23 ديسمبر، 2024 7:17 م

فلم (المسألة الكبرى)  للمخرج محمد شكري جميل والمتظاهرين الشباب من ابناء العشائر

فلم (المسألة الكبرى)  للمخرج محمد شكري جميل والمتظاهرين الشباب من ابناء العشائر

نلجأ الى وسائل الاتصال المعروفة قديما وحديثا والتي تختلف باختلاف الزمان والمكان حتى نكثف ونلخص حدثا تاريخيا مهما في حياة شعب اودولة او امة ما لكي نقدم ذلك الحدث والذي نعتقد باهمية مساهمته في البناء المستقبلي لاجيال لم تعاصر او تعايش ذلك الحدث فاذا كان الشعر الملحمي والخطابة و التدوين والنقل المتواتر عبر الرواة  والرواية باشكالها تعتبر من الوسائل المهمة قديما والى حد ما حديثا  فان هذه الوسائل لم تعد تلبي حاجات هذا الزمن اذا ماقورنت بوسائل الاتصال الحديثة لاسيما بعد الثورة المعلوماتية الحديثة وان تاثيرها سيكون محدودا اذا ماقورنت بفلم على اليوتوب في الحاسوب فالفلم الذي يبث عبر الفيسبوك او تويتير ينتقل كالنار في الهشيم ويحدث تأثيرا يتجاوز خطبة او قصيدة شعر او محاضرة في قاعة او ميدان لذا يلجاء البعض من الخطباء والشعراء والكتاب الى استخدام وسائل الاتصال الحديثة من اجل تحقيق اهادفهم بايصال مايريدون ايصاله الى قاعدة عريضة من المتلقين .
ان مايعيشه الشعب العراقي اليوم من حراك سياسي واجتماعي واقتصادي يهدف الى تحقيق اهداف باتت معروفة من خلال التظاهرات والاعتصامات التي انطلقت في محافظة الانبار وانتشرت في باقي المحافظات العراقية الاخرى يدعونا الى ن نكثف ونلخص ونستنهض الانتفاضات والاعتصامات والثورات التي قام بها ابناء هذا الشعب عبر التاريخ القديم والحديث لكي نقدمها الى جيل الشباب كدروس يستنبطون منها ماهو ضروري وما هم بحاجة اليه لاسيما ونحن نرى ان التاريخ يعيد نفسه  ولكن علينا ان نقدم هذه الاحداث بما ينسجم مع روح العصر الذي نعيش فيه ، نعتقد ان ثورة العشرين التي خاضها ابناء العراق وهم يقارعون الاستعمار البريطاني حدثا مهما في تاريخ العراق وان ماحدث في ثورة العشرين يحدث اليوم الى حد ما  ، الامر الذي يتطلب منا ان ندرس ونحلل ونستنبط الدروس التي افرزها هذا الحدث لنقدمها الى الشباب المنتفض والمعتصم والمطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية ولكن ليس على طريقة المعلم والتلميذ او السرد التاريخي الممل وحتى نصل الى الهدف المنشود علينا ان نلجأ الى وسائل الاتصال الحديثة وترك امر استخلاص الدروس والعبر الى الشباب ، نعتقد ان ذلك سيكون له اكبر الاثر في مجريات الامور مع التركيز على المعنى الاساسي فيما نريد ، ان مانريده  تقديمه من خلال هذا  الحدث الذي تحول الى  فلم سينمائي هو التنبيه الى ان المستعمر واعوانه بالامس هم انفسهم اليوم باستخدامهم الطائفية والفرقة كسلاح للسيطرة على الشعوب.
ان السرد للحدث التاريخي الذي هو (ثورة العشرين) ن يقول  ان ثورة العشرين  اندلعت في العراق ضد الاحتلال البريطاني وسياسته في التمهيد لضم العراق لبريطانيا كما ارادت اميريكا ذلك عندما جاءت بغارنر كحاكم للعراق بعد الاحتلال عام 2003وهذه الثورة جاءت مكملة  لسلسلة من الانتفاضات التي حدثت في الوطن العربي جراء عدم ايفاءالحلفاء بالوعود المقطوعة للعرب بنيل الاستقلال كدولة عربية واحدة من الهيمنة العثمانية. واتخذت الثورة باديء الامر شكل العصيان المدني ثم المواجهات المسلحة التي ادت إلى عقد مؤتمر القاهرة الذي حضره وزير المستعمرات البريطاني ونستون تشرشل لمناقشة موضوع الانتفاضات العربية كثورة 1919 في مصر وثورة العشرين في العراق وانتفاضة اليمنيين والسوريين والفلسطينيين, وتقرر منح هذه الدول استقلال ذاتي محدود تنفيذا لمعاهدة سايكس بيكو بتجزئة الولايات العثمانية ومنحها استقلال شكلي وربطت تلك الدول بمعاهدات تسهل من خلالها هيمنة بريطانيا وفرنسا عليها.
