11 أبريل، 2024 1:20 ص
Search
Close this search box.

فوضي الإنترنت

Facebook
Twitter
LinkedIn

اعترف بأن لكل جيل شخصيته المتفردة ولكل جيل ميول واهواء تختلف عما سبقه وبكل تأكيد ستختلف عمن سيأتي بعده.
واعترف ان أفيون هذا العصر هو الانترنت وبالتحديد وسائل التواصل الاجتماعي والتي تحولت الي وسيلة لتوجيه الرأي العام وللأسف تكون في معظم الأحيان بطريقة سلبية.

الخطير في وسائل التواصل انها فضاء فسيح بلا حدود وبلا سيطرة فكل انسان يمكنه أن يكتب أو ينشر ما يريد والوازع الوحيد الموجود هو الضمير الذي يختفي في معظم الأحوال.

أصحاب المصالح عرفوا من اين تؤكل الكتف وصاروا يستغلون صفحات التواصل لتحقيق مآرب شخصية وتحولت هذه الصفحات الي مصانع لإعداد قادة من نوع جديد،قادة في البلطجة والتزييف وقلب الحقائق.

اعرف بصفة شخصية مجموعة من الأشخاص بهم الكثير من النقص،تعاملت معهم عن قرب لسنوات طويلة واكتشفت مابهم من عوار وجهل ونقص في الوعي وبعد عن الدين الصحيح إلا أنهم علي صفحات التواصل أشخاص مختلفون تماما فأنت عندما تتصفح صفحة ما من هذه الصفحات لا تقترب من الشخص الحقيقي بل من مجرد كلمات وشعارات مزيفة لا يعرف مروجها معناها ولا خطورتها،هو مجرد آلة يتم استغلالها بصورة محكمة لتنفيذ مشروع معين.

أتعجب كثيرا من هذه الفوضى التي أصبحت ظاهرة جديدة علي المجتمع العربي ففي لحظة ما يتحول الكل الي وعاظ وحكماء وفي لحظة اخري يتحولون الي قضاة يستبيحون إطلاق الأحكام دون سند من ضمير او خلق او دين.

انت عندما تتابع صفحات التواصل الاجتماعي فأنت حينئذ تتعامل مع المجهول الذي لا يظهر بشخصيته الحقيقية أبدا ولا يمكن أن تتعرف علي الشخص الحقيقي فأنت مجبر طوال الوقت علي التعامل مع خيال او وهم وليس لك الحق في الاعتراض فهناك ملايين غيرك وافقوا علي هذه الطريقة في التعامل ورأيك مهما كان موضوعيا غير مفيد بالنسبة لمن يدير هذه الصفحات.

من وراء هذه الفوضى يعرفون جيدا كيفية استغلال الجهل والتخلف والفقر ويبدعون في صناعة تغييب الوعي او فلنقل تزييف الحقيقة وانصارهم من الجهلاء يدافعون عنهم بكل السبل الممكنة.

فالعورات مستورة خلف فضاء فسيح والذي ينصح ويؤجج مشاعر الناس ليس إلا وسيلة ضغط مباشر ولو كنت تعرف كاتب هذا الخبر او ذاك لابتعدت عنه ولكن الكارثة انك لا تريد أن تعرف.

شخص ما أعرفه بصفة شخصية وأعرف أنه لا يدخل المساجد مطلقا ويعد من آكلي حقوق الغير ولكنه شخص آخر علي صفحته الرسمية فهو ذلك الرجل الورع التقي الذي لا يترك مناسبة إلا وينشر حديثا شريفا أو جزء من أية قرآنية أو بعضا من أبيات الشعر فيتحول في عيون متابعيه إلي قدوة ومثل أعلى لأنهم لا يعرفون إلا ما يشاهدونه ولهم العذر في ذلك فعالم الانترنت عالم مخادع كاذب لا تعرف له وجها واحدا.

من منا لم يتعرض لموقف جعله يتعجب ويسخر من قدرة هذا العالم الخيالي علي تحويل المخادعين إلي قدوة ومن منا لم ينزعج بسبب هذه الفوضى المدمرة،فهي لعبة محسوبة ممن يديرونها لتدمير شعوبنا العربية ولتسطيح عقول شبابنا،فمنذ متي والثقافة أو الدين يتم اكتسابهما عن طريق الانترنت!!
من يجهل يفتي ومن يتعصب يحكم ومن يخادع ينتشر ويصبح له متابعين بالملايين في عالم كله وهم وخداع.

الحل لن يأتي من طرف واحد مهما عظمت قدرته فالكل مسؤول وعلي الدول العربية ان تعي جيدا كيفية التحكم في هذه السوق العشوائية فالهدف هو تدمير بلادنا بكل السبل الممكنة.

وكل صاحب صفحة تواصل اجتماعي حتي ولو كانت شخصية يظن أنه يمتلك ناصية الحق المطلق ولا يجوز انتقاده وبذلك يتسللون الي عقولنا للسيطرة عليها حتي نتحول رويدا رويدا الي مجرد أجساد خاوية لا تعي ولا تدرك ما يحاك حولها.

حفظ الله مصر جيشا وشعبا

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب