التحالف العالمي الأخير على الارهاب لنصرة العراقيين صدمت اركان القرار الايراني، وأربكت قيادات ولاية الفقيه للتيار الخميني، وهزت أحد أهم أسس استراتيجية التوغل الايراني في الاراضي العراقية والتاثير في سورية ولبنان وعوامل التخل الايراني في اليمن..
حيث اندفاع ايران لمعارضة مساعدة العراق والقضاء على مسخ الوهابية والقاعدة وهو داعش أكد لاطراف عديدة وحتى القيادة العراقية فضلا عن ما لدى الامريكان من معلومات من ان لايران يد في تنامي ظاهرة داعش، وكان هناك دهم معلن في معسكرات اللاذقية من قبل ايران وسورية لمثل هذه العصابات الارهابية لاجهاض تجربة العراق الديمقراطية بعد سقوط بغداد عام 2003، وتاثير القاعدة في المنطقة ضمن تحالف خطير على العرب والعالم وهو تحالف الاعداء المميت الوهابية والخمينية تحت سلطتي ولاية الفقيه وسلطة الخليفة .
حيث تحتم ستراتيجية ايران البقاء خارج ارضها لاسباب كثيرة وان استوجبت دعم الارهاب وبالتالي لديها اذرع اخطبوطية من افرع فيلق قدس والمسميات بالمليشيات، وان مثل هذا التحالف الدولي هو مرحلة مؤشرة لاعلان هذه المليشيات عوامل مساعدة للارهاب الى جانب اذرع القاعدة كداعش وان اقتتلا، وبالتالي فالنتيجة هي استقرار سورية والعراق ولبنان وهذا الامر لا يصب بمصلحة ايران الستراتيجية التي يعتمد وجودها الا على توتر العراق بالدرجة الاساس ومن ثم المنطقة العربية والخليج العربي بالدرجة الثانية ..
وهي ما يشبه خطة الحرب والعدوان داخل اراضي الخصم، وعدم السماح بنقل المعركة إلى داخل الكيان الايراني، الذي لا تسمح بنيته المدنية، نتيجة الصراعات المعارضات مع النظام ومنها المعارضة الدينية التي تقودها الحوزة في قم وتدعمها النجف الاشرف لانقاذ مذهب اهل البيت من تحريفات ولاية الفقيه، ولا تركيبته السكانية مؤهلة للانفجار بسبب نضالات شعوبها ومن ضمنهم شعبنا الاحوازي العربي المضطهد المظلوم، ولا استعداداته النفسية، نتيجة تدهور علاقات ايران الدولية وشبه فشل مشروعها النووي ولا تجهيزاته الداخلية بسبب ضعف في التقنية وقلة الموارد المالية وسوء المنتج الايراني الذي سوق الى سورية والعراق لاستهلاكه، حيث الوضع الايراني لا يتحمل تبعات ونتائج وتداعيات حرب تدور ضد الارهاب، ليتحول الامر الى تنفس للشعب الايراني التواق للحرية مما تعود مشاهد الاقتتال في الاقاليم المغتصبة والمناطق وشوارع طهران وقم اخيرا ..
حيث ادرك الايرانيون نتيجة لتنبيه التحالف الدولي لها، وبالاخص بعد قرارات دعم المعارضة السورية الحقيقية واشتراك دول عربية لضرب داعش في العراق وسورية لتظهر ايران بموقف محرج، وبما تم تحذيرها من أن الحرب القادمة ستكون على من يصر على وجود المليشيات لخطورتها على استقرار العراق من جهة ومن جهة اخرى الانطباع الدولي حول المليشيات بانها لا تختلف عن عصابات داعش وانها تجعل العراق وسورية ولبنان في دوامة الطائفية وان العراق ومستقبله خط احمر للطائفية بانواعها، لتكون المواجهات للتحالف الدولي القادم بقواعد مختلفة، ومغايرة لما سبقها.
وان السلوكية العراقية في الوزارة الجديدة اكدت هذه الرؤية، وهي في نفسي الوقت أخافت الإيرانيين وحلفاءهم ومليشياتهم وأقلقتهم، فالعراق ظهر بحكم الدعم الدولي انه خط احمر يمكن ان يساهم بدعمه كل الاطراف ولكن ليس للتدخل فيه أو الهيمنة عليه كما تريد ايران، لتكون المخطط الدولي ان يمتلك العراق جيشا نظاميا محترفا يساهم باستقرار العراق والمنطقة بل والعالم من خلال تحالفات دولية، ذي كفاءة قتالية عالية، ويبني قدراته الاستخباراتيّة، على مستوى عالي وعالمي، ومجهّز باحدث الطائرات والتقنية والاقمار الصناعية والمراقبة، ويدير شبكة حديثة للاتصالات ستطور بالتدريج باستثمارات وطنية عالمية، بل هناك ستراتيجية اعلامية ثقافية تأتي ضمن الحرب الدعائية والنفسية بين المتطورة المعتمدة على انهاض البنى التحتية، وأنها جاءت للتأثير على الروح المعنوية للاعداء ولمن يتدخل في شؤون العراق، والحط من نفسياتهم المهزوزة الخائفة.
وظهرت ايران مهزومة الموقف ساعية لتجد مكانة لها في التحالف الوطني على رغم توريطها لبعض الجهات المؤيدة لها برفض التدخل الدولي فتحملت الاحراج هذا في ادانتها عراقيا وعالميا من اجل موطئ قدم في التحالف لتواجه شروطا اكثر اهانة لها ولكنها كانت مجبرة على القبول ومنها رضوخ الحوثيين الى القرارات الدولية وان العراق خط احمر لتدخلاتها الا بما يرتضيه التحالف بحكم التقارب المذهبي وليس السياسي، حيث اوضحت ايران من خلال خطاباتها المحرجة وحضورها في الامم المتحدة في هذه المرحلة لا تملك أي سبب يدفعها لزجّ نفسها في مواجهة دولية او العناد في الوضع العراق او ملفها النووي، على رغم انها لا تهتم بضحايا حلفائها من المليشيات فيلق القدس في العراق الكارثية..
في الوقت الذي ما كان التحالف للعراق سياسيا وعسكرية ظهرت بوادر نجاحه على ارض الواقع، فأكدت القيادة العراقية على رغم الصداقات المتينة لبعض الاطراف مع النظام الخميني، ولكن من الواضخ فضلت المصلحة الوطنية هذه المرة بعد تيقنها من ان ايران ليست مفيدة لعراق مستقر مهما كانت العلاقات، ليتداول اصحاب القرار رد المرجع الاعلى السيد علي السيستناي الى خامنئي بعد أن اتصل بالمرجع الاعلى في موضوع التحالفات وتعيين رئيس الوزراء، بان يتركو العراق للعراقيين دون تدخل منهم فكان هذا الموقف للمرجعية العليا العالمية محرجا للايرانيين وداعما لتحالف متوازن لنصرة العراق ودعمه، لتصرخ القيادة العراقية بان تصورها السابق عن ايران كصديق وحليف بات بالفشل، وأن أحد أهم القواعد الاستراتيجية التي اعتمدتها في الدفاع عن نفسها قد سقطت، أو أنها أصبحت آيلة للسقوط، وأن الحكومة العراقية بصداقة وتحالف دولي باتت قادرة على تجاوز هذه القاعدة وإبطالها، فخبراتها تراكمت، وقدراتها تعاظمت، وروحها المعنوية في تزايد، وثقتها في نفسها ورجالها وشعبها باتت جداً كبيرة، رغم ما نسجل عليها من سلبيات من قبلنا نحن المثقفين الكتاب حرصا على العراق.
بدأ الإعلام الايراني يوضح هذا الفشل ويتحدث عن إمكانية ضعف التحالفات الايرانية او القضاء عليها لانها لم تنتج خيرا لاطرافها وبالاخص في العراق وسورية ولبنان، ، ولا يستبعد أن تقع أحداثٌ انتفاضات، في طهران ومناطق ايران المضطهدة ونشاط المعارضة المحموم المتاخم لمدن العراق ومخيمات اللاجئين، وبالاخص منطقة اقليم الاحواز المغتصبة، والمناطق القريبة جداً من الحدود الأيرانية، حيث الكثافة السكانية العربية الأكبر، الى جانب ملفات حقوق الانسان ونسبة الاعدامات الكبرى عالميا المتهمة بها ايران فضلا عن استخدامها لتدمير البيئة وملفات الابادة الاجماعية للشعوب المضطهدة .
كما لا يشطب الإيرانيون من حساباتهم الكتلة العربية الاحوازية الكبيرة، والتي بات عددها يناهز الخمسة عشر مليون الى جانب الاتراك والاكراد والبلوش، ويرى الكثير منهم أنهم إلى جانب كونهم قنبلة سكانية موقوتة، وهي قنبلة جداً خطرة بالنسبة لهم على المدى الاستراتيجي، فإنهم يشكلون خطراً أكبر في حال نشوب معارك على الأرض بين المعارضة والحكومة الايرانية، الأمر الذي من شأنه أن يعقد من الصورة المتوقعة، والتي تظهر حجم المأساة، وعمق الجروح، وفداحة الخطب لهذا النظام المتهرء الظالم لشعوبه وبالمتدخل لاسباب عنصرية في البلدان الاخرى ليعطي ايران صفة دولة ارهاب.
الايرانيون قد عادوا إلى الوراء عقوداً، وكأن الصراع قد بدأ من جديد، وعاد إلى مربعه الأول القديم، فأصبحوا ملزمين بحماية حدودهم كلها، مع العراق وتركيا، والخليج العربي وباكستان وافغانستان والدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتي والتي عاشت ايران على فتات تقنيتها لسنوات وباتت اليوم فاسدة، منها الغواصة الوحيدة والتقنية النووية التي عفا عليه الدهور وفسدت، فضلا عن اذربيجان التي تناشد المجتمع الدولي لعودة اراضيها المغتصبة من ايران، فيلزمها حماية شواطئها البحرية، ومصالحها في عرضه، فالخطر يتربص بها من كل الحدود، بسبب سياساتها التي بدت متهورة وعنصرية لا تلائم العص، وبات يتهددها من عرض البحر ومن عمق الأرض، وقد ينفذ إليها مستغلاً أضعف النقاط، وأقلها حمايةً وحذراً، الأمر الذي يجعل مستقبل هذا النظام في خطر، وبقاءه غير مستقر، وتفوقه في التحالفات الطائفية على غيره غير دائمٍ.
الاستراتيجية الدفاعية والقتالية الايرانية، ومخططات البقاء والحفاظ على الوجود، وكل سيناريوهات إضعاف العرب وهزيمتهم، تقوم على قاعدة ضرب الخصم في مواقعه من خلال المليشيات، واحباط قدراته في قواعده، وإفشال مخططاته في مهدها، وتصفية عقوله على الأرض كما حصل في العراق، من اطباء وطيارارين وعسكريين وعلماء وقادة راي، ومنع تطوير قدراته في الميدان وهذا هو وضع العراق وسورية ولبنان واليمن، والحيلولة دون احساسه بالراحة، أو خلوده إلى النوم أو الاطمئنان، وتعتمد سياسة مواصلة الضرب المفاجئ، والاستهداف الاستباقي، والاجهاض المبكر، الأمر الذي من شأنه أن يؤخر التجهيز والإعداد، وأن يربك الخطط والترتيبات، كما أنه يخلق اليأس والاحباط لكثرة عمليات الاستهداف المبكر والمفاجئ، وهذا واضح للمختصين من موقف ايران من التحالف الدولي على رغم ما تدعيه ايران ان العراق او سورية صديقة لايران، ليثبت عمليا ان هذا الادعاء فيه من النفاق الكثير .
ايران تدرك يقيناً أن المعادلة قد تغيرت، وأن قواعد المواجهات قد تبدلت، فهي تريد خوض معاركٍ لا تخسر فيها جنوداً، ولا تواجه فيها مقاومة، ولا تعترض عملياتِها أنفاقٌ ولا مفاجئات، ولا صواريخ تنطلق ولا عبواتٍ تنفجر، ولا يتأخر في حسمها أياماً، ولا يقع فيها جنودها أسرى، ولا مواطنوها رهائن، ولا يشكو منها مستوطنوها، ولا يتذمرون من طول أمدها، ولا يعانون من شواظها، ولا يضطرون فيها للهروب أو النزول إلى الملاجئ، ولا للهجرة من البلاد أو الهروب من البلدات، عندما تجند بشعارات طائفية المحتاجين والمساكين والايتام والجهلة في بلدان كالعراق تدعي انها صديقته، كما يفعل الجناح الثاني للارهاب وهي مسوخ الوهابية كالقاعدة ونغلها داعش، من اجل مصالحها، لكن الواقع يكذبها، وكوابيس التحالفات ويقظة الشعوب والعراقيين اليوم، توقظها.