بودك ان تتلمس الأزدواجية المؤلمة التي نعيشها بأستمرار فور سماعك لخبرين يومياً كحد أقصى , حتى تتسلل الى سمعك تلك الكلمات الموهومة المغلفة بالامل شكلياً , كلمات ووعود تدغدغ الاذهان وتطير بك الى بر الامان , لكنها على الارض تبتعد كلياً عن الواقع الاليم الذي ينهش حاضرنا ومستقبلنا , فالواقع الامني في تردي مستمر والحل لازال مفقود , الطريف في تلك الازدواجية الوطنية عندما عرضت قناة العراقية اخبارها التي تسلسلت بتفجير هنا وتفجير هناك , حيث حصدت تلك التفجيرات العشرات من الابرياء الكادحين بين شهيد وجريح , في هذه الاثناء نشاهد تلك الصور المروعة والاصوات المختلطة بالدماء ثم حل علينا شريط احمر أسفل الشاشة على لسان القائد العام للقوات المسلحة يهنىء الشعب العراقي بفوز المنتخب العراقي بالبطولة العسكرية للعالم .
بعدها تتوالى القيادات العسكرية بالتهنئة على نفس العاجل الخجول اسفل الشاشة , الغريب في الامر امتزاج الصور المحزنة مع العاجل المفرح , والاغرب من ذلك هو تزامن فوز المنتخب التابع للعسكر مع الدور الهزيل من قبل العسكر في حفظ ارواح المواطنين . صورة قاتمة تتكون في رأس المواطن ففي لحظة الفوز والخسارة للقوات الامنية لانعلم كيف يؤول اليه الحال , وكأن المسؤول الامني في هذا اليوم يغمظ عين ويفتح الاخرى , فهو لايرى التردي الملحوظ في تلك الخطط الامنية بالمقابل يرى الانجاز الذي حققه المنتخب العسكري , شخصياً أعتقد ان سياسة الالهاء لازالت متبعة بكثافة في وقتنا الحاضر , فالمسؤول يصب جم اهتمامه بصرف نضر المواطن الى شيء وترك الشيء الآخر , فهاهو يهنىء الشعب بفوز قواته في نفس اللحظة التي تخسر فيها قواته في حفظ الأمن , تلك الازدواجية في التعامل مع الامور من قبل الحكومة جعلت الاوضاع المزرية تتحكم بعواطفنا وتثير اشمئزازنا بشكل دؤوب .
المهم هو أننا نشجع ونصفق ونفرح كثيراً لفوز المنتخب العسكري ببطولة العالم (ولاريب في ذلك) , لكن الاهم هو عدم انشغال القائد العام والقيادات الامنية بفوز المنتخب وخسارة الارواح .