتائج وخيمة ولاسيما في حالة إجراء انتخابات برلمانية قادمة ضمن فسيفساء الصورة الراهنة ، وذلك إن مثل هذا الوضع يتيح المجال لبروز الزعامات القبلية والمالية والشخصية أكثر من بروز الواجهات أو المرشحين العقائديين مهما كان الاتجاه الذي يمثلونه.
ومع كل ذلك تظل الديمقراطية والتعددية السياسية هي الخيار الوحيد أمام عراقنا . ذلك إن أي رجوع عن هذا الخيار معناه العودة لنظام الشلل والأشخاص وأقاربهم وأنسبائهم وأصدقائهم ، ونظام المنع من العمل والمنع من السفر ومنع الحرية الفكرية والتعددية وباقي الممنوعات المعروفة ، بما في ذلك نهب المال العام والتسيب الإداري والمالي والإثراء بلاسبب.
إن طريق الحرية والديمقراطية رغم صعوبتها وطولها هي طريق الأعمار والتقدم ، وهي طريق الحضارة وبناء الوطن والمواطن . وقد تصادفنا بعض العقبات وقد نتعثر في السير ، ولكن بإمكاننا النهوض ومواصلة التقدم لأن ذلك هو خيارنا الأول والوحيد.
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب