23 ديسمبر، 2024 6:05 م

فيصل القاسم وفن صناعة الأكاذيب

فيصل القاسم وفن صناعة الأكاذيب

فيصل القاسم إعلامي وكاتب سوري ولد في قرية الثعلة بمحافظة السويداء السورية سنة 1961 وهو من الأقلية الدرزية في سوريا يحمل جنسية مزدوجة سورية – بريطانية تخرج عام تخرج عام 1983 من جامعة دمشق بدرجة بكالوريوس في الأدب الإنكليزي ثم حصل على درجة الدكتوراه في الأدب الإنكليزي من جامعة هل البريطانية عام 1990.

تدرب وعمل كمقدم ومعد للبرامج العربية في هيئة الإذاعة البريطانية البي بي سي بين عامي 1988 و 1989 وعمل كمقدم برامج في تلفزيون إم بي سي عام 1991 وكمقدم برامج إخبارية في قناة البي بي سي العربية بين عامي 1994 و1996ثم انتقل بعد ذلك إلى قناة الجزيرة الفضائية واكتسب شهرته من خلال برنامجه الأسبوعي” الاتجاه المعاكس”.

حصل على وسام التميز لأكثر الشخصيات تأثيراً في الوطن العربي في مجال الإعلام من كلية ولدنبرج الدولية .

يعتبر فيصل القاسم واحداً من الشخصيات الإعلامية المثيرة للجدل وخصوصاً من خلال برنامجه الإسبوعي ( الإتجاه المعاكس ) الذي يبث منذ سنوات طويلة من على قناة الجزيرة الفضائية والذي يستضيف به شخصيات متباينة في وجهات النظر يصل الحوار فيها في بعض الأحيان إلى العراك والضرب .

فلقد تعودت قناة الجزيرة في الظاهر وفي مجمل برامجها أن تتبنى في الغالب وجهات نظر معادية للسياسة الأمريكية في المنطقة والعالم على الرغم من أن الدولة الراعية لهذه القناة وهي قطر التي تعتبر من أكثر الدول الخليجية تبعية لأمريكا وقاعدة مهمة للعمليات اللوجستية للجيش الأمريكي من خلال القاعدة الأمريكية ( السيلية ) في منطقة العديد التي تبعد 35 كيلومتر غرب الدوحة بمساحة تبلغ أكثر من 26 كيلومتر والتي تأسست في إعقاب حرب الخليج الثانية بعد الإتفاق القطري الأمريكي الذي اقتضى بنقل مقر العمليات العسكرية الأمريكية في منطقة الشرق الاوسط من قاعدة الإمير سلطان أبن عبد العزيز في السعودية إلى قطر وتعتبرهذه القاعدة اليوم مقراً للقيادة العسكرية المركزية الأمريكية للمنطقة الوسطى الممتدة من آسيا الوسطى وحتى القرن الافريقي ويوجد فيها أكثر 3000 مقاتل وعسكري أمريكي وفيها أطول مدرج لهبوط الطائرات المقاتلة في العالم .

في البلاد العربية هناك الكثير من الأشخاص ممن يعتقدون بأن فيصل القاسم هو مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ العرب والمسلمين من شرور أمريكا وإسرائيل وان الجزيرة المنبر الحر لصوت الحق والعدالة والحرية في العالم العربي رغم كل الحقائق المرتبطة بنشأة القناة ومموليها والمكان الذي تبث منه فالنجاح الوحيد الذي حققته قناة الجزيرة وفيصل القاسم هو انها استطاعت أن تتلاعب بعقلية المواطن العربي وتسيره بالطريقة التي تخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية من خلال تبنيها وجهات نظر الأحزاب والجماعات الإسلامية والتي هي في أغلبها جماعات سنية أصولية أو تابعة لها في افغاسنستان والشيشان وباكستان واليمن

والصومال والعراق ومصر وتقديم هذه الجماعات على إنها ستكون الطرف المقاوم للمشاريع الأمريكية والإسرائيلية والأنظمة الدكتاتورية والبديل المناسب لإقامة الحكومات الإسلامية في المنطقة ولن تجد قناة الجزيرة ولا فيصل القاسم في برنامجة ( الإتجاه المعاكس ) في يوماً ما ما يمنع من عرض المشاهد المقززة لعمليات قطع الرؤوس والتمثيل بالجثث التي تقوم بها هذا الجماعات الإسلامية المتطرفة من على شاشتها وكذلك استضافة إعلامين ورجال قانون يدافعون عن هذه الجماعات ويروجون لمشروعها الدموي كل هذا يعتبره الكثيرون ممن يشاهدو القناة على أنه دعم وترويج للمشروع الإسلامي لقيادة الأمة ويغيب عن بالهم وتفكيرهم القاصر أن قناة الجزيرة وفيصل القاسم ما هم إلا أدوات رخيصة في الماكنة الإعلامية الأمريكية والإسرائيلية لنشر الدعاية المضادة للدين الإسلامي وللمسلمين والعرب خصوصاً وتقديمهم على أنهم قتلة ومتوحشين من خلال استخدام نفس مشاهد القتل والذبح والتمثيل والتدمير التي تقوم القناة بعرضها على مدار الساعة من سوريا والعراق وافغانستان على انها مشاهد للبطولة والمقاومة .

