18 ديسمبر، 2024 8:17 م

في الأفق يلوح طوفان جارف؟

في الأفق يلوح طوفان جارف؟

نعم…التسائل بالمعنى الحرفي للجملة وليس المجازي .لست نبيا ولا عدادا للنجم,ولست أيضا نذير شؤم ،معاذ ألله، ولكنه إستشرافا للمستقبل بناءا على المعطيات المناخية للعقود والسنوات الأخيرة وخصوصا المتعلقة ببيانات وتائر وتذبذبات التساقط المطري السنوي، تلك المعطيات التي تظهر بشكل واضح أيضا تصاعدا في درجات الحرارة وفترات جفاف طويلة وإنكماشا في فترات التساقط المطري لتنحصر ولتتركز في أيام محدودة ومتقاربة.نحن هنا نتحدث عن منطقة الشرق الأوسط بشكل عام فالموضوع ليس حصرا على العراق وحده، ولكن خصوصية الواقع الجغرافي المتميز للعراق تجعله محط الأهتمام الأول دون غيره وهذا ما نود أن نلفت الأنتباه إليه بسبب خطورة الأمر، ذلك أن العراق في وسطه وجنوبه وتحديدا من جنوب سامراء ما هو إلا حوض أو سهل رسوبي منخفض عن ما يحيط به من هضاب وأراضي مرتفعة نسبيا، يخترقه نهران كبيران.معروف أن هذا السهل الرسوبي تعرض عبر مرحلة الرباعي الى طوفانات عدة كان آخرها طوفان نوح الشهير الذي وصلتنا أخباره ذلك أنه أًرخ كتابة فبقي عالقا بالذاكرة البشرية ولم يطويه النسيان أما الطوفانات الأقدم الغائبة عن ذاكرتنا ويصل عددها لخمسة فيمكن تأرختها وتأكيدها جيومورفولوجيا من خلال ماتركته من شواهد أرضية كبقايا مصاطب نهرية أو بحيرية أو أحادير قدمات سفوح الجبال وغيرها من المظاهر.خصوصية العراق أن خطر الفيضان والطوفان فيه مروع لوجود نهرين مثل دجلة والفرات يأخذان مياههما بالدرجة الرئيسة من الهضبتين التركية والأيرانية بمرتفعات تصل لأكثر من خمسة آلاف متر لتخترق فيما بعد حوضا رسوبيا ،من صنعهما ،شبه مغلق في جنوبه،متوسط إرتفاعه خمسة وعشرين مترا فوق مستوى سطح البحر بين مدينة بلد و رأس الخليج وتنتشر فيه عشرات المدن ومئات القرى ذات الكثافة السكانية العالية.صحيح أن خطر الفيضان إنخفض بشكل كبير منذ أن أنشأت الدولة سلسة سدود في أعالي حوض النهرين وكذلك ما تم بنائه في تركيا وسوريا إلا أن الأمر يختلف بالنسبة للطوفانات العظمى فهي ليست فيضانات موسمية للنهر ناتجة عن ذوبان الثلوج على مرتفعات تركيا وأيران والعراق وحسب وإنما تدخل فيها مؤثرات أخرى أهمها أرتفاع منسوب مستوى سطح الخليج كنتيجة لأرتفاع حرارة المناخ العالمي نتيجة لحلول دورة جافة طبيعية ترافقتها أنشطة بشرية سرعت وزادت من آثارها،فإرتفاع مستوى الخليج لمناسيب ولو قليلة سيؤدي الى أن تطمر الأنهار مجاريها تدريجيا بشكل متساوق مع إرتفاع المنسوب،والنتيجة ستظهر أثناءمجيئ فترة من الأمطار الغزيرة لأيام طويلة والمترافقة مع ذوبان جليد المرتفعات والتي ستؤدي الى تشبّع أراضي السهل الرسوبي فتصبح عائقا تمنع إمتصاص المياه بالسرعة الكافية.