19 ديسمبر، 2024 3:23 ص

فوبيا الظلام فوبيا الظلام

فوبيا الظلام فوبيا الظلام

أحتجز في قبو مظلم على خلفية ظهوره العلني و هو يحمل مشكاة يدور بها في أزقة المدينة على الرغم من إن المدينة كانت ما تزال نائمة و لم تستيقظ من عتمتها إلى الآن !؟ , لم يجدي صراخه و تظلمه و هو يقاوم
أذرع ألعسس و هراواتهم الغليظة اللذين كانوا يقومون بواجبهم بتنفيذ أمر القبض الصادر من قائد الشرطة!.
اقتيد إلى محبسه بعد أن استنفذ قواه و خبا صوته الذي طالما لعلع بقوة تأييدا لحضرة  الضوء و انتقادا لاذعا لسطوة الظلمة و مريدوها ! . القي بعنف على أرضية بلاط القبو الذي كان ما يزال يحتفظ بدفيء من سبقوه وغادروا المكان و التهمة هي ذاتها دائما (تحدي سلطة الظلام)!!. هو يؤمن و بقوة أن عقودا من الظلام قد تبددها بارقة  أمل , و أن في الظلام تنمو مشاعر الكراهية و بها نخسر الكثير من إنسانيتنا و تهدر كرامتنا و خسارة ظلنا المرافق لنا  حتى القبر ليتلاشى بعدها و إلى الأبد ..
كان وحيدا وسط ذلك الظلام الموحش الرهيب , و فوق ذلك كله كانت أوجاعه تتصل بكل الأبعاد المكانية و الزمانية و تغلق عليه جميع المنافذ غير ألمحتمله هنا أو هناك  !. كان يتحسس الكدمات التي توزعت على جسده بشكل عادل و هو أيضا كان عادلا بتفقدها !.بعد عدة ليالي قضاها كان قد فقد الإحساس بالوقت و أجزاء الساعة و اليوم ..فكان يخشى في داخله لحظة الفرج غير الأكيد لأنه قلق من لحظة مواجهة جلالة الضوء بعد طول ليالي الظلام .. فتش جيوبه التي أهمل العسس تفتيشها فوجد علبة ثقاب كان يحتفظ بها إلى أيام الشدة كهذه !.. كانت النهارات بعيد لذلك وجد بان تلك العلبة خير أنيس في مرحلة احتباس النور هذه !. لذلك فقد اخذ يعد العيدان التي و جدها ثلاثون عودا بالتمام و الكمال !. هو يدرك تماما أن مرحلة الضوء ستكون اقصر قياسا لعمر الظلام الطويل و لكن لا بد من المحاولة !.. أعاد العيدان إلى محلها ليبدأ مرحلة النور اللحظي!. أشعل العود الأول لتتداعى سلطة الظلام و انهياره بشكل تام .. اخذ يحدق بارتياح تام إلى الوهج المتراقص جذلا .. لكنه بدأ القلق يتسرب إلى روحه المضيئة إلى عود الثقاب و هو ينحني و يهبط ذلك البصيص المسيطر تدريجيا إلى ان انطفأ تماما لتعقبه رائحة الدخان!. أعطى وقتا كافيا للمرحلة التالية التي قضاها في النظر إلى أعماقه و عبر عقله الذي بدا له أن سلطته و قوته مبالغا فيها بعد ان بدد هيبته عودا صغيرا منذ لحظات وجيزة من عمر الظلمة !. و أشعل الثانية و الثالثة و اخذ يدرك بأنه إزاء عدو من الممكن جدا هزيمته إذا توفرت إرادة النور!. أشعل عوده التاسع و العشرون لأنه قرر الاحتفاظ بالعود الثلاثين إلى مرحلة من مراحل النزاع الأزلي ربما ستكون  وطأته اشد !!. فجأة سمع صوت الأعقاب الحديدية الثقيلة تحدث جلبة و ضوضاء على الأرضية الإسمنتية و صوت لغط خارج القبو أعقبته أصوات السلاسل الحديدية و المزاليج تقعقع بعنف , ليفتح الباب بقوه و تنداح ثلة من الجنود إلى داخل القبو لتخلق في روحه التي كان للتو بدأ يستردها حالة من الهلع الشديد … أدرك للتو بأنه ينبغي كسر حجز الخوف و عدم
 الانصياع  للسلطة الظلامية وان الهزيمة في معركة ليست عيبا و لكن العيب  هو حينما تمتلك أدواة النصر فتفرط  بها كما فعل هو  .و أن التفريط بالعود الثلاثين ربما سيكون وسيلة الخلاص من تجبر قوى الظلام لو تم توظيفه بشكل صحيح و أن جدران الظلام هشة أمام حضرت الضوء  , و  أن النور وحده الذي يجد طريقه عبر الجدران الصماء و يتسرب الى جوف الظلام على العكس من  العتمة  .. وقف أمام الجنود بكل ثبات  و هو يحمل بصيص النور  المتوثب الكامن في  ذلك العود الذي  ينتظر الشحذ ,,, و أدرك أيضا   بأن  الخوف يقتل الروح….

أحدث المقالات

أحدث المقالات