23 ديسمبر، 2024 6:31 ص

فوضى الأمن في العراق إلى أين ؟

فوضى الأمن في العراق إلى أين ؟

بعد أحداث 11 سبتمر2001 في الولايات المتحدة الأمريكية ، وتعرض الأمن القومي الأمريكي لأكبر انتكاسة في تأريخه، من خلال تمكن تنظيم القاعدة تدمير برجي التجارة الدولية في نيويورك، جرت مراجعات عديدة لأساليب الأمن وفعالياتها، فضلا” عن طرح أسئلة كبيرة تتعلق بالأمن القومي الأمريكي، ومن بين المعنيين بالأمر، كتب رئيس جهاز المخابرات الأمريكية السابق ( جورج تنث ) 1998-2004 في مذكراته والتي افرد فصلا” فيها لإحداث 11 سبتمبر، إن السبب الرئيسي في تمكن تنظيم القاعدة تنفيذ اعتدائه ، يكمن في تعدد أجهزة الأمن ، وغياب وحدة القرار الأمني ، وعدم تداول المعلومات الأمنية بين أجهزة الأمن.
وبأثر ذلك ونتيجة لاستيعاب الدرس ، قامت الولايات المتحدة الأمريكية إبان فترة الرئاسة الأولى لجورج بوش الابن ، باستحداث وزارة للداخلية ، تنسق وتشرف على عمل أجهزة الأمن الأمريكية ، وهذه الوزارة الاتحادية لم تكن موجودة منذ تأسيس الولايات المتحدة منذ عام 1779.
العراق ومنذ 2003 وحتى يومنا هذا يدور في فلك الفوضى الأمنية ، والتي شخصها العديد من الأكاديميين والمتخصصين الباحثين في الشأن الأمني، واقترحوا لها المعالجات التي لم تأخذ بالحسبان.
وزير الداخلية المستقيل محمد الغبان ، يتحدث اليوم عن فوضى الأمن في العراق ويؤكد نفس الأسباب التي توصل إليها (جورج تنث )قبل أكثر من 10 سنوات ، وهي تداخل العمل الأمني في العراق ، وعدم إتاحة الفرصة لوزارة الداخلية القيام بمهامها الحقيقة ، في حفظ الأمن الداخلي ، كما نص عليه دستور جمهورية العراق 2005، وتكليفها بمهام قتالية هي من اختصاص وزارة الدفاع ، كما هو الحال مع الشرطة الاتحادية ، وبالعكس من ذلك تكليف وزارة الدفاع بمهام أمنية داخلية من اختصاص وزارة الداخلية ، كما هو الحال مع قيادة عمليات بغداد وهي غير مؤهلة لذلك .بذات السياق يشير الوزير محمد الغبان ، إن جهاز المخابرات الوطني ، أعلن بعد يوم من تفجيرات الكرادة ، القبض على خلية إرهابية داخل بغداد ، وهذا ليس من اختصاصه وعمله كما هو معروف لدى جميع المختصين ، واليوم أيضا” يصرح السيد حاكم الزاملي ، رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية ، أن السيارة المفخخة التي انفجرت في الكرادة ، قد تم تفتيشها في مدخل بغداد من جهة ديالى ولمدة 7 دقائق، ولكن المعلومات التي توفرت لهذه الجهة القائمة بالتفتيش لم يتم تداولها مع باقي الأجهزة الأمنية .
وهكذا يستمر العمل الإرهابي والتهديد الأمني ، بضوء هذه الفوضى ، وعدم وحدة القرار الأمني والتنسيق الرسمي ضمن قيادة أمنية موحدة ( كما أشار الغبان ) فضلا” عن عدم مهنية اغلب القيادات الأمنية ، وغياب الحرص والوعي والانشغال بالمغانم المتعددة ، والتدخل السياسي المحلي الغير مبررفي عمل أجهزة الأمن والتدخل الخارجي السلبي المفرط، كل هذه الأسباب وغيرها ، أدت إلى هذه الفوضى الأمنية المستمرة منذ عام 2003 وحتى يومنا هذا.