ما لفت إنتباهي حقاً من خلال متابعة الندوات أنّ معظم السياسيين العراقيين بأغلب أحزابهم المتضاددة علنياً مع بعضها البعض والمتفقة سرّياً مع بعضها البعض ضد عدوها المشترك الشعب العراقي إنها مؤيدة وبقوة الفرز الألكتروني للأصوات الذي صَرفت عليه الدولة من ميزانية العام الماضي (2017م) مبلغاً مهماً يزيد على (120) مليون دولاراً أمريكياً في أكثر السنوات عجافاً وتقشفاً مالياً بعد سنة التغيير في 2003م!!: فما السبب؟؟!!، فهل صحيح لِما يصرّح به المسؤولون عن أنّ السبب الرئيسي لدعمهم للفرز الألكتروني هو رغبتهم لفرز الأصوات خلال ساعات قليلة وضمان شفافيتها وعدم التلاعب بنتائجها أم العكس؟؟!!، وما هي قيمة الزمن وسرعته في فرز الأصوات في بلد لا تُسابق حكومته وبرلمانها هذا الزمن لتغيير حال الشعب الأسوأ بين بلدان العالم قاطبة؟؟!!، وحيثُ لم تفعل معظم الحكومات المتعاقبة أي تغيير إيجابي خلال فترات حكمها منذ سنة (2005م) ولحد الآن!!، فظهرت المفارقة بإهتمامها المفاجيء بالفارق الزمني البسيط نسبياً ما بين فرز الأصوات يدوياً أو الكترونياً!!، وما الضير لو تأخر الفرز اليدوي لأسبوعين على أبعد تقدير مقابل توفير عشرات الملايين من الدولارات التي صرفت لإستيراد الأجهزة الألكترونية والشعب الآن بأمس الحاجة لها؟؟!!، وحيثُ وُضِعت على عقد شرائها الف علامة إستفهام بدءاً بالشركة الكورية المجهزة وموقعها الألكتروني المريب والمُبهم ومكان توقيع العقد في تركيا الذي قد يعفي الشركة الكورية من الملاحقة القانونية في بلدها فيما إذا تبين عدم قانونيتها أو وجود رائحة فساد في الصفقة وغير ذلك من الأمور؟؟!!، وماذا سيفعل هذا الفارق الزمني البسيط في مدة الفرز للبلد وللعراقيين؟؟!!: وهل سينقلهم من حالهم السيء الى حال مواطني الدول المتطورة مثلاً؟؟!!، وما قيمة هذا التأخير أمام تأخير تصويت مجلس (النوائب) على ميزانية الشعب للسنة الحالية ونحن في نهاية الشهر الثاني منها؟؟!!، فهل التأخر إسبوعين بفرز الأصوات يدوياً مع توفير أكثر من مئة مليون دولاراً أمريكياً من العملة الصعبة لميزانية الدولة يقلق السياسيين أكثر من التأخر شهرين أو ثلاثة لإقرار الميزانية السنوية التي تعتمد عليها رواتب الموظفين وتنفيذ المشاريع الإستراتيجية المهمة التي لها علاقة بالمواطنين؟؟!!.
وما جلب إنتباه المتابعين للشأن العراقي تهافت السياسيين من الحيتان الكبيرة على الفرز الألكتروني!!، وحيثُ لكل حوت منهم دولته العظمى الحليفة معه والتي تدعمه بمختلف الوسائل المتاحة لديها مع تسرب الأخبار والقلق من البعض القليل منهم وإعلانهم عن تخوفهم من التلاعب (الكترونياً) بنتائج الإنتخابات التي (ستطير) فيها أصوات الناخبين من مراكزهم الإنتخابية في عموم العراق لحظيّاً الى الأقمار الصناعية التي ستعيد إرسالها بدورها الى المركز الرئيسي للإنتخابات في بغداد، وفي هذا (الطيران) بيت القصيد في التخوف من إحتمالية دخول “الهاكرز” الدولي الموجه من هذه الدولة أو تلك ممن يهمهم الشأن العراقي فيقلب النتائج لصالح عملائه عفواً أصدقائه وليذهب العراق وشعبه الى أتون المحرقة التي لا تزال تغذيها تلك الدول منذ سنة 2003م ولحد الآن، ولقد عبّر رئيس الوزراء الحالي الدكتور حيدر العبادي في مؤتمره الصحفي الأسبوعي الأخير ليوم العشرين من شباط الجاري عن نفس المخاوف ووعد بمراقبة الفرز وحذّر من التلاعب بنتائجها (الكترونياً) مع مطالبته حسب زعمه مفوضية الإنتخابات المستقلّة بالإحتفاظ بإستمارات الناخبين الورقية للعودة اليها في حال حدوث مثل هذا التلاعب (الحقيقة أعضاء هذه المفوضيّة ليسوا بالمستقلين، لكنهم ممثلين عن الأحزاب المتنفذة، وحيثُ شكك أيضاً رئيس الوزراء في نفس المؤتمر في محاولة البعض منهم للتنصل من إستقلاليتهم التي أقسموا عليها)!!!!.
وسؤالي الأخير: إذا كان رئيس الوزراء بنفسه متخوف من التلاعب بالفرز الألكتروني، وهنالك إحتمال يكاد يكون مطلق للتشكيك بنتائج الإنتخابات لكثرة الخلافات وعدم الثقة ما بين جميع الأطراف، وإحتمالية العودة الى الفرز اليدوي بعد الفرز الألكتروني تكاد أيضاً أن تكون واردة ومحسومة بنسبة عالية جداً وبهذا سيكون التأخير في إعلان النتائج النهائية للإنتخابات أطول مما لو تمّ الفرز اليدوي منذ البداية!!، إذن لماذا صُرفت كل تلك الأموال والشعب العراقي بأمس الحاجة اليها؟؟؟!!!، وهل أنّ العراق قد وصل بتطوره التكنولوجي الى جميع مرافق الحياة ولم يبقى غير الفرز الألكتروني للإنتخابات ليكتمل تطوره التكنولوجي؟؟؟!!!.