الاتفاق مطلق على ان التاريخ هنالك من تلاعب فيه فاصبح الباحث امام مسؤولية جسيمة الا وهي التحقق من الرواية قبل النقل ، وهنالك روايات لكثرة تناقلها بين مختلف شرائح المجتمع اصبحت من الصعوبة رفضها بالرغم من ان الشبهات تشوبها . وفي نفس الوقت سمعنا مرارا وتكرارا عن مشروع اعادة كتابة التاريخ وهذا المشروع محفوف بالمخاطر لان التاريخ لا يكتب بارادة سلطان .
البحث عن سيرة السيدة زينب عليها السلام يتطلب الجهد والدقة والصعوبة في التاكد من صحة الروايات وذلك لشحة المصادر فقد ذكر العلامة جعفر النقدي في مقدمة كتابه زينب الكبرى هذه العبارة : «لمَّا لم أجد مؤلفاً خاصاً بالمعصومة الصغرى سيدتنا ومولاتنا زينب الكبرى (صلوات الله عليها وعلى أبيها) يبين تفصيل أحوالها ويشرح فضائلها ومناقبها ومزاياها التي خصَّها بها الباري تعالى سوى الكتاب الفارسي المسمى بالطراز المذهب» وهذا الكتاب اصلا عليه مؤاخذات لانه لم يعتمد على مصادر موثقة في بعض رواياته ومنها ما يخص زينب عليها السلام.
مثلا بخصوص ولادتها كتب النقدي( ت 1370هـ): ولنا التعقيب بعد النص “كانت ولادة هذه الميمونة الطاهرة (زينب عليها السّلام) في الخامس من شهر جمادى الأولى في السنة الخامسة او السادسة للهجرة على ما حققه بعض الافاضل و قيل في شعبان في السنة السادسة للهجرة، و قيل في السنة الرابعة، و قيل في أواخر شهر رمضان في السنة التاسعة للهجرة و هذا القول باطل لا يمكن القول بصحته لان فاطمة «ع» توفيت بعد والدها في السنة العاشرة او الحادية عشرة للهجرة على اختلاف الروايات فاذا كانت ولادة زينب في السنة التاسعة و هي كبرى بناتها فمتى كانت ولادة ام كلثوم و متى حملت بالمحسن و أسقطته لستة أشهر، ..) ونقل رواية في كتابه ليؤكد ان زينب عليها السلام كانت كبيرة ونص روايته ان فاطمة عليها السلام (حملت الحسن على عاتقها الايمن و الحسين على عاتقها الايسر و اخذت بيد ام كلثوم اليسرى بيدها اليمنى ثم تحولت الى حجرة أبيها (ص) و أم كلثوم هذه ان كانت هي زينب «ع» فذلك دليل على انها كانت كبيرة، و ان كانت اختها فذاك دليل على ان امها (ع) تركت زينب لتنوب منابها في الشؤون المنزلية فهي كانت كبيرة اذن…”
اقول : اذا كانت زينب كبيرة فهذا يعني ان عمر الحسنين بين سبع وتسع سنوات فكيف تحملهما على عاتقها ؟
وانا استبعاد ولادتها سنة تسعة للهجرة فانا اراه غير موفق في الاستبعاد بالاعتماد اقوى وذلك اولا بخصوص ولادة ام كلثوم والمحسن فان احتمال ولادة ام كلثوم بعدها وارد بالرغم من ان هنالك من له راي اخر بانه لم تلد الزهراء سلام الله عليها ام كلثوم ولكن اذا ولدت السيدة زينب في شعبان من السنة التاسعة فبعدها بتسعة اشهر وحتى اقل من ذلك وعليه يمكن ان تلد ام كلثوم اي في شهر جمادى اول للسنة العاشرة من الهجرة، ومن بعدها اسقاط المحسن في حادثة الدار في شهر ربيع الاول للسنة الحادية عشر من الهجرة .
ثانيا هنالك ثلاث حوادث لم يذكر التاريخ اي دور لزينب عليها السلام وهي حادثة الكساء وهي في السنة التاسعة على اغلب الروايات ولم تكن معهم زينب وهذا يعني اما انها لم تولد او ولدت وعمرها اشهر، وحادثة المباهلة ايضا خلت من زينب عليها السلام وهذا يعني انها طفلة ، وحادثة استشهاد الزهراء عليها السلام فالروايات تذكر الحسنين عليهما السلام فقط في الحادثة وهذا يدل على ان زنيب كانت طفلة لم تتجاوز السنتين .
زينب التي قال عنها الامام السجاد انها عالمة غير معلمة يعني ان علمها من الله عز وجل وهي اول معصومة من البنات ولدت لابوين معصومين وهذا يمنحها ايضا العصمة فعدم وجودها في تلك الحوادث دلالة على انها ولدت سنة تسعة للهجرة .
ولايسعنا الحديث للتعقيب على روايات اخرى ذكرت في سيرتها عليها السلام غير صحيحة والموثق والمؤكد بالمصادر فقط وقفتها في واقعة الطف التي تعتبر محطة بارزة وثقت وثبتت وقائع الواقعة .