يعيش العراق حالة من الفوضى في كل شيء, وملامح الدولة فيه تسير كما يقال بقدرة قادر, والتخبط والضبابية الإدارية فيه قائمة على قدم وساق.
المشكلة ان الفوضى الحكومية التي نشأت بعد 2003, تحولت الى فوضى اجتماعية ايضا, واختلال بالمنظومة القيمة لدى الفرد العراقي, التي كانت وحسب رأيي انها محكومة بأربع ضوابط, وهي (المنظمة الدينية, المنظومة القانونية, المنظمة العشائرية, والمنظمة الاخلاقية).
هذه المنظومات الاربع شهدت اختلال كل على حسبه, وتقريبا اكثر المنظومات الصامدة بقيت هي المنظومة الدينية, بفضل وجود المرجعية المباركة, واما ما عداه فشهدت تهاوي.
هذه الفوضى أدت الى ظهور فوضى في اسباغ الالقاب على بعض الافراد, وأصبحت هذه الالقاب تمنح على حساب القيم, فأعطيت الالقاب الاجتماعية (استاذ وشيخ) على من يمتلك مالا أكثر أو منصبا حكوميا أما ألقاب مثل إعلامي ومحلل سياسي وخبير امني وناشط مدني ومفكر ومثقف وغيرها, أعطيت على حسب السفسطة التي يمكن لمن يحصل على هذا اللقب, أن يلقيها في لقاء تلفزيوني او في جلسة عامة.
كما إن الوظائف الحكومية شهدت فوضى هي الأخرى, فالدرجات الوظيفة صارت هبة على حسب قرب الشخص من قيادات متنفذة, فيمكن ان يتحول الفرد من موظف في الدرجة السابعة, الى موظف في الدرجة الأولى أو الثانية.
هذه الفوضوية في منح الألقاب, أخذت تؤثر في أوساط المجتمع, وخصوصا في الجانب السياسي, وبناء الأفكار لدى العامة, فمن الممكن أن يخرج كاذب بصفة محلل سياسي, وهو يشرق ويغرب في تسقيطه لجهة ما أو لتسقيط الدولة, مستغلا مشاعر الناس وإحتياجاتهم, ليتهجم بأفكاره المسمومة, ممهدا الطريق لإسقاط التجربة الحديثة في العراق.
كما إن من تزيوا بزي شيوخ العشائر, وهم ليسوا أهلا لها, أيضا بدأوا ينخرون في جسد المجتمع العراقي, ويزيدوه أثقالا فوق ما يحمله من ثقل, وأصبحوا حجر عثرة ومشكلة أمام أي حلول ممكن أن تعالج قانونا.
هذه الفوضى العارمة في إسباغ الألقاب, تحتاج إلى وقفة جدية, من الدوائر ذات الشأن وخصوصا الفعاليات المجتمعية, للعودة الى المنظومات القيمية الأربع السابقة لأنها النجاح لبناء البلد.