قدمت اوراقي المطلوبة للموظف المسؤول وكان رجل في العقد الخامس من العمر , راح يطالعها مضيفا بعض العبارات ازاء بعض الفقرات التي لم تكن قد دونت, وكان من الممكن ان تشكل عقبة في صحة انجاز المعاملة وتتسبب بمراجعات ثانوية ,كان يفعل ذلك وقد ارتسمت على وجهه المغضن علامة التعب والارهاق وهو يتمتم كلمات وكأنه يعاتب شخصا ما ربما كان ماثلا في خياله منها:-
(كم مرة اكدت عليك ان تتم عملك دون ان تترك فيه ما يتسبب في ارباك العمل ونقص المعلومات ).
خلت انه يخاطب الموظف السابق الذي نظم لي بعض الاستمارات لذا قلت بهدوء
ارجو ان تكون معاملتي مستوفية للشروط فلا اعاود المراجعات دون طائل.
رفع اليَّ عينيه وابتسم ثم ما لبث ان هتف قائلا:-
-اطمئن ان شاء الله لا تحتاج الى مراجعات بسبب نقص في المعلومات او خطأ في الاداء .
– شكرا استاذ…
لم اجد عبارة اخرى اضيفها إذ بدى لي موظفا جادا مخلصا في اداء عمله وما لبث ان اضاف:-
– نحاول ما استطعنا الى ذلك سبيلا تقليص الكثير من الحلقات الزائدة تجاوزا للروتين.
– بارك الله جهودكم ووفقكم لكل خير.
– شكرا جزيلا ..هذا واجبنا وعلينا اداءه بكل اخلاص..
جمع اوراقي ووضعها في ملف خاص واشار بيده الى غرفة مجاورة كان قد سبقني اليها بعض اصدقائي في الجامعة بغية اجراء البحث المطلوب وقبل ان اصل حيث أشار لي سمعت صراخا فأسرعت الخطى نحو مصدر الصوت فإذا بالموظفة المسؤولة عن الملفات الشخصية تتحدث بعصبية وعنف رافضة اعطاء بعض الموظفين اوراقا من الملفات تتضمن معلومات ضرورية لإكمال اعمالهم ما جعلهم في غاية الغضب والحرج….!!!!
……………
اذن في كل مكان وزمان اناس مجتهدون لأداء اعمالهم مخلصون في تنفيذها واثقون من ان عملهم واجب مقدس عليهم اداؤه بكل اخلاص وامانه بينما يكون قبالهم آخرون كأنهم فأرة سد مأرب الذي كان لتجاهل وجودها سببا للموت والدمار وخراب الديار.
الف يد تبني ومجرم واحد يفجر البناء فينقض مخلفا الفناء.
آلمني ذلك الامر وعجبت غفلة من يملكون القرار بالتمادي في غفلتهم وغض طرفهم عمن يقصرون في الاعمال وليس من حسيب ولا رقيب .
كم من الجهود تبذل في سبيل انقاذ المجتمع من فيروسات الامراض او الجوائح كما في الجائحة الاخيرة (كرورنا)وكم تسببت من المآسي وفقدان الارواح والاموال وحسب رأي المتواضع ان هؤلاء المتهاونون هم ايضا فيروس قاتل لكل ما يمكن ان يحقق للبلد من ازدهار وتقدم واستطيع ان اطلق عليهم اسم (فيروس العمل والمسؤولية).