لقد واجهت البشرية حالات كثيرة عبر التاريخ تشابه ما يمر العالم به اليوم من وباء قاتل هو كورونا ( كوفيد 19 ) الاخطر بقدرته الفتاكة حيث يهدد حياة الملايين من البشر بسبب الانفتاح من حيث الاتصال السريع بين المدن والدول وبكثافة سكانية أكبر من أي وقت مضى، إذ يقترب عدد سكان العالم حالياً من 8 مليار نسمة، وهذا الرقم في تصاعد مستمر. ونحن نعيش أقرب فأقرب إلى بعضنا البعض و زادت حالات تفشي الفيروسات القاتلة وأصبح انتشارها سريعا من انسان لانسان اخرً،
ورغم كل المشاكل والخلافات والصراعات بين مختلف بني البشر لكن تبقى العلاقات الإنسانية سيدة الموقف في لحظة ما “إلأ عند اصحاب الدنيا والمال وفاقدي البصر والبصيرة “ويظل الرابط الأشمل الذي يحاول أن يتمسك به اصحاب الضمير الحي في اداء الواجبات تجاه الاخرين وهي مشاعر للنوازع الداخلية التي تدفع الإنسان إلى مساعدةِ الآخر، كالمظلوم، المحتاج، الجائع، المريض، المضطهد، الضعيف، الخائف … وقال رسولنا الكريم صلى الله عليه واله وسلم ” إرشادُك الرجلَ في أرضِ الضلالِ لك صدقةٌ، وبَصَرُكَ للرجلِ الرِّدِيءِ البصرِ لك صدقةٌ، وإماطتُكَ الحَجَرَ والشَّوْكَ والعَظْمَ عن الطريقِ لك صدقةٌ، وإفراغُكَ من دَلْوِكَ في دَلْوِ أخيك لك صدقةٌ “.
الانسانية فيها من القيم والتضامن والتآزر وتحمل في طياتها وسائل وإمكانيات المساعدة المختلفة، كما تتعدد فيها كافة سبل لمد يد العون للآخر رغم الصعوبات التي تواجه البعض، لكننا نراها لا تتوقف ، ليأخذ بيده إلى برِّ الأمان من يستطيع دون تمييزلانها هي النبع الإنساني الصافي، و القاسم المشترك بين بني الإنسان، الرباطٍ الاقوى بين الكائناتٍ العاقلةٍ على هذه الأرض . العطاء من أجل الصفات التي منحها الله للإنسان…ويعطي بلا توقف…و وبإخلاص…وحب ويمنح ما يملك من أحاسيس ومشاعر.. أن يكون شمعة يضيء للأخرين حتى في فيما هو بأمس الحاجة له فيها بكل ماتحمله الكلمة من معنى…لأن الانسانيه هي العطاء…وإذا وهبك الله بها كاملة…فستعطي ماتملك لمن لايملك .والحرية التي تتبجح بها بعض الدول عنوان الإنسانية فكيف لنا ان نكون احراراً من دون إنسانية؟ لربما نحن الآن بعالم أصبحنا فيه أقوياء لكننا لسنا أحراراً! وفي عالم نتبجح فيه بزمن الاختراعات والتطورات والتقدم ونتحدث عن الرقي والحضارة ولكن ضاعت في زمن وباء كورونا ، و لا نرى سوى تخريب أكثر من طرف الإنسان للإنسان نفسه، يدخل بالأسلحة لنشر السلام فيه، ولا يخذ السلام مبدئا ويقضي على الأسلحة المدمرة اولاً.
لقد حاولت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة بكل وضوح تحديد مساراتها تجاه العالم واستغلال نفودها لسرقة اموال العالم لصالحها ومحاولة تكريس وتعميم وفرض قواعد سلوك النموذج الغربي الهابط والخالي من القيم بدل المتنورة والمنفتحة والهادفة للخليقة على كثير من المستويات ، من استخدام كل الوسائل ابتداء من القوة العسكرية المباشرة ، توظيف منظمات الأمم المتحدة غطاء لإضفاء الشرعية، كذلك في تصميم وصفات جاهزة للأنظمة السياسية يعدها وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية لربط القروض المالية بمدى التناسق والانسجام مع قواعد النظام الدولي الجديد الذي بشر به القادة والمنظرون الغربيون بعد الحرب الباردة وشرطا للقبول بالدول في عضوية المجتمع الدولي.
الانسانية توحد المشاعر والعواطف السامية والنبيلة التي تكرس الرحمة في قلوب البشر تجاه بعضهم البعض وتحثُّ الإنسان أيًّا كان لونه ودينه وجنسه على الشعور والتعاطف مع أخيه الإنسان في أي بقعة من بقاع الأرض، وكأي مصطلح حديث جاء من الغرب ونتيجة الاحتكاك بالثقافات الأخرى.ولو طبيقت بشكل الصحيح فان العلاقات الإنسانية المفقودة بين الدول سوف تنموا بأحسان نحن المعالي ولا غبار عليها
ان ازدهار الإنسانية وتقدمها يتجلى في كيفية الحفاظ على أرواح البشرية من الموت والدمار، يكمن في صون كرامتها وضمان حريتها، والحرص على ضمان العيش لجميع أفرادها بسلام وتسامح وأمان. لتسقىي إذن وردة إنسانيتنا وتزرع بذورها بأجسام صغارنا الخصبة، لنعلمهم أن قيمة الإنسان في مدى احترامه للغير، لعلنا نقترب من الإنسانية من جديد، فشوك الورد لا يؤذي الورد لكي ينمو، فكيف للإنسان أن يؤذي إنسانا من أجل تقدم حضارته! متى ابتعد الإنسان عن إنسانيته؟