22 نوفمبر، 2024 10:51 م
Search
Close this search box.

فوز ترامب . . قراءة اولية للتداعيات المحتملة في منطقتنا 

فوز ترامب . . قراءة اولية للتداعيات المحتملة في منطقتنا 

لا اخفيك سرا اذا قلت انني لم اجد في كلنتون ولا في ترامب اية مواصفات شخصية تؤهلهم لقيادة الولايات المتحدة الامريكية . فكلنتون تبدو تائهة بسياساتها التوفيقية المتهافتة ازاء طموحات الدول الاقليمية والمنظمات الراديكالية . . وشخصيتها لا تعبر  عن  قدرة لادارة الولايات المتحدة ، رغم خبرتها بالسياسة الامريكية والعالمية .  وفي المقابل بدا ترامب كمهرج في سيرك عالمي .  واطروحاته العنصرية لا تبشر بخير وهو يميني متعصب  . ولا يملك كاريزما تؤهله ليكون رئيسا للولايات المتحدة .  وقد بدا كالجاهل بالعمل السياسي المطلوب . .  ومع ذلك فقد فاز ترامب في الانتخابات الرئاسية على غير ما هو متوقع . .  وقد سبق وان استغربنا من فوز رونالد ريغان  بالرئاسة . الا انه اصبح مع ذلك من افضل رؤساء الولايات المتحدة       

ان ترامب قد عدل من لهجته الاستفزازية خلال كلمته بعد فوزه بالانتخابات الا اننا لا زلنا نتسائل عن ما اذا كان باستطاعته ان يكون رئيسا حقيقيا يملاء البيت الابيض بقرارات مفيدة لامريكا وللعالم . فهذا ما سنراه في السنوات الاربع القادمة . وبعكسه فان نائبه سيكمل المسيرة اذا لم يستطع ان يحقق الحد الادنى من متطلبات الرئاسة الاميركية 

    ان التجربة التي خضناها مع الرئيس الديموقراطي اوباما رغم كونه عالي الثقافة ورجل سياسة الا انه ظل يراوح مكانه وقد كان سلبيا خصوصا تجاه الالام والمآسي  التي تتعرض لها منطقتنا حتى وصلت الى طريق مسدود . .  فقد  استشرست كل الاطراف الراديكالية بعضها تجاه بعض بحجج دينية مختلفة .  ولم تجن الشعوب الفقيرة المسالمة اية فائدة من هذا الاقتتال والحروب الاهلية .  خصوصا في سوريا والعراق وكذلك في اليمن وليبيا . . ان شعار السلام الذي حمله اوباما كان يجب ان ترافقه قوة لتحميه لا ان تترك الامور سائبة دون رادع كما شهدناها ولا زلنا .  
ان الاحتلال الامريكي للعراق قد سلب ارادة الشعب في تقرير مصيره . كما ان التدخلات الخارجية قد ادت الى انهيار الوضع الانساني حتى وصل الى الدرك الاسفل ولم يفلح مجلس الامن ولا مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة من ايقاف التداعيات المؤلمة في العراق وفي المنطقة .  اننا لم نكن نريد تدخل الولايات المتحدة في شؤوننا ولكنها المتسبب الاول في كل هذه الفوضى ويتوجب عليها اصلاح ما افسدته وهذا ما نصت عليه معاهدات واتفاقيات الامم المتحدة 
     ان مجئ ترامب على راس السلطة في الولايات المتحدة سوف لن يجعلنا سعداء في اوطاننا ، لاننا نعرف ان امريكا برغماتية تبحث عن مصالحها وربما سيجد ترامب ان من مصلحة الولايات المتحدة اطفاء الحرائق في هذه المنطقة بدل الانشغال بادارة ازماتها المتكررة .  وعلى كل حال فان المياه الراكدة والاسنة في المنطقة بحاجة الى من يحركها وقديما قالوا في الحركة بركة . او كما قال الشاعر . .  اذا انت لم تنفع فضر. فانما يرجى الفتى كيما يضر وينفع 
    : من خلال تصريحات ترامب  الانتخابية وتوجهات الحزب الجمهوري الذي ينتسب اليه فاننا نرى ان هناك تغييرات ستنشٱ في المنطقة  خلال السنة الاولى من رئاسته  ولعل اهمها الاتي 
      اولا . تحجيم الدول ذات التوجهات الاسلامية . مثل قطر والسعودية وايران وتركيا وتقليص نفوذها الى حد كبير 
       ثانيا .  التركيز على استقرار العراق من خلال اصلاح النظام السياسي القائم .  وان تعذر ذلك فسيذهب العراق الى الاقاليم شبه المستقلة في الجنوب والوسط والشمال اضافة الى كردستان . يضمها اتحاد كونفدرالي لا سلطة للمركز عليها الا بالسياسة الخارجية .         

ثالثا .   .  العمل مع روسيا لوضع حد للحرب الاهلية في سوريا .  وسينعم بشار الاسد بشهر عسل لن يطول كثيرا .  بعدها سيتم تقسيم سوريا الى دويلات مستقلة او شبه مستقلة يراعى فيها حقوق العلويين والاكراد اضافة الى حقوق العرب السنة       

رابعا .  .   عدم السماح لايران في البقاء مدة اطول في سوريا ولبنان .  لكون ذلك يمثل خطا احمر في السياسة الامريكية التقليدية .  ويمثل تهديدا لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة .  كما سيتم الحد من التدخل الايراني في العراق .  وسيجعل من العراق حدا فاصلا بين ايران والبحر المتوسط 
     خامسا .  .   عدم السماح لتركيا واردوغان على وجه الخصوص من تحقيق طموحاته في التوغل باراضي دول الجوار بحجة  المحافظة على الامن القومي .  والحد من سلطته في تهميش الاكراد والالتفاف على الحركة الديموقراطية بدواعي اسلمة المجتمع      

ان سياسة ترامب هذه ستصطدم عاجلا ام اجلا مع روسيا التي تبدو كحليف محتمل لترامب . وسنجد انفراجا في المرحلة الاولى .  الا ان المصالح المتناقضة لكل من روسيا وامريكا ستنهي هذا التقارب بين الدولتين المتنافستين وسنعود الى الحرب الباردة بينهما       

وعلى العموم فان الرئيس الجديد للولايات المتحدة اذا سار بطريق عقلاني فانه سيحقق التوازنات الاقليمية في العالم والتقدم الاقتصادي لامريكا .  .   اما اذا فشل في سياسته الداخلية اوالخارجية فان ذلك سيؤدي الى انحدار سريع للولايات المتحدة الامريكية  وضياعها كقوة اولى في العالم وبداية عهد جديد من التوازنات الدولية . عهد ما بعد الولايات المتحدة  

أحدث المقالات