23 ديسمبر، 2024 9:28 ص

يقول البابا بنديكتوس السادس عشر في تعريف الدبلوماسية بانها (فن ابتكار الامل) ولا اريد مناقشة دقة التعريف بمقدر الاستناد عليه في ما اريده من هذه السطور , بلحاظ هذا التعريف ارى ان نسبة 98% من الجيل السياسي الحالي لا يجيد فن ابتكار الامل وبالتالي هو يفتقر الى الدبلوماسية , وهنا لا بد ان نعرف مقدار الفهم المتحقق لدى السياسيين لمصطلح (الدبلوماسية) والذي يشير في تطبيقاته اليوم الى وسائل اجراء المفاوضات بين الامم ويشمل صياغة السياسات للامم ورجالاتها وعندما يفشل التفاوض فان الحرب تنشب والفوضى تعم والازمات تتوالى , فهل ثمة وجود تطبيقي لهذا المصطلح في الفعل السياسي لرجالات السياسة عندنا في تصريحاتهم في كتاباتهم في ازماتهم في حواراتهم في اجتماعاتهم ام انها تغفو لفترات طويلة ثم تصحو بعد ان ترتب على غيابها الكثير من المعاناة , الواضح ان هذا الجيل من السياسيين (الاغلب) مبدع في الدبلوماسية في حال تعلق الامر بمصالحهم ومنافعهم ومراكزهم وغير مبدع في حال تعلقها بالصالح العام للبلد , وهذا يشير الى رسالة واضحة يعيها جميع المتابعين للمشهد العراقي فطبيعة التجاذبات الحاصلة في المنظومة السياسية العراقية تئن بعدا عن الامل وبالتالي تئن بعدا عن الدبلوماسية وقربا من احتدام الصراع وقربا من اليأس وبعدا عن الضوء في اخر النفق , والا بماذا نفسر ضياع المليارات من واردات هذا البلد وبماذا نفسر تراكم الازمات وبماذا نفسر التسقيط السياسي الحاصل بين المتصارعين وبماذا نفسر تغيير بوصلة الاسلام السياسي بجعل العقيدة الدينية ايديولوجيا سياسية وبماذا نفسر الاحتيال على الديمقراطية وربطها فقط بالانتخابات وبماذا نفسر دور الخارج في الداخل العراقي وبماذا نفسر حضور الفهم المتداخل بين فقرات الدستور وبماذا نفسر التداخل بين السلطات الثلاث والذي يؤدي الى وجود عناد يسحق الامل ومصالح الوطن وبماذا نفسر غياب التكنوقراط في مناصب تستوجب وجوده وبشدة وبماذا نفسر صعود من لا يجيد السياسة الى منصة السياسة والتي يشكل عمودها الفقري الدبلوماسية , فهل تكفي القدرة على الحديث في تسيير الامور وهل يكفي الغمز واللمز لكي نقول فلان دبلوماسي والاخر لا , وارى ان على جميع السياسيين في عراقنا ان يأخذوا اكثر من كورس مركز في ميدان الدبلوماسية وايضا في مجال الانتماء للوطن كي يصلوا بنا الى بر الامان وبالتالي فتح نافذة للامل من خلالها نستنشق هواء خال من دخان التهور والانفجارات.