 عندماإحتل البريطانيون العراق إتبعوا سياسة عشائرية مختلفة عما كانت الدولة العثمانية تتبعها في أيام حكمها للعراق والتي كانت تتبع سياسة التفريق بين العشائر عن طريق إشاعة التفريق والنزاع فيما بينها بينما طبق الأنجليز سياسة مختلفة وهي إختيار شيخ واحد من كل منطقة في العراق او كل عشيرة كبيرة فيه وتدعيمه بالمال والسلاح وبكل مايلزمه لكي يكون المسؤول أمامهم عن الأمن و النظام في منطقته أي المنطقة التي تخضع لنفوذ هذا الشيخ  وقدأثارت هذه السياسة الجديدة التي إتبعها الأنجليز الكثيرمن الإمتعاض والغضب لدى رؤساء العشائر و الذين أجبروا لأن يخضعوا لرئيس عشيرة يفرضه الأنجليز عليهم دون سواهم .
إنطلقت شرارة ثورة العشرين من الرميثة في محافطة المثنى  في يوم 25 حزيران عندما رفعت عشيرة الظوالم وهي فرع من بني حجيم راياتها معلنة الحرب على الإنجليز وفي يوم 30 من نفس الشهر أستدعي الشيخ شعلان أبو الجون (شعلان بن عناد ابو الجون من مشايخ عشيرة الظوالم بسببه انطلقت اول رصاصات الثورة بالرميثة وهى احدى نواحى السماوة)  إلى السراي الحكومي في بلدة الرميثة والتي تقع في جنوب العراق وقد لبى الشيخ شعلان طلب الإستدعاء وحضر إلى السراي في ظهر ذلك اليوم . وقد أبدى الشيخ شعلان كثيرا من الشراسة في مقابلة الحاكم السياسي في الرميثة الملازم هيات مما دفع الأخير إلى حجزه وتوقيفه في السراي بقصد إرساله إلى مدينة الديوانية بواسطة القطار . وعند هذا إلتفت الشيخ شعلان الى أحد مرافقيه الذي جاء معه طالبا منه إخبار ابن عمه الشيخ غثيث الحرجان بأنه في حاجة إلى عشرة ليرات عثمانية وإنها يجب أن ترسل إليه قبل موعد القطار و لما وصل الخبر إلى الشيخ غثيث عرف  إن الشيخ شعلان بحاجة إلى عشرة رجال أقوياء من العشيرة بدلا من الليرات العشر وبعث الرجال إلى السراي بغية تحرير الشيخ شعلان . وبعد مهاجمة السراي من قبل الرجال العشرة تم تحرير الشيخ شعلان وعاد هو إلى مضارب عشيرته سالما وكانت هذه الحادثة الشرارة التي اطلقت الثورة.
ومن المثنى انتشرت الثورة في الفرات الاوسط  ، ففي يوم 11 تموز  إجتمع رؤساء العشائر في المشخاب في مضيف الشيخ عبدالواحد الحاج سكر وقرروا البدء بإعلان الثورة وفي اليوم التالي تم إعلان الثورة وتم رفع رايتها وتقدمت جموع العشائر نحو أبوصخير لمحاصرتها. بدأ حصار أبو صخير في يوم 13 تموز و إشتركت فيه عشائر آل فتلة , الغزالات ,آل شبل و آل إبراهيم وفي يوم 14 من نفس الشهر أرسل الإنجليز زورقا بخاريا يحمل عددا من الجنود وبعض مواد التموين وكانت الباخرة الحربية فاير فلاي تسير وراء الزورق لحمايته فحاولت العشائر الإستيلاء عليه وجرى تبادل شديد بالنيران بين الباخرة الحربية والعشائر وفي يوم 17 تموز عقد في مدينة الكوفة مؤتمر لعقد هدنة مابين الثوار في منطقة لواء الشامية والنجف و الإنجليز وكانت مطاليب الثوار هي : ـ
1ـ العفو العام عن جميع العراقيين بمن فيهم أهل الرميثة و الشامية و الدغارة
2ـ توقف جميع الحركات العسكرية و إصلاح سكة الحديد و نقل القوات العسكرية من مكان إلى أخر
 3 ـ اطلاق سراح جميع المعتقلين والمنفيين
لم تستمر الهدنة الموقعة مابين الطرفين التي كان أمدها أربعة أيام ففي يوم 22 تموز سقطت بلدة الكفل بأيدي المجاميع المسلحة من ثوار المنطقة . وفي يوم 24 تموز حصلت معركة مابين القوات الإنجليزية بقيادة الكولونيل لوكن وما بين المجاميع المسلحة من الثوار عبد الواحد الحاج سكر وقد حصلت هذه المعركة عند قناة الرستمية في منطقة الرارنجية والتي تبعد عن بلدة الكفل بمسافة ثمانية أميال وقد عرفت هذه المعركة بإسم معركة الرارنجية حيث هاجم الثوار القوات الإنجليزية في عصر ذلك اليوم وقبيل غروب الشمس من ثلاث جهات جنوب , الشرق والغرب وقد استمرت المعركة قرابة ستة ساعات حقق الثوار نصرا كبير حيث غنموا مايقرب 52 رشاشا وعدد لايحصى من الحيوانات و الأعتدة و النقود بينما قدر عدد قتلى الإنجليز في تلك المعركة حوالي 20 قتيلا و بلغ عدد الجرحى حوالي 60 جريحا و 318 مفقودا  وبعد قرابة الثلاث أسابيع وبعد حدوث معركة الرارنجية أخذ الكثر من شيوخ المنطقة بالانضمام إلى الثورة ومساندة آل حمد في قتالهم ضد الإنجليز وبعدها تم الإستيلاء على بلدة عفك وبعد الإنتصارات التي حققتها العشائر في عفك و الدغارة ضد القوات الإنجليزية أبرق قائد القوات الإنجليزية في العراق الجنرال هالدين إلى قائد حامية الديوانية الجنرال كوننغهام يأمره بالإنسحاب من المدينة إلى مدينة الحلة بواسطة القطار
وقد جمع الإنجليز قواتهم وكل مالديهم من سلاح وطعام في قطار واحد بلغ طوله ميلا وقد تحرك القطار من محطة الديوانية في الساعة السادسة والنصف من صباح يوم 30 تموز وقد إستغرقت رحلة القطار حتى وصل إلى مدينة الحلة مدة 11 يوما ويرجع السبب في ذلك هي إن العشائر المنضوية تحت لواء الثورة كانوا يقتلعون قضبان السكك الحديدة قبل وصول القطار فيضطر القطار إلى التوقف ويقوم عماله بإصلاح القضبان المعطوبة وفي إثناء فترة التصليح تهاجم العشائر القوات الإنجليزية فتنشب جراء ذلك معارك دامية مابين الفريقين وقد كان الإنجليز يعمدون أحيانا إلى إحراق بعض القرى والتي تقع بالقرب من قضبان سكة الحديد وذلك جراء تعاون سكان هذه القرى مع الثوار. وفي يوم 31 تموز بدأت العشائر المناوئة للإنجليز ومن معها من ثوار الذين جاؤوا من مختلف المناطق الجنوبية بالهجوم على مدينة الحلة وقد شن الهجوم من الجهتين الغربية والجنوبية . ولكن الهجوم اخفق إخفاقا تاما وتراجع الثوار عن الحلة و أختلفت المصادر في إحصاء عدد القتلى بين كلا الطرفين  ونشبت عدة معارك مابين الطرفين حول سدة الهندية و المسيب والتي تعاقب للسيطرة عليها جموع العشائر الثائرة ومن ثم الإنجليز الذين قاموا بإسترداد هاتين البلدتين بعد سيطرة تلك العشائر لهاتين البلدتين لعدة أيام  وفي يوم 14 آب توجهت قوة إنجليزية بإتجاه مدينة كربلاء ولكن هذه القوة واجهت مقاومة شديدة من قبل الثوار و العشائر بالقرب من نهر الحسينية حيث إضطرت على إثرها هذه القوة الإنجليزية إلى التراجع.
أعلنت الثورة في مدينة النجف في يوم 21 تموز وعند إعلان الثورة في المدينة إنسحب معاون الحاكم السياسي للمدينة حميد خان من السراي الحكومي بهدوء وبدون أي مشاكل وأصبحت مدينة النجف بعد إعلان الثورة تحكم نفسها بنفسها شأنها شأن جميع المدن العراقية التي اصبحت لاتخضع لسلطة الإدارة البريطانية المتواجدة في العراق حيث تقرر في النجف تشكيل مجلسين هما المجلس التشريعي و مجلس تنفيذي على أن يكون عدد أعضاء المجلس التنفيذي للمدينة أربعة