في تقديري لايوجد خلاف كبير في سياسة روحاني الاصلاحي عن سياسة المحافظ ابراهيم رئيسي ، الا من الناحية الشكلية . حيث ان روحاني هو ابن النظام الاسلامي الايراني البار . . ومنذ مدة طويلة وهو يعمل في السياسة والمخابرات الايرانية . وبذلك فهو ينفذ سياسة النظام ، شأنه شأن منافسه المحافظ . كما ان القول الفصل في السياسة الايرانية تعود للسيد خامنئي الولي الفقيه ، وهو بالاساس يزكي المرشحين للانتخابات
ان مايجلب النظر اليه في الانتخابات الاخيرة ، ان غالبية الشعب الايراني قد صوتت باتجاه التهدئة للسياسة الايرانية من خلال عدم تأييد مرشح الحرس الثوري . .حيث ان روحاني يطرح السياسة الايرانية وخصوصا الخارجية منها باسلوب دبلوماسي مرن اكثر من منافسه . هذا من جهة ومن جهة ثانية فانه يظهر توددا للغرب ولامريكا ، رغم ثبات السياسة العامة الايرانية . . وقد كتبت احدى الصحف الاسرائيلية بان اسرائيل كانت ترغب في فوز المرشح المحافظ رئيسي ، لان خطابه الخارجي مستفزا ومعاديا بشكل ملحوظ للغرب ولامريكا ، على عكس الخطاب الودي للرئيس الاصلاحي
وعلى اي حال فاننا نرى ان السياسة الايرانية ستتجه باتجاه آخر غير الاتجاه السابق ، ليس لان روحاني الاصلاحي هو الفائز ، وانما لان الظروف الدولية والايرانية الداخلية قد تغيرت كثيرا ، خصوصا بعد وصول ترامب الى البيت الابيض ، وتقريبه لمستشارين جلهم من الشخصيات المناوئة للسياسة الايرانية. . ولذلك فان التشدد في مواجهة الولايات المتحدة ليس من مصلحة ايران . ونحن نعلم ان ايران بركماتية ، تعرف كيف تتقدم ومتى تنسحب ، حسب مصالحها . وعليه فانها لن تجابه الولايات المتحدة . كما انها ومن هذا الباب ايضا فانها لن تتورط في حرب مباشرة مع السعودية ، رغم علمها جيدا بانها اقوى كثيرا من العربية السعودية . . وانها تفضل الحرب بالانابة ، حيث ان لديها ميليشيات واحزاب موالية لها تستطيع ان تقوم مقامها في تنفيذ السياسة الايرانية في المنطقة ، دون الحاجة للصدام المباشر
ومن جانب اخر نجد ان روسيا تحاول دائما ضمان مصالحها في المنطقة دون الالتفات الى مصالح الدول الاقليمية مثل تركيا وايران . ولذلك فليس من مصلحة روسيا زيادة النفوذ الايراني في سوريا ، رغم انها بحاجة اليها الآن تكتيكيا لوجود مقاتلين موالين لايران في سوريا يستطيعون مسك الارض بدلا من ان تتورط بزج مزيدا من القوات البرية فيها .ولسان حالها يقول رحم الله امرئ اكتفى بغيره . . ولكنها في النهاية سوف لن تسمح لايران بالتواجد المكثف والطويل الامد ، خصوصا وان لروسيا الان مصلحة في التنسيق مع امريكا وعدم اغضابها ، وكل ذلك سيكون على حساب التواجد الايراني المستقبلي في سوريا
لقد اكدنا ان ايران لاتريد مواجهة مفتوحة مع امريكا ، لأن ثبات الموقف على الاتفاقية النووية هو من صالح ايران . وان فرض عقوبات اضافية عليها سوف يؤثر تأثيرا كبيرا على وضعها الاقتصادي والداخلي .حيث ان الشعب الايراني في تقديري سوف لن يصمد فترة اطول على مايعانيه الآن من بطالة وركود اقتصادي ، مع انتشار المخدرات في اوساط الشباب . . كما ان هناك محاولات متعددة الآن لتحريك قوميات وطوائف داخل ايران باتجاه التمرد والعصيان . وسنشهد قريبا رفع السلاح بوجه الحكومة الايرانية، يشجعهم في ذلك مايرونه من تفكك الدولة السورية وربما العراقية ورغبة الاقليات فيهما بالاستقلال . خصوصا وان البلوش وعرب ايران هم في حالة تأهب الآن للتمرد العلني ، تدعمهم في ذلك جهات ودول عديدة . ولذلك فانه ليس من مصلحة ايران تقسيم سوريا او العراق الى اقاليم . لان ذلك سينعكس سريعا على اوضاعها الداخلية واتجاهها باتجاه التقسيم هي الاخرى . وفي هذا خطر اكيد على وحدة اراضي الجمهورية الاسلامية ونظام الحكم فيها
من ذلك يتضح ان من مصلحة ايران في المستقبل المنظور التفاوض مع السعودية وحسم الملفات الاقليمية العالقة معها بالطرق الدبلوماسية ، كبديل عن المواجهة العسكرية . واستبعد هذه المواجهة لانها وكما اسلفنا ليس من مصلحة ايران ولا من مصلحة العربية السعودية . . كما ان الحرب الدائرة في اليمن ستتوقف على مبدأ لاغالب ولامغلوب ، كنتيجة طبيعية لتهدئة الاوضاع بين ايران والسعودية ، وكناتج للتحشيد الاقليمي الذي بلغ ذروته باجتماعات القمة العربية السعودية والخليجية والاسلامية مع الولايات المتحدة الامريكية
اما في العراق ، فان ايران تعلم جيدا بان امريكا سوف لن تتخلى عن العراق . . ولكن امريكا تريد ان تتعب ايران في العراق ، وتتعب العراقيين بايران . . وقد تحقق هذا فعلا . . ولكن يبدو ان وقت اللعب الاصلي قد انتهى بعد الانتصار على داعش في الموصل . ولانعلم كم هو الوقت الاضافي المتبقي من هذه اللعبة الدامية .