التساقط المطري الغزير والمتواصل مصحوبا بذوبان الجليد سينتهي الى بإمتلاء السدود بسرعة ومن ثم فيضانها وأنفتاحها فجأة على الأنهار التي ستفيض بدورها وتخرج عن مجاريها في منطقة السهل الرسوبي فتغمر سائر هذا السهل دون أن تتمكن هذه الأراضي من إمتصاص المياه ودون أن تستطيع الفتحة الجنوبية الوحيدة للحوض والمتمثلة بشط العرب بالتخلص سريعا من فائض المياه فتكون النتيجة أن يصبح منخفض السهل الرسوبي بحرا متلاطم الأمواج يغرق الحرث والنسل ويقضي على كل مظاهر الحياة في فترة وجيزة نسبيا .سيكون الطوفان وقت حدوثه مفاجئا داهما سريعا لايمكن صده بالوسائل المعهودة التي يتم فيها محاصرة مياه الفيضانات الموسمية والحصيلة ستكون كارثية تتمثل، بالضحايا البشرية، بتلف الثروة الحيوانية والزراعية والمنشآت الصناعية ودور السكن والبنى التحتية من طرق مواصلات وقناطر وخطوط كهرباء .. .المآسي ستستمر لما بعد الطوفان لفترة طويلة بإنتشار الأوبئة كالكوليرا والطاعون والملاريا وأيضا مشاكل إعادة تأهيل البنى التحتية وإعادة توطين وتحسين الضروف المعيشية للأهالي. أن تواتر الفترات الغزيرة بالأمطار في فترة قصيرة وتصاعد درجات الحرارة العام أصبح ملموسا وهو من يدق ناقوس الخطر وينبأ بقدوم الطوفان والمعضلة تبقى في تحديد زمن حدوثه بالضبط هل سيحدث غدا أم بعد أشهر أم في السنوات القادمة أم بعد عشرين سنة؟لايمكننا أن نجيب الآن كما ليس لدينا إجابة شافية عن كيفية مجابهة هذا الخطر الداهم وكيفية تحجيمه،ربما بإنشاء سدود إضافية وبحيرات صناعية لتحويل المياه إليها قبل وصولها للسهل الرسوبي، ولا نعرف أيضا ما هي وسائل وطرق حماية المدن والبلدات والنواحي التي سيطالها الطوفان وهي عديدة بما فيها العاصمة بغداد وكل ما نستطيعه هو التنبيه للأمر والتحسب له في كل مرة يستمر فيها التساقط المطري لفترة أطول وأغزر من المعهود ،وطبعا عند وصول منسوب السدود والأنهار لدرجات تنذر بالخطر، وبوضع خطط إنقاذ كبرى تطبق قبيل أو أثناء وقت حصول الطوفان تهدف لإخلاء الأهالي بإتجاه المناطق الآمنة القريبة وتهيئة مراكز الأيواء.وقد يكون مفيدا في هذا الصدد إعطاء فكرة او صورة عن المدن والبلدات والنواحي المعرضة لخطر الغرق أكثر من غيرها وتلك التي ستنجو منه من خلال هذه الجداول:

مدن وبلدات ونواحي معرضة لخطر الفيضان

بغداد،المحمودية،جرف الصخر،المدائن،الصويرة،العزيزية،المحاويل،المسيب،الهندية،الكفل النعمانية،القاسم ،الشوملي،الشامية،عفك،البدير،الفجر،الأيكيال،الحي،قلعة،سكر،علي الغربي وعلي الشرقي،الرفاعي،النصر،الشطرة،الرميثة،السماوة،الخضر،الغراف،النهار،الدراجي،بثا، سوق الشيوخ،الفهود،الجبايش،المجرالكبير،ناحية العدل،القرنة،أم الشويج.

مدن وبلدات ونواحي شبه غارقة أو معزولة

بلد،الأسحاقي،الأسكندرية،الكوت،الحلة،أبوصخير،شيخ سعد،الديوانية،أبوغرب،الحمزة،الشافي، أبي الخصيب،خورالزبير،أم قصر،الفاو.
مدن وبلدات ونواحي آمنة
سامراء ومافوق،الرمادي،الفلوجة،مندلي،بلدروز،كربلاء،الكوفة،النجف،بعقوبة،المقدادية،بدرة،جصان،الرميلة الشمالي،الزبير،صفوان