19 ديسمبر، 2024 2:15 ص

تعيش فينا، تقتل طاقاتنا، تثبط طموحنا، تفقدنا بصيص الامل الذي بقي لنا، جعلتنا لا نرى الحياة الا بالون الرمادي، ولا نسمع صوت غير صوت الموت، انها الفوبيا التي نعيشها كشعب أصبح يخشى كل شيء، فأصبحنا شعب بلا حياة.
سنين مضت ونحن نخشى حتى الحديث بصوت عالي عن امنياتنا، عن رغباتنا، وحتى عن عدم قبولنا للأشياء التي نعتقد انها خاطئة، تعلمنا ان نسير خلف رغبات الحاكم، مهما كانت هذه الرغبات مضرة لنا، لا بل أصبحنا نجمل نزوات العائلة الحاكمة، حتى اورثنا هذه الطباع لأجيالنا. نخاف دائماً من كل شيء، اصبنا بفوبيا نقل الكلام، فصمتنا ورفعنا شعار (اسكت ان للحائط اذان) , اصبح الرجل منا يخشى ان يتذمرا مام زوجته, من قرارات الحاكم التي كانت تمس قوت يومه, لأنه يعتقد ربما تخبر السلطات عنه ان اختلف معها.
فتح هذا الجيل عينه، ووجد رجالا مطأطأ الرؤوس، لا تملك سوى كلمة حاضر، علمنا ابناؤنا الخوف من كلمة حاكم او رئيس او حتى كلمة شرطي في كثير من الأحيان، وضعنا امامهم محاذير كثيرة، وحفظناهم امثلة، لا تصنع الرجال، انما تعلم الخنوع منها ” صير هدان، وعيش لامك زمان، ” او ” الشهر الي ما الك بي لا تعد أيامه” وغيرها الكثير.
ربطنا الحاكم بالوطن، فكرهناهما معا، لكن كتمنا بغض الحاكم، وعكسناه على الوطن، لذلك كلما سنحت لنا فرصة اظهرنا هذا الكره على وطننا، ملقين باللوم كل اللوم عليه، وبررنا فعل الحاكم مهما كان ذلك الفعل مشين.
أصبحت علاقتنا بالوطن كرجل مخمور مع زوجته، متى ما احتسى الخمر وفقد عقله، انهال عليها ضربا، ومتى ما عاد الى رشدة اخذ يبكي في حضنها ويعتذر عما بدر منه، ووعدها بعدم العودة لهذا الفعل المشين مرة أخرى، لكن لمجرد ان يحل الظلام، ويحين وقت السكر، عاد لسوء خلقه.
ربما الحكومات المتعاقبة الفاسدة، هي من جعلتنا نعيش هذه الفوبيا المميتة، والمعرقلة للحياة، هي من افقدتنا الثقة بشيء اسمه وطن، فأخذنا لا نثق بما قد يأخذه منا، فهو لغاية الان يأخذ فقط، ولم يعطي للكثير منا، فاغلبنا لا يملك ارض فيه، وان ملكها فهي لا تزيد عن متر، ولا يسكن فوقها انما تحتها، بعدما يغادر الحياة.
حكومات متعاقبة منذ عشرات السنين، وهي تحاول ان تقطع حبل الود بين الشعب وارضه، وربما تكون قد نجحت الى حد كبير في ذلك، أصبح الانتقاص من الوطن امر مألوف جدا، وله الكثير من المؤيدين، بل أصبح الكثير منا يدافع عن دول واوطان أخرى غير وطنهم ويفتخرون بذلك تحت ذرائع مختلفة، فلم يعد الوطن يعني لهم شيء، سوى مكان لكسب العيش الاني.
فوبيا صنعها الحكام للشعب، فحرمتهم ان يروا الحياة بشكل أجمل، وجعلت حاجزا كونكريتيا كبير بينهم وبين من تهواه قلوبهم المجروحة.
انه الوطن، كيف نخشى ان نغمض العيون ونحن في حمايته؟! وكيف نغمض العيون ونحن نراه يسرق؟!
موطني .. موطني .. هل اراك ..سالما منعماً؟!

أحدث المقالات

أحدث المقالات