23 ديسمبر، 2024 3:19 ص

فيلســوف أم موظف أستعلامات !

فيلســوف أم موظف أستعلامات !

كنت مخطأ جدا عندما تصورت ان فلاسفة العصر قد رحلوا و تلاشو مع حلول عصر التكنلوجيا السوداء عصر ظهور القمر الثاني لهذه الحياة وهو(القمر الصناعي ) هذا المخلوق التكنلوجي الذي هيئا الأجواء الملائمة لتلك الشريحة لتتقاتل فيما بينها بأغرب الكلمات وأدنى معاجم اللغات , لتحل الفلسفة بديلا عن المبارزة فيما بينهم كما كان يحصل في قديم الأزمان .. لتكون اداة فعالة بيد الساسة العراقيين حتى ممن لايقرؤن أو يكتبون !! ولعل ذلك المرض وهو مرض ( الفلسفة الفارغة ) قد انتقل بشكل وبائي الى بقية طبقات وشرائح الشعب لتصاب العدوى لاصغر شخص عراقي يعيش في هذه البلاد التي يعيش معظمهم بصفة (( الهمبلة)) فالجندي ورجل المرور والشرطي والمحامي والصحفي وحتى عامل النظافة مع احترامنا لتلك المهنة المقدسة ..الجميع يعيش بالهمبلة في العراق … وكما هو معروف فان العراق واحد من اغنى دول العالم بمادة النفط (( ولو هو مبين على العراق هذا الشي)) ولكن كل شيئ فيه يدل على ان هذه البلاد تمتلك ثروة نفطية هائلة بس مثل مقالوا أهلنا قديما (( خيرنا الغيرنا )) !! وحقيقة انا شخصيا اعترض على هذه المقولة ..لان هو وين الخير اصلا !! ولكن لابد ان نقول الحمد لله وشكر على كل حال لان البعض يحذر ويذكر و يقول خلي نحمد الله ونشكره على فضله اخاف تروح تنكلب بينه , يعني علساس هي ممقلوبة لحد الان !! بس الظاهر اني متشاؤم الى حد كبير ودابالغ نوعا ما بسرد حقيقة هذه البلاد …لان هنالك احد الأشخاص يعتقد نفسه احد فلاسفة العصر الموجودين اليوم في العراق وجهلي هذه التهمة على طبق من ذهب , حين قال لي انت (متشاؤم) هواية , يعني حضرته يريد مني اشوف الناس تقتل يوميا بانفجارات وتتيتم الاطفال ويزداد عدد الارامل وابقى امتلك وجه بشوش ومتفاؤل ومثل مكالوا (( تفائلوا بالخير تجدوه )) ولو العراقيين خلصوا عمرهم يتفاؤلون بالخير ولحد الان موجدوا !! يعني من يظهر شخص كأخونه بالله , اليعتقد نفسه انه ( فيلسوف زمانه) , فلابد ان يتوقف الذهن البشري عن التفكير لويحظات صغيرة , فربما لايستطيع هذا الذهن الصغير تحمل مايسمعه او يراه …لان في الحقيقة هو انسان متواضع يشوف ذاته ونفسه من علماء هذه الامة بالقدرات الي هي بالواقع مفقودة فيه وهذا ليس بعيب لان الله خلقنا بقدرات متفاوته , لكنه عادة ما يتناسى هو اوغيره قول رسولنا الاعظم (ص) حين قال (( رحم الله امرء عرف قدر نفسه )) .. ان مسألة لبس الفاشلين في حياتهم لثوب (الفلسفة) قد باتت ظاهرة تسري في جسم المجتمع العراقي بسرعة فائقة بعد ان كانت حصرا بيد فتاحي الفال والسحرة الذين كانوا يظهرون ويعرضون أنفسهم امام ضعاف النفوس كونهم قادرين على تحقيق السعادة والغنى والوقاية من الامراض بوصفات معينة عادة ماتكون اسعارها فوك ( الدفتر ) ! وسبب ارتفاع هذه الاسعار هم شريحة الفشلة وضعاف النفوس وممن يتردد عليهم مع الاسف .. ففلاسفة هذه الزمان اختلفوا عن سابقيهم , فعند زيارتك لاحد الاطباء في يومنا هذا من اجل ان يجري لك بعض الفحوصات المعينة , عادة مايحاول ان يظهر لك ذلك الطبيب انه المعالج رقم واحد ..ليبدأ لك بسرد ماحققه من ضربات موجعة داخل حقل الطب البشري , وتماما عند شرائك لسيارة من احد الاشخاص الذي يصل معك لوصف سيارته التي قرر التخلص منها وبيعها كانها صنعت في احدى معامل انتاج الصواريخ في روسيا !! بالظبط عند سماعك لتصريح خاص باحد القادة الامنيين , فعند

ظهورهم على شاشات التلفاز بزيهم العسكري والذي عادة مايكون قد اشبع بالنياشين والاوسمة التي تسهم بارتفاع قدراتهم على الحديث ..اسف أقصد على ( الفلسفة ) من خلال وصفهم بتحسن الوضع الامني بالرغم من وقوع عدة انفجارات ارهابية قبل ساعات من اطلاق تلك الكلمات الفلسلفية الخاصة بهم , ولعل تلك الظاهرة وكما اشرنا سابقا قد انتشرت بشكل ملحوظ لتصل الى ابسط موظفين الدوائر الحكومية وبالخصوص رجال ( الاستعلامات ) وكلمة الاستعلامات منشقة من كلمة (استعلام) ؟ وتعني السؤال او الاستفسار او الدلالة عن شيئ معين .. وفي الدول الغربية عادة مايتم اختيار موظف الاستعلامات على اسس علمية متطورة , فتدخل صفة الاناقة وقبول الشكل الخارجي والباقة للموظف المطلوب بعد ان يتم خضوعه الى عدة دورات تدريبية وتثقيفية من اجل ايصاله الى القدرة الافضل لكيفية التعامل مع المقبلين على المؤسسة العامل فيها ..ليكون قد أكتسب منها عدة مهارات كسلامة اللغة الام وتعلم اللغة الاجنبية وتقنية وسائل الأستقبال والمغادرة ..وببساطة الشغلة (علم وفن) ومومجرد موظف معاقب او يائس من هذه الحياة !! الكثير منا يفقد التمييز بين الاستعلامات والحراس في أي مؤسسة لان الاخير عادة مايمارس مهنة رجل الاستعلامات , وقبل ايام كنت في مراجعة لاحدى الدوائر التي تمتاز بوجود رجل استعلامات لا يختلف عن لاعبي الأثقال بشي , فهو يمتاز بصفة (العملقة) بعض الشيئ , ومن الوهلة الاولى عند رؤيته ينتابك شعور غريب بانك لابد ان تحسن الادب وان تحذر بالتعامل معه نتيجة لنظراته الحادة على مراجعي تلك الدائرة كأنه يطلب الناس ثار !! وبعد ان تحقق ذلك الرجل صاحب الجسم المشبع بالعضلات من هويتي أصر على ان اشاركة وجبة البيض المسلوق مع الخبز الحار والخضار المتنوعة مع شطائر اللحم (المارتديلا) برفقة الحمص بطحين والباقلاء وقدح الحليب بالاضافة الى طبق الفواكه الغني ..تلك المائدة العملاقة التي كانت تغطي مساحة الدخول لتلك المؤسسة فكان بحق منظر حضاري من الطراز الأول !! ولكنني حاولت المجازفة بعض الشيئ مع ذلك العملاق حين حاولت المشاكسة الكلامية معه حين قلت له : روح تناول الفطور في غرفة بعيدا عن الانظار فقال : يعني شلون مـــــ( …….) وهي كلمة اعتقد بانها لاتعود لاصول عراقية !! في اشارة منه بان يطالب الاخرين بعدم ازعاجه اثناء وقت تناوله الطعام ..وبعد دخولي تلك الدائرة قاصدا احد المتنفذين في تلك المؤسسة طالبته باعادة النظر بواقع ذلك العملاق الاكول ( رجل الاستعلامات) , فاجابني : هو منو يكدر على فلان !!! فلم اتعجب مماقاله ذلك المسؤول لان بالعراق كلشي يرهم , وفي خروجي دفعني فضولي للحديث مرة ثانية مع ذلك الاستعلامي العملاق الذي يعمل في هذه المهنة بصفة (عقد) وهو يقول انني لن اعمل بجد واخلاص وتفاني لحين تثبيتي بعملي وعلى الملاك الدائم ..يعني الاخ العملاق بكل هذه العضلات متعاجز من العمل !! وربما لايفضل ان تذهب جهوده مع اجنحة الريح كونه لم يتم تثبيته في عمله !! كما انه فخور بعدم ذهابه الى مركز الاقتراع يوم الانتخابات لغرض الادلاء بصوته , فهو يقول ان كل الموجودين (…………) !!!!! غادرت تلك الدائرة وفلسفة ذلك المتعاقد تدور في ذهني , ففعلا نحن شعب لايقهر ! وكيف لا ونحن نملك فلاسفة بهذا الحجم , لكنني اعتقد شخصيا ان ماقاله لي ذلك الرجل هي ردات فعل نجمت عن الاحباط المزري الذي ينتاب الروح العراقية نتيجة الشعور بعدم المسؤولية وتلاشي القيم والمبادئ العامة بشكل واضح حتى وصل الحال بنا الى نشوء فلاسفة عصر جديد ترى ان ماتفعله وتتحدث به هو الصواب وعين اليقين وكبد الحقائق ..