11 أبريل، 2024 4:45 ص
Search
Close this search box.

فى عيد ميلاده الـ 83

Facebook
Twitter
LinkedIn

من حقنا, كمواطنين عراقيين, ان نفرح ونشارك احبتنا افراحهم ومناسباتهم, خاصة وان المناسبة تخص تأسيس الحزب الشيوعى العراقى, احد اقدم الاحزاب العراقية والذى كان حاضرا فى كل هذه السنين. الا انى اسئل ما الذى يشدنى الى المناسبة والفرح بها, هل هو الفشل الذى عاشه الحزب فى مختلف الحقبات وبذلك ايضا افواج الضحايا من المناضلين والمثقفين التى ذهبت هدرا نتيجة للاخذ بافكار ونظرية لم تكن جاهزة وملائمة للتطبيق لعدم توفر الظروف الموضوعية وتطور قوى الانتاج.

فى عام 1934 تم تأسيس الحزب الشيوعى العراقى, والحزب بذلك هو

من اقدم الاحزاب العراقية التى ما زالت, رغم كل التغييرات والتحولات التى حصلت خلال هذه السنين مازال مستمرا فى ايديولوجيته وستراتيجيته فى العمل لتحقيق الاهداف التى وضعها له. ان الحزب ومواقفه فى العهد الملكى ومن ثم فى مختلف حقبات العهد الجمهورى, رغم اختلاف نوعيتها وتوجهاتها الفكرية والايديولوجية, قد حافظ على استقلاليته الفكرية والمحافظة على “نقاءه الفكرى” واستعداده لمواصلة النضال, ونشاهد ذلك فى ما طرحه المثقفين عن حزبهم وخصوصيته وشرف الانتماء اليه بمناسبة عيد ميلاده الثالث والثمانون, نقدم بعض الامثلة على الحب والشرف واولاء: “يوسف ابو الفوز” كاتب واعلامى مغترب مقيم فى فنلندة, يجدد الولاء والانتماء الى حزبه: “وداعتك لاخر محطة قلوبنا وياك…. وداعتك لا تحله دنيا ولا عمر بلياك”. ويسال ابو الفوز”عن ذاته ونوعيته: هل ان الشيوعيين من طينة خاصة؟, ويجيب : ليسوا من كوكب اخر , ابناء هذا الوطن, جاؤا من مختلف قومياته واديانه وذوى انحدارات طبقية مختلفة. “ابو قاطع” كاتب العمود المعروف فى جريدة طريق الشعب: يسمى الشيوعيون ملح الارض. حزبهم مثل نخل العراق , دائم الخضرة شامخا, مثمرا رغم العوادى, تمتد جذوره عميقة فى تربة البلاد وقلوب ابناء شعبه. اما الاكاديمى “د. خليل الجنابى” فيعبر عن موقعه واحساسه بان “شيخ الشباب يحتفل بعيد ميلاده الثالث والثمانون”, والاستاذ فالح حسون الدراجى الذى كان عمره انذاك 14 سنه وفى الصف الاول المتوسط, فقد وضع احد الاصدقاء فى احد المناسبات فى يده (جكليته) وطلب منه ان لايرمى ما فى محتواها, وعندما فتحها وجد دعوة للعمل فى صفوف الحزب, ومنذ استلامه للجكليته وقع فى حب دائم مع حزبه الشيوعى, مثل الاخرين جميعا. هذه العواطف والمشاعر هى احاسيس جياشة مثل تلك التى تصدر من مراهق نحو محبوبته فى لقائهم الاول, ان هذه العواطف لا علاقة للعقل فيها, الا ان هذا اللقاء تحول الى عشق ابدى واخذ ينمو ويتطور يوما بعد يومتديم استمراريته مثل

ابتسامة خاطفة من الحبيبة تحى وتجدد الامل فى لقاء يطول انتظاره, او مظاهرة ضد النظام الملكى او قراءة فى اخر عدد لجريدة القاعدة, جريدة الحزب, تجمع اخر العمليات التى قام بها الحزب ونفذها الرفاق الابطال الذين يقدمون التضحيات من اجل دهر الاستعمار والرجعية لا مكان للعقل والمنطق مكان فيه او سطوة عليه, وكما تقول ام كلثوم” اما انا فكما عهدت” عاشق ولهان لايفيق وغير مستعد ان يصحو من نومه اللذيذ واحلام اليقظة, ولماذ يصحو ويغادره الحلم اللذيذ من اجل”وطن الحر وشعب سعيد”!!