في توصيف دقيق لفيصل القاسم عن ما يسمى بالشارع العربي أو ما يعرف بالرأي العام العربي إزاء ما تمر به البلدان العربية من محن يهدد مستقبلها في مواجهة العدوان الأمريكي والإسرائيلي على حد قوله وفي مقالة نشرها على موقع مأرب برس في العام 2007يقول فيصل القاسم ( لا شك أن الذي أطلق مصطلح “الشارع العربي” على الرأي العام العربي كان موفقاً للغاية في توصيفه فكلمة “شارع” في ثقافتنا العربية لها مدلول سيء وتحقيري فغالباً ما نصف المنحرفين والشاذين والساقطين من الأشخاص بـ”أولاد شوارع” ولا أبالغ إذا قلت إن ذلك التوصيف ينطبق خير انطباق على موقف الشارع العربي حيال الكثير من القضايا ) وفي موضع آخر من المقال يوضح فيصل القاسم اسباب تردي الحالة الوطنية والقومية لهذا الشارع بالقول ( أن هذا الشارع عروبي وإسلامي حتى النخاع لكن لا يكفي أبداً أن تكون عواطفنا قومية وإسلامية …. )

السؤال هو كيف تحول هذا الشارع العربي الوطني والقومي إلى شارع عروبي وإسلامي حتى النخاع ؟

لاشك ان فيصل القاسم قد حقق نجاحاً كبيراً ضمن منظومة إعلامية موجهة ومدروسة بعناية شاركت فيها دول عظمى ومؤسسات أكاديمية ومراكز استراتيجية لقلب الموازين في العقلية العربية وخلق مناخات جديدة لم تكن مألوفة في المنطقة العربية ومنها تهيئة الأجواء ومنذ تسعينات القرن الماضي لإضفاء الشرعية على الحركات الإسلامية المسلحة لتكون البديل عن اليسار العربي الذي ظل متسيدا للساحة العربية خلال عقود من السنين تلت مرحلة دخول البلدان العربية تحت مظلة الهيمنة الاستعمارية باعتبارها من مخلفات الدولة العثمانية التي لفظت انفاسها بعد نهاية الحرب العالمية الاولى ( 1914 – 1918 ) .

لقد استطاع فيصل القاسم من الوصول إلى مكامن الضعف في العقلية العربية من خلال مداعبة مشاعرها الدينية بطريقة تحفيزية وثورية من خلال مواضيع غاية في الخطورة كانت تعاني منها الساحة العربية وهي القضية المركزية في فلسطين وكذلك القضايا العربية والإسلامية المعاصرة مثل العراق وسوريا والصومال وافعانستان واعتبر الحل في ذلك من خلال مقاومة

مسلحة تقوم بها الفصائل الإسلامية التي يجب أن تكون مدعومة من الشعوب العربية المغلوبة على أمرها فهو هنا يتسائل وهو يخوض في موضوع مؤتمرات حوار الأديان ببرائة إعلامية : ( اليس الحوار الديني المزعوم مجرد غطاء سياسي مفضوح للبشاعات العسكرية الدموية التي تمارسها امريكا وإسرائيل والغرب عموماً بحق العرب والمسلمين ؟) ثم يجيب على التساؤل كعادته وبطريقة أكثر تحريضية ) أليست لغة الحوار الوحيدة مع الغزاة والمحتلين هي المقاومة بكافة أشكالها ) فهو هنا يحاول أن يخلط الأوراق على السذج ممن يرون في تلك الجماعات التي أسستها أمريكا وإسرائيل وبأموال النفط الخليجي بحيث يحول الوطني إلى خائن والقتلة إلى ثوار وقاطعي الرؤوس إلى أصحاب حقوق ويجعل من جرائم القتل والإبادة التي تنفذها الجماعات المسلحة في العراق وسوريا مبرراً وردة فعل لما تقوم به الأنظمة هناك وهي تدافع بضراوة عن هويتها وسيادتها ضد الهجمات البربرية للقاعدة وداعش .

حين نقرأ التعليقات التي تكتب حول ما تعرضه قناة الجزيرة وما يكتبه أو يعرضه فيصل القاسم في المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الإجتماعي نكتشف حجم الكارثة التي وصل إليها الوعي والثقافة العربية حين يتحول القاتل والمجرم إلى ثوري ويتحول المدافع عن وطنه وأرضه إلى خائن ويحلل قتله حين تشاهد من يصفق ويهلهل لمشاهد السبي والإسترقاق في العالم الإسلامي والعربي تعرف أنك في قناة الجزيرة وفي رحاب الإعلامي فيصل القاسم .