23 ديسمبر، 2024 3:48 م

فلنشترك جميعاً بتعريف العالم بالثورة الحسينية

فلنشترك جميعاً بتعريف العالم بالثورة الحسينية

ان الثورة الحسينية هي حلقة من حلقات الرسالة المحمدية السمحاء التي أرسلت لتنقذ البشرية من ظلمات الكفر الى نور الإيمان الذي يتجسد بطريق محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين ، فقد مرت هذه الثورة بمراحل عدة كان أولها في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكذلك زمن الإمام علي (ع) وسيدة النساء فاطمة عليها السلام والإمام الحسن عليه السلام ، فكانت هذه المرحلة لتهيئة الأمة وتعريف الناس بأحقيتها وحتمية حدوثها نتيجة الإنقلاب الذي سيصيب الأمة وقد أخبر العلي القدير بذلك ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل أنقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين )…. ( 1 ) ، وقد أكد رسول الله (ص) على هذه الثورة في عشرات الاحاديث التي تخبر بهذه المأساة الأليمة وما يجري على سيد الشهداء عليه السلام وعترته الطاهرة ، (عن عبد الرحمن بن الجوزي عن رجاله عن عائشة قالت دخل الحسين على النبي (ص) وهو غلام يدرج فقال أي عائشة ألا أُعجبك لقد دخل عليّ ألفا ملك ما دخل عليّ قط فقال أن أبنك هذا مقتول وأن شئت أريتك من تربته التي يقتل بها فتناول ترابا أحمر فأخذته أم سلمة فخزنته في قارورة فأخرجته يوم قتله وهو دم ، وروى مثل هذا عن زينب بنت جحش) …. ( 2) .
وقد أاكد أمير المؤمنين عليه السلام على تعريف الأمة وتهيئة الأجواء لهذه الثورة العظيمة التي بها ستستنير الأمة طريقها وتعود ثانيةً لطريق الحق القويم وهو ولاية أمير المؤمنين عليه السلام ، عن عبد الله أبن يحيى قال دخلنا مع علي (ع) الى صفين فلما حاذى نينوى نادى صبرا أبا عبد الله ـ فقال دخلت على رسول الله (ص) وعيناه تفيضان فقلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما لعينيك تفيضان أغضبك أحد قال لا بل كان عندي جبرئيل فأخبرني أن الحسين يقتل بشاطيء الفرات فقال هل لك أن أشم من تربته قلت نعم فمد يده فأخذ قبضة من تراب وأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضت وأسم الأرض كربلاء فلما أتت عليه سنتان خرج النبي صلى الله عليه وأله  مع سفر الى سفر فوقف في بعض الطريق وأسترجع ودمعت عيناه فسئل عن ذلك فقال هذا جبرئيل يخبرني عن أرض بشط الفرات يقال لها كربلاء يقتل فيها ولدي الحسين فقيل ومن يقتله قال رجل يقال له يزيد وكأني انظر الى مصرعه ومدفنه فرجع عن سفره حزيناً وصعد وخطب ووعظ والحسن والحسين بين يديه فلما فرغ وضع يده اليمنى على رأس الحسن واليسرى على رأس الحسين ورفع رأسه الى السماء وقال اللهم أن محمداً عبدك ورسولك ونبيك وهذان أطائب عترتي وخيار ذريتي وأرومتي ومن أخلفهما في أمتي وقد أخبرني جبرئيل أن ولدي هذا مقتول مخذول أللهم فبارك له في قتله وأجعله من سادات الشهداء اللهم لا تبارك في قاتله وخاذله فضج الناس بالبكاء في المسجد فقال النبي صلى الله عليه وآله أتبكون ولا تنصرونه ثم رجع وهو متغير اللون محمر الوجه فخطب خطبة ثانية موجزة وعيناه تهملان دموعا ثم قال أيها الناس أني خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض وأني أنتظرهما ولا أسألكم في ذلك إلا ما أمرني ربي أن أسئلكم في القربى فأنظروا الا تلقوني غداً على الحوض وقد أبغضتم عترتي وظلمتموهم ….)…..(3)، وكذلك الإمام الحسن عليه السلام الذي نهج منهج جده رسول الله (ص) وأبيه أمير المؤمنين عليه السلام في تعريف الأمة بهذه الفاجعة الأليمة التي ستقدم عليها بعد أنحرافها عن دين الإسلام المحمدي الأصيل.