ان الاسلوب والمنهج الذى استخدمه الحزب الشيوعى فى كسب المؤيدين وشدهم اليه لا يختلف كثيرا عن اسلوب الجماعات الاصولية المتطرفة التى تستخدم المقدس الذى يحضى باهتمام واحترام وقبول من الجميع ويحتل مكانة مهمة فى وجدانهم وتصوراتهم عن الحياة

والمجتمع, ترسم صورة سوداء قاتمة عن”العدو” تكفره وتجعل من محاربته وازاحته وقتله عملا مقدسا يرقى الذى يقوم به ان يكون بطلا وموضع احترام واجلال وتقدير من الجميع, انه يضحى بنفسه للقضية الكبرى, قضية الدين والمجتمع والخلاص من السؤ والاذى والشذوذ والظلم والمحافظة على العادات والتقاليد التى سائر عليها علمائنا واجدادنا العظام. ان الاسلام السياسى , بشكل خاص يوعد الجهاديين والانتحاريين, بعد ان تسويس افكارهم وعقولهم بالخرافات, بلقاء النبى الكريم وتناول وجبة عذاء مليئة بطيبات الجنة, يعقبها فنجان قهوة (اسبرسو) وفى الختام ان الحورالعين الجميلات الحسناوات فى انتظاره للتمتع بليلة جميلة ساحرة تداعب عقله المريض وجنونه الجنسية.

ان عضو الحزب الشيوعى, منذ وقوع الاختيار علية وتم كسبه فى صفوف الحزب, فى سلم التسلسل الحزبى يشعر باهمية خاصة, انه لابد ان تكون له كفاءات وقدرات خاصة ان يكون الاختيار قد وقع عليه, فهو بهذا شخص مميز, مناضل لقضية عظيمة, تتمثل فى تحرير المجتمع والقضاء على الاستعمار والرجعية واستغلال خيرات البلد للبناء والتطور وفتح افاق المستقبل السعيد لابنائه الطيبيين. حينما نتطلع الى هذه الاهداف فهى من المعقولية والمنطق والبساطة لا تثير اى تسأل بحيث يجد كل مواطن “اصيل” فيها ذاته واماله المستقبلية وموقعه فى المجتمع. ان الصورة تكتمل عند طرح موضوع النظرية الاشتراكية وافاقها العظيمة وتطبيقاتها فى الاتحاد السوفيتى, كواقع معاش جميل, ويمكن تطبيقة فى عراقنا الحبيب اذا توحدت الارادات فى الطريق الصحيح وتقدم التضحيات من اجل الوطن, هذا بالاضافة الى انه اصبح احد اعضاء الطليعة المناضلة وينتمى الى الحزب الذى احتكر الثقافة لنفسة واتهم جميع الناشطين السياسيين الاخرين بقلة الثقافة والوعى وعدم القدرة على التحليل العلمى ناهيك عن مواكبة تطور الفكر العلمى والاشتراكية العلمية بشكل خاص. ان الحماس يعلوا وتزدهر المشاعر ويزداد الايمان بالحزب القائد, الذى يصبح فى افكاره وطروحاته وعملياته التى قام بها او التى ينوى القيام بها موضع “المقدس والتقديس ” الذى لا يقبل الشك او النقاش, وتلتقى اخيرا الرغبات والثقة والامال فى القيادة المؤهلة الحكيمة.

