23 ديسمبر، 2024 10:33 ص

فيكتور هوغو والسورة القرآنية التي اقتبسها في « آية من القرآن»

فيكتور هوغو والسورة القرآنية التي اقتبسها في « آية من القرآن»

أبرز أدباء فرنسا، الكاتب المسرحي والشاعر والروائي. ولد عام 1802 في مدينة “بيزانسون” في شرق فرنسا. تراث المدينة الغني تاريخيا وثقافيا ومعماريا، لم يدرجها فقط على قائمة التراث العالمي، بل جعلها تسكن روح الكاتب وتسيل إلى أوراقه المكرسة للإنسان في قهره وضعفه وظلمه. عاش طويلا مع قضايا مجتمعه الإجتماعية والسياسية، حتى فارق الحياة عام 1885 ودفن في مقبرة العظماء.
وجد فيكتور هوغو في « أوليفر كرومويل »، شخصيته المسرحية المنشودة. كان كرومويل عضوا في البرلمان البريطاني، حين قاد الجمهوريين في معارك الحرب الأهلية البريطانية بين عامي (1642 – 1651)  ضد الملك تشارلز الأول. مع نهاية انتصاراته، وبعد أن فصل رأس الملك عن جسده، رفض كرومويل أن يتوج ملكا، كي لا يتهم بتجيير مكاسب الانقلاب لمصلحته الشخصية، مما سيوحد مسانديه في الانقلاب من الجمهوريين مع أعدائه مؤيدي الملكية، للتخلص منه. يقرر كرومويل التخلي عن حلمه في أن يصبح ملكا، ليحتفظ بالسلطة دون لقب. عجزه عن تحقيق ما أراد أن يكونه، هو جوهر مسرحية «كرومويل». مع ستة عشر ألف بيت من الشعر، بقيت المسرحية حبرا على أوراق هوغو، دون أن تنتقل إلى خشبة المسرح. لم يستسلم لإخفاق “كرومويل”، فعاد بعدها بمسرحية «هرناني»، التي قدمها فيما بعد أبو خليل القباني، في مصر. هرناني “قاطع طريق وثائر” شاب، يتنافس مع عجوز ثري وملك، على حب شابة حسناء. مع تنازل الملك عن حبه بعد سماعه خبر تعيينه إمبراطورا، تنتهي المسرحية مع ثلاث جثث ممددة على المسرح، بعد تجرعها السمّ. لقيت «هرناني» قبولا جماهيرا كبيرا، لم يكترث لهجوم النخبة عليها منذ عرضها الأول.
أشهر رويات هوغو: « أحدب نورتدام» و « البؤساء». الرواية الأولى كانت تعكس التضاد بين الشكل والمضمون، بين الظاهر والباطن. شخصيتها الرئيسية، الأحدب والقبيح المظهر، المعزول في كاتدرائية نوتردام، وتضحيته من أجل حبّه لشابة جميلة، كانت تعطف عليه ولم تواجهه بنظرة المجتمع القاسية. الشابة الحسناء كانت انعكاسا لسمو مشاعره الإنسانية، التي ضحى من أجل أن تبقى حية في مجتمع يسوده الظلم. في روايته « البؤساء»، يتابع فيها هوغو مسيرته في تحليل آفات مجتمعه، الفقر والظلم والجهل، في جو من البؤس الخانق. ويبدو أن الرواية حققت ما كان يقوله هوغو دائما: «أريد نثراً يقول كل شيء، إلى أوسع شرائح ممكنة من القراء من دون تقديم أي تنازلات لغوية أو تقنية».
في شعره، صدى رغبته الدائمة بتحريره من كل قيد، وانشغالا بفكرة البحث عن الحقيقة المطلقة، وهو «يرى في الأفق شعرا رفيع المستوى». في مقدمة ديوانه الشعري « الشرقيات» ، قال بأن  اكثر ما يثير فضوله هو «المسجد الشرقي بىياته القرآنية على كل باب». أما في « التأملات»، الذي استغرق منه 25 عاما حتى أتمه، فعكس تطور نظرته إلى الحياة، منتقلا من أحلام ماضيه وآماله، إلى انكسارت الشباب وتشاؤمها، ليصل في قصائده الأخيرة إلى المشاعر الإنسانية عامة، في نظرة أكثر شمولية للحياة بعيدا عن حدود الذات. الشاعر الذي فقد كامل أفراد أسرته، كان فكرة القيامة وانبعاث الموتى، تمنحه أملا باللقاء، الذي كان يستعجله عبر جلسات “استحضار الأرواح” التي كان يقيمها في منزله!.
بعد قراءة ترجمات عديدة للقرآن الكريم، وجد فيكتور هوغو نفسه مشدودا إلى سورة  «الزلزلة» التي ذكرته بيوم القيامة، فقام باقتباسها في قصيدة شعرية تحت عنوان « آية من القرآن»، قال فيها:
سَتُزَلْزَلُ الْأَرْضُ زِلْزَالًا شَدِيدا،
وَسَيَقُولُ النَّاس : مَا لَها؟ يَوْمَئِذ،
وَهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الظُّلْمَةِ فِي حَشْدٍ مِثْلَ ثَعَابِين،
غُبْرا، يُقْبِلُ الْمَوْتَى لِيَرَوْا أَعْمَالَهُم
فَالَّذِينَ عَمِلُوا الشَّرَّ مِقْدَارَ نَمْلَةٍ
يَرَوْه، وَيَكُونُ اللهُ لَهُمْ أَقَلَّ وِدّا؛
وَالَّذِينَ عَمِلُوا الْخَيْرَ مَا يَزِنُ ذُبَابَةً
يَرَوْه، وَيَكُونُ الشَّيْطَانُ لَهُمْ أَقَلَّ لِدّا