 قال الإمام الحسن (ع) (…. لا يوم كيومك يا أبا عبد الله ، يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل يدعون أنهم من أمة جدنا محمد ( صلى الله عليه وآله) ، وينتحلون دين الإسلام ، فيجتمعون على قلتك ، وسفك دمك ، وأنتهاك حرمتك وسبي ذراريك ونسائك ، وأنتهاب ثقلك ، فعندما تحل ببني أمية اللعنة وتمطر السماء رمادا ودما ويبكي عليك كل شيء حتى الوحوش بالفلوات والحيتان في البحار )…..( 4) ، ومن الأسباب المهمة التي ذفعت الإمام الحسن ع بالتحرك نحو عقد الصلح مع معاوية هو المحافظة على البقية الصالحة من الأصحاب الذين سينصرون الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء كحبيب بن مظاهر الأسدي ومسلم بن عوسجة وبرير بن خضير وغيرهم ، فقد كانت المرحلة الأولى تهيئة وإخبار وتحذير لهذه الأمة من هول المصاب نتيجة الإنحراف الكبير الذي سينخر جسد الأمة الإسلامية نتيجة إبتعادهم عن الخط المحمدي الأصيل ، وبعد هذه المرحلة ابتدأت المرحلة الثانية وهي مرحلة اثارت التساءلات في عقول المجتمع المسلم وأبتدأت برفض الإمام الحسين عليه السلام لبيعة يزيد وكانت صرخته التي دوت في سماء المدينة وأنتشرت ما بين جزيئات الهواء الى كل المعمورة ( أيها الأمير ! إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة وبنا يفتح الله وبنا يختم ويزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحترمة معلن بالفسق ومثلي لا يبايع مثله …..)….(5) ، وبعدها توجه الى مكة المكرمة التي تقع في الطريق المغاير الى كربلاء وتبتعد عن المدينة أكثر من 400 كيلو متر ومعه جميع أهل بيته رجالهم ونساءهم وأطفالهم ، ومن ثم ترك مكة المكرمة متوجهاً الى كربلاء في يوم التروية حيث يتوجه الحجاج الى عرفة ولكنه توجه الى أرض الشهادة والإباء ، كل هذه الأسئلة هزت الأمة وبقت تحرك ضمائر المسلمين الى يومنا هذا ، وبعد هذه التساءلات التي أثارها الإمام الحسين عليه السلام في ضمائر الأمة قام بثورته العظيمة في صحراء كربلاء والتضحية بكل ما يملك من أجل أيقاظ الأمة وأرجاعها الى ولاية أمير المؤمنين عليه السلام ، وبعد هذه المرحلة أبتدأت المرحلة الثالثة التي قامت بنقل هذه الثورة من رمال كربلاء الى العالم الإسلامي بكل مأسيها وأحزانها واستهتار الطغمة الحاكمة وأتباعها بدماء الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه النجباء ، وقد قاد هذه المرحلة الإمام زين العابدين عليه السلام وعمته الصديقة الصغرى زينب بنت علي عليهما السلام التي أبدعت بهذا الدور ونجحت بهذه المهمة أفضل نجاح ، وقد كانت بحق وزيرة الإعلام المحمدي الأصيل التي عرت الحكومة الأموية الفاسدة وجميع قياداتها كيزيد وعبيد الله بن زياد ، وبعد هذه المرحلة أبتدأت المرحلة الرابعة التي بها تم الحفاظ على وهج الشعلة التي أوقدها أبا الأحرار الإمام الحسين عليه السلام على رمضاء كربلاء من  أجل أرشاد الامة الى طريق الهدى والحق ، وقد أبتدأ بهذه المرحلة الإمام زين العابدين عليه السلام ومن بعده جميع الأئمة الأطهار عليهم السلام الى الإمام الحجة