بعد ثلاثة وثمانون عاما من “النضال” من حق المواطن العراقى ان يسال عن المنجزات التى حققها الحزب الشيوعى خلال هذه المسيرة الطويلة, هل استطاع ان يقوم بتغيير فى اتجاه حركة المجتمع او ان يعمل ويطرح افكارا ومشاريع من شأنها ان تساعد فى تخفيف المعانات والبؤس والعطالة التى تشكو منها نسبة كبيرة من السكان, او ان يتفاعل مع الاحزاب الاخرى فى الساحة العراقية من موقعالمشاركين فى النضال وليس من الموقع الطليعى الذى احتكره لنفسة ويفرضه على الاخرين. انها حقيقة مؤلمة جدا, للاسف الشديد, ان يجتهد الحزب ويركز جهوده الفكرية والجماهيرية على تكفير حكومات العهد الملكى وشد العداء لها واتهامها بالعمالة وخدمة المستعمر, دون الاهتمام بحقيقة الدولة العراقية الحديثة هى رغبة وانجاز هذا المستعمر, واتصالنا بالحداثة جاءت مع جيشه والتكنولوجيا التى يستعملها والادارة العلمية الحديثة. انه جهل سياسى وستراتيجى كبير تصور القوة الذاية على القيام باى شىء خارج اطار المحتل. لقد نجح الحزب فى تأجيج مشاعر الجماهير ضد الحكومة وما تقوم به بحيث افرزت حالة من الانفصام بين المواطن والدولة واصبح الاضرار بالممتلكات العامة عملا مستحسنا, وساعدت بذلك اعاقة بلورة الشعورالوطنى وما تقوم به الدولة من مشاريع او فتح الاستثمارات للشركات الاجنبية اعملا عدائية موجه ضد الاتحاد السوفيتى. ان التصعيد والحشد التكفيرى الجماهيرى ضد الحكومة والدولة افرز حالة من ما يسمى بـ” قدسية النضال ضد الاستعمار” الى اطلاق الجيش بحركة كبيرة ادت الى سقوط الملكية واعلان الجمهورية. هذه “الثورة ,الانقلاب” جاءت قبل اوانها بعدة عقود, وبعد بضعة سنين على اصلاحات كبيرة وتوجهات وطنية مهمة جدا, قد تم القضاء على الثورة وتصفية قادتها. كانت نهاية مروعة ولم يكن الحزب الشيوعى العراقى صاحب النظرة الثاقبة للتاثير فى مسار الاحداث وتكوين اأتلافات مع جهات سياسية لتفادى الانقلابين وما يمكن ان يصدر عنهم.

ان تاسيس الحزب الشيوعى العراقى جاء تماما كنسخة مصغرة عن تأسيس الحزب الشيوعى السوفيتى (البلشفيك) بكل اخطاؤها ونهاياتها. لم يكن العراق فى عام 1934 كان على اتصال ومعايشة لعلاقات راسمالية وكان مستوى تطور قوى الانتاج متخلفا جدا, وكانت تركيبته الاجتماعية الفلاحين فى عملية زراعية متخلفة وفى المنطقة الغربية كان البداوة الشكل الطاغة, ولم يكن سكان المد يشكلون نسبة كبيرة بين السكان. اما عن الانتاج فكان العمل اليدوى فى ورش صغيرة لم تصل اليها مكان وتكنولوجيا حديثة. ان تأسيس حزب شيوعى يقوم على الاشتراكية العلمية تمثل عملية ارادية لجماعة من المثقفين المخلصين التى لم تتوفر لها القاعدة المادية والبشرية, يمكن وصفها بالانفعال والاقحام وبذلك ما ناضل من اجل هو حلم مستقبلى غير ملموس ولا يمتلك الاحقية التاريخية وكل ما طالب به يمكن اعتباره نوعا من الوهم. ان الحزب الشيوعى العراقى يعيد نفس تجربة الحزب الشيوعى السوفيتى الذى لم يقيم الشروط الموضوعية بشكل صحيح, وتصور ان الحزب القيادى المنظم مركزيا وايديولوجيا يمكنه فى عالم الصراعات الايديولوجية ان ينجح فى “بناء الاشتراكية فى بلد واحد.”

كان على الحزب الشيوعى العراقى, مع كل ايمانه بالاشتراكية العلمية, ان يحتفظ بها نظرية لتطوير العقل والادراك, ويعمل مع الاحزاب الاخرى على تحقيق مهام قضية الاستقلال الوطنى والديمقراطية,ويكون رائدا فيها , متجاوزا الحزب الوطنى الديمقراطى وحزب الاستقلال بوجهائه ونمطية التفكير والسلوك, وكان يمكن ان يكون اليوم فى وضع اخر على غير ما هو عليه. ان افواج الضحايا من المناضلين الاشداء الذى يفتخر بهم ويعزز بذلك ريادته للنضال واحقيته فى العمل الوطنى, كان يمكن الحفاظ عليها والاستفادة من افكارها وخبرتها النضالية.

ان السؤال الذى يجب طرحة بعد التجربة الكارثية للجبهة الوطنية الاشتراكية بقيادة صدام حسين, وانهيار الاتحاد السوفيتى ومنظومة حلف وارشو, بالاضافة الى انحسار مواقع الاحزاب الشيوعية الكبيرة فى فرنسا وايطاليا. ان قضايا فكرية فى غاية الاهمية يجب مناقشتها بكل حرية وجماهرية,ما هو موقف ودور الطبقة العاملة العراقية فى عملية النضال من اجل بناء جديد يقوم على العقل والمنطق والحداثة, هل ان الطريق الى المنطقة الخضراء ونيل رضى رجال الدين ورواد الطائفية والفساد, هو الطريق الصحيح!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب