17 نوفمبر، 2024 10:37 م
Search
Close this search box.

فيس بوند

كان ياما كان في ذلك الزمن الجميل رجلا قوي البنية مفتول العضلات يحمل لوحا من الخشب مثبتا عليه بوسترات لافلام ستعرض هذه الليلة في سينما الفرات الواقعة في شارع المكتبات في الحلة وهو ينادي باعلى صوته لاتفوتكم اليوم فرصة مشاهدة فيلم الاثارة والتشويق سيأخذكم (جيمس بوند) الى عالم الاستعراضات الجنونية والمغامرات الشيقة, فيلم الليلة سكوب وبالالوان , كان صوت الرجل وعرضه المغري يثير فينا الرغبة والفضول لمشاهدة هذا الفيلم والغوص في تفاصيله المثيرة , كنا نجمع بعض النقود من مصروفنا اليومي وندخره للذهاب الى السينما ولكن بعد محاولات متكررة لاقناع احد اقاربنا الكبار او من افراد العائلة لمرافقتنا في هذه السهرة الممتعة , وبعد فرصة مشاهدة الفيلم نعود نحن الاصدقاء لنحاكي تصرفات وحركات بطلنا الاسطوري, وهكذا مع مرور الايام والسنوات كبرنا ونضج وعينا واتسعت مساحة المعرفة لدينا من خلال المطالعة لادبيات الثقافة العربية والاجنبية حيث اختلف الحال بمشاهدة الافلام والعروض المسرحية وذلك من خلال مشاهدتنا فقط للعروض الجادة والمهمة , اما اليوم فقد اختلف حال المتابعة ومصادر الثقافة من خلال الانترنت فقد جاء الفيس بوك ليعلن شهادة ميلاد جديدة مضافة لروزنامة (التقويم) ايامنا المثقلة بالازمات والوجع المزمن , وبما ان الفيس  بوك صناعة غربية الا انه صنع لنا ثوراتنا التي اطاحت بانظمة استبدادية جثمت على صدورنا لسنوات هي نصف اعمارنا ولكننا في الوقت ذاته عجزنا عن فهم واستيعاب مفردات هذا الفيس بوك  وتبديل قطع غياره التي تلفت مما جعلنا نضطر للعودة ثانية لمصدر صانعيه لمساعدتنا في ادامة ثوراتنا وتصحيح منظومة عقولنا وعقائدنا ولكي نحقق هذه الطفرة النوعية سنطالب صانعيه بحاجتنا الى (فيس بوند) يتماهى ببطولاته ومغامراته مع هذه المرحلة الحرجة ليرسم لنا خارطة طريق جديدة نبدأ بها صناعة ثورات تصحيحية اخرى تتلاءم مع رغباتنا وسلوكنا المؤدلج بمفاهيم وقناعات تنتمي فقط الى من يتبناها ولاتمثل رأي الغالبية العظمى من الشعوب الساعية الى الحرية والعدالة الاجتماعية.

أحدث المقالات