23 ديسمبر، 2024 5:19 ص

رغم ان مصادر دبلوماسية في واشنطن أكدت بدء العد العكسي لنفوذ “داعش” ، وكشفت تلك المصادر عن ان التنظيم يعاني من ازمة داخلية حادة ، لا سيما انقطاع التمويل الخارجي عنه ، ما دفع بعض مرتزقته الاجانب الى الفرار والعودة الى بلدانهم عبر تركيا ، اضافة الى هروب 15 قياديا من التنظيم المتطرف كانت مهمتهم تنحصر في الامور المالية ، بما يحملون من اموال تقدر بملايين الدولارات .

اقول رغم ما اكدته تلك المصادر ، ورغم الفساد الذي اعترى قادة التنظيم وعناصره ، وهذا وحده كفيل بنحره من الداخل .. فان ما موجود على الارض وما يرتكبه من جرائم كل يوم يشير الى استمرار خطورة هذه العصابات الاجرامية.

احياناً هناك ملامح امل للخلاص من هذا التنظيم الذي جثم على صدر العراق وقطع عليه انفاسه .. فقد اعلن شاب ايزيدي خطبته على فتاة ناجية من قبضة داعش ، وهذه الحادثة تعتبر بصيص امل لأولئك الفتيات اللواتي تم اختطافهن من قبل التنظيم والاعتداء على بعضهن جنسياً وتم بيعهن في سوق النخاسة في واحدة من ابشع الجرائم ضد الانسانية في المتاجرة بالبشر ..

وفي الوقت الذي استعبد فيه أجلاف العرب والافغان ممن ينتمون الى داعش النساء من اقوام مختلفة ، فاق رجل الاعمال الكندي “ستيفن مامان” اشترى سبايا داعش من الفتيات المسيحيات والايزيديات لتحريرهن وعتقهن مما يعانين من عبودية جنسية على يد عناصر التنظيم المتخلفة ، هذا ما ذكرته مجلة فوربن بوليسي الشهيرة وواسعة الانتشار .. فقد عمل مامان على جمع مبلغ (500) الف دولار خلال شهر آب الماضي تمكن بها من انقاذ اكثر من (120) فتاة من الاستعباد الجنسي.

الذين يعيشون اليوم في كنف داعش يواجهون مشكلة جديدة هي تجنيد ابنائهم ممن هم في الدارسة المتوسطة والثانوية وبشكل اجباري ، وفتح معسكرات لتدريبهم على اعمال العنف والتفجير .. المعاناة التي يعيشها اهل الموصل لم يتوقعوها عندما دخل التنظيم الى المدينة في العاشر من حزيران عام 2014 حين هرعوا انذاك الى الشارع مرحبين بقدومه مصورين فلوله بالجوال اثناء استعراضها في شوارع الموصل وكأنهم فاتحون ..

اليوم فقط شعروا كم كانت تلك التصورات خاطئة .. وكيف انهم خدعوا من قبل التنظيمات المتطرفة وبقايا البعث ، “بان الخلاص من سطوة سلطة بغداد يكمن في تسليم المدينة الى داعش” . سجون داعش في نينوى تضم الاف المعتقلين غالبيتهم لا احد يعرف عنهم شيئا .. فقد اعلن التنظيم وللمرة الاولى اسماء الضحايا بإصداره قوائم تضم (2070) اسماً تم اعدامهم .. القوائم علقت على جدران مراكز الشرطة .. ربما بينهم بعض الطلبة الذين يرفضون التدريب والانخراط في صفوف التنظيم ، حيث اتهموا بانهم خونة يستحقون العقاب .

كنت قد اشرت الى بصيص الامل في انهاء وجود التنظيم الارهابي في العراق بجهود القوات الامنية مدعومة بالحشد الشعبي ومجموعات البيشمركة ، حيث اعلن مؤخراً بان النساء يلعبن دوراً محورياً في حرب المعلومات ضد داعش في مناطق ساخنة وخطرة للغاية .. ووسط تأكيدات تشير الى ان النساء اعطت معلومات ذهبية للقوات الامنية استثمرت من خلال عمليات نوعية اطاحت بالعديد من قادة وعناصر التنظيمات المتطرفة .

فقد اصبح وجود التنظيم ثقيلاً على الاهالي بعد ان مارس جرائمه بشكل واسع ، لعل واحدة منها فرض الاتاوات ، حيث قامت مفرزة تابعة الى ما يسمى (ديوان المال ) في التنظيم الارهابي بتبليغ الاهالي من اصحاب الاعمال بدفع الاتاوات باسرع ما يمكن محذرة المخالفين والمتخلفين عن الدفع بالاعتقال والسجن والجلد وعدم اطلاق سراحهم الى حين دفع ما بذمتهم .

وهذه الحالة والحالات الاخرى التي تحدثنا عن قسم منها في هذه المقالة والمقالات السابقة ادت الى تذمر وانزعاج كبيرين من قبل الاهالي ، قد يؤدي الى ثورة داخلية ضد داعش في الموصل طال انتظارها ، فقد ذكرت مصادر أمنية ان مجهولين نحروا عنصرين من داعش وسط الموصل حيث اختطفوهما من نقطة تفتيش تحت تهديد السلاح واقتادوهما الى جهة مجهولة ، ثم تم العثور عليهما منحورين وسط الموصل . وهذا مؤشر على ان المرحلة الحالية تمثل بداية النهاية لوجود التنظيم في العراق . اللهم ادفع عنا هذا البلاء. (وللحديث بقية) .