23 ديسمبر، 2024 2:04 م

فيلم اسباني: العمود الفقري للشيطان

فيلم اسباني: العمود الفقري للشيطان

خليط شيق من “الرعب والحزن”!
شاهدت عدة افلام اسبانية تتعمد تصوير “الحرب الأهلية الاسبانبة” من خلال عيون الأطفال البريئة ومعاناتهم، وهذه خدعة اخراجية بارعة، تتيح تصوير الأحداث بنمط مباشر وبتلقائية دون “اسقاطات”، ولكنها تسمح بالمقابل بالتحايل على النصوص، وتغلفها برؤيا باطنية “متحيزة” ذات طابع فني يستعصي على النقد، لكن هذا الفيلم الذي أخرجه المكسيكي “غييرمو ديل تورو” ، ومن انتاج بيدرو المودوفار يضيف قيما فنية كلاسيكية جديرة بالثناء، وان كان ضمن نفس السياق.

تجري احداث هذا الشريط اللافت خلال صعود الفاشية في العام 1938، وفي ميتم منعزل تديره الممرضة كارمن (ماريسا باريديس)

والطبيب كازاريس (فيديريكو لوبي)، المعروفين بتعاطفهما وولائهما السري للحكومة الاشتراكية.

لكن في أحد الأيام ينضم الى الأيتام الفتى كارلوس (فيرناندو تييلف)، ذلك الفتى الذي قتل أبوه في احدى المعارك…ثم يتعرض الفتى الخجول كالعادة لمضايقة الأيتام الآخرين، وبعد سلسلة من الأحداث الغامضة وغير المفهومة، مثل اختفاء أحد الأولاد، واكتشاف قنبلة ضخمة في الحديقة، تنتشر الشائعات عن وجود نشاط لروح شريرة هائمة في المبنى، حيث يبدأ كارلوس بسماع همسات “روحية” تتعلق بفتى ضائع اسمه “سانتي”اختفى مع ظهور القنبلة “الغير- متفجرة” بالساحة قرب الميتم، كما ينجح بعقد صداقة مفاجئة مع فتى سادي يدعى “جايمي” مشهور بتعذيبه للفتيان الآخرين!

ثم يتفاقم الوضع مع وصول الفاشيين الى البلدة، ما يدفع الممرضة والطبيب للتفكير جديا بالفرار، فيما يقرر الأولاد ادارة الميتم بأنفسهم لمواجهة الأمرالواقع، ومواجهة سطوة الفاشيين وبطشهم…لقد نجح هذا الشريط في نقل روح القلق ومشاعر الخوف والتوجس الى المشاهدين، وتمكن من جذب المشاهدين لمتابعة الأحداث بترقب واهتمام، ولكنه لم يخرج عن السياق التقليدي للأفلام الاسبانية التي تتحدث عن تداعيات الحرب الأهلية وهيمنة الفاشيين…تماما كأفلام هوليود التي تتحدث عن النازية، الا أن هذاالفيلم تميز بقدرة فنية جاذبة جعلتنا نتعايش مع الأحداث بلا مبالغة “وميلودرامية” فجة مكررة، كما أنه دمج بذكاء عناصر ومكونات “أفلام الرعب” مع تداعيات واقع حياتي وسياسي بائس، مستغلا الأحداث التاريخية وقصص الحرب الأهلية الاسبانية وتحكم الفاشية، فخرج لنا بوجبة
“سردية” شيقة، وتمكن المخرج ببراعة من دمج “الفزع مع الرقة”، وخلط الرعب بالحزن من خلال “عيون صبي صغير”، لم يفهم الا نصف ما شاهد!