بن الحسن (عج) ، فقد أصبحت كربلاء وما جرى في يوم عاشوراء القضية المركزية التي طرحها جميع الأئمة عليهم السلام ورفدوها بالأفعال والأقوال والتقرير فكان التسبيح بتربة كربلاء والسجود على تراب كربلاء والدعاء تحت قبة سيد الشهداء والزيارة تشد الى كربلاء والحزن والبكاء ولبس السواد بل الجزع على مصاب سيد الشهداء عليه السلام وقد دعم الأئمة المعصومون جميعهم بالمئات بل الألأف من الأحاديث المعتبرة التي تجسد هذا الإهتمام العظيم من قبل أئمتنا الأطهار على الثورة الحسينية العظيمة ، وقد دفعوا الموالين الى الزيارة مهما تكن الظروف حتى وأن تطلب الأمر بذل المال والنفس  ، وبعد غيبة الإمام الحجة بن الحسن (عج) ابتدأت المرحلة الخامسة التي قادها العلماء والمراجع وجميع الموالين ، فقد أكد جميع علمائنا على عاشوراء الإمام الحسين عليه السلام بل أتفقوا على مقولة كل ما لدينا من عاشوراء أي لولا عاشوراء لم يبقى ذكر للإسلام المحمدي الأصيل ، وقد أكد جميع العلماء على إقامت الشعائر الحسينية ودفع الموالين لإقامتها في جميع الظروف وبذلت التضحيات الجسام من أجل الحفاظ على هذه الثورة العظيمة ، وهكذا وصلت الثورة الحسينية إلينا من خلال هذا الجهد العظيم الذي قام به جميع المعصومون أبتداءاً من رسول الله صلى الله عليه وآله الى الإمام الحجة بن الحسن (عج) وكلك علمائنا والموالين ، وما علينا الأن إلا أن نقوم بواجبنا وننقل الرسالة الى الأجيال القادمة بل الى جميع شعوب العالم من خلال طرق الأتصال المختلفة كالفضائيات والأنترنيت ووسائل الأتصال الإجتماعي المختلفة كالفيسبوك ووتس آب وغيرها وعمل الأفلام التي تبين وتوضح مآساة الطف وما قدمه الإمام الحسين عليه السلام من تضحيات ومبادئ وأهداف وغايات نبيلة تدفع الإنسانية الى الرفاهية والحياة الحرة الكريمة ، ومن الطرق السهلة وذات الفعالية العظيمة هو رفع الزائرين أعلام بلدانهم في الزيارات المليونية كزيارة الأربعين وعاشوراء والنصف من شعبان ، وكذلك رفع أعلام الدول التي يشارك أبناءها في هذه الزيارات في منطقة ما بين الحرمين ، حتى تثير هذه الأعلام التسائلات لدى الشعوب على الأسباب التي أدت الى رفع أعلام بلدانهم في كربلاء ومن خلال هذه التسائلات نصل الى مبتغانا وهو تعريف البشرية بمأساة كربلاء ومن ثم توضيح طريق محمد وآل محمد الذي أكمل به الله سبحانه وتعالى الدين حيث قال ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) ….( 6) ، فلنشترك جميعاً في نشر راية الإسلام الحق الى جميع أرجاء المعمورة عن طريق تعريف البشرية بالثورة الحسينية العظيمة حتى نهيء الأجواء لظهور الإمام الحجة بن الحسن (عج) وعندها يقيم ما أراده الإمام الحسين عليه السلام من ثورته وهو تطبيق دين الله القويم لكي تنعم البشرية بالسعادة الأبدية .

(1) سورة آل عمران آية144  (2) مثير الأحزان- أبن نما الحلي ص9 (3) مثير الأحزان – أبن نما الحلي ص 9 (4) الآمالي – الشيخ الصدوق ص177(5) بحار الأنوار- العلامة المجلسي ج44ص325 ، اللهوف في قتلى الطفوف- السيد أبن طاووس ص17(6) سورة المائدة آية 3