23 ديسمبر، 2024 12:52 ص

مايحدث في العراق لايمكن وصفه سوى فوضى ديمقراطية بكل ماتحمله الكلمة من معنى وهذا يعكس حجم الخطأ الكبير في تركيبة العملية السياسية منذ بدايتها في عام 2003 ولحد الآن والتي بنيت على المحاصصة الطائفية البغيضة التي أوصلت البلاد الى وضع التدهور الكبير في كل مفاصل البلد, ويكفي أن نطلع على عدد الأحزاب والكتل السياسية التي ستخوض الانتخابات التشريعية للبلاد في شهر مايس 2018 والتي تجاوز عددها المئتين حزب وكتلة وتجاوز عدد المرشحين الستة آلاف وخمسمائة مرشح , وهذه الأرقام تعكس مدى التخبط الذي تعيشه الطبقة السياسية في البلد وهي ترجمة خاطئة لمفهوم الديمقراطية الحقيقية ونتائجها ستكون سلبية على الناخب العراق الذي لن يستطيع الاختيار السليم لمن يمثله في قبة البرلمان بين هذا الكم الكبير من المرشحين ناهيك عن انعدام وجود برنامج انتخابي حقيقي للكتل والأحزاب الداخلة في المعترك الانتخابي كما هو معمول به في جميع الدول الديمقراطية في العالم, حيث لانرى في البرامج المطروحة غير شعارات فضفاضة لاتسمن ولاتغني من جوع ولم نطلع على أي برنامج رصين متكامل يضع رؤيا علمية وخارطة طريق للبلد في المستقبل, وهذا الذي يحدث كله بسبب تمسك الكتل والأحزاب السياسية بمصالحها الشخصية ومناصبها ومن أجل هذه المصالح فصّلوا قانون الانتخابات السيء الصيت المسمّى (سانت ليغو) على مقاساتهم وثبتوه بقوة وهو الذي يضمن بقاء الكتل الكبيرة الحاكمة ويسحق مصالح الكتل الصغيرة والمرشحين المستقلين الذين يدخلون العملية الانتخابية فرادا.
نتيجة هذه العوامل أرى نفسي متشائماً بشأن نتائج الانتخابات القادمة حيث أنني على يقين بأن الأمور ستبقى كما هي عليه ولن يحدث تغيير يذكر سوى بعض التغييرات البسيطة في بعض الوجوه واستبدالها بوجوه أخرى لغرض التجميل وتحسين المنظر وامتصاص غضب الجمهور الذي ضاق ذرعاً بهذه الوجوه الثابتة التي كتمت على أنفاسه منذ عام 2003 ولحد الآن والتي أوصلت البلاد الى وضع بائس في كل المجالات بفضل سوء أدائها السياسي وايثارها مصالحها الشخصية على مصلحة البلاد والعباد.
النتيجة المنتظرة بقاء الكتل الكبيرة مسيطرة على العملية السياسية واستمرار مبدأ حكومة الشراكة الوطنية أي (حكومة الطائفية البغيضة) وبقاء مجلس النواب على أدائه السلبي وغياب المعارضة الحقيقية تحت قبته بسبب مشاركة الجميع بالحكومة بمناصب تسوية وترضية وهذه المناصب كفيلة بإخراس صوت المعارضة وبالنتيجة النهائية سيبقى الاقتصاد العراقي يراوح في مكانه ويعاني من أنواع المشاكل ويبقى المواطن العراقي هو الخاسر الأكبر في هذه المعادلة الخاطئة.
ألمطلوب هو التثقيف العام لبدء مرحلة ضغط كبيرة للسنوات الأربعة القادمة لتغيير هذه المعادلة الخاطئة والضغط باتجاه تعديل الدستور العراق الذي فرض علينا وكتب بإرادات خارجية ويعاني من ثغرات خطيرة والضغط لتغيير قانون الانتخابات المعمول به ووضع قانون جديد يضمن العدالة لجميع المرشحين والكتل مهما كان حجمها ويضمن للناخب العراق حقه في اختيار الأصلح لتمثيله بشكل حقيقي والعمل على خلق معارضة حقيقية داخل البرلمان, وهذه المرحلة تحتاج لمساهمة الجميع فيها من منظمات مجتمع مدني ووسائل اعلام وطنية وجميع المثقفين وشيوخ العشائر ورجال الدين المعتدلين لتعبئة الشارع العراقي لكي نبني لمرحلة جديدة ونهيء مناخاً ديمقراطياً حقيقياً نتمكن به من ايصال من يستحق من الوجوه الوطنية والكفائات العلمية المستقلة الى الحكم ويأخذوا بيد البلد والمواطن الى برّ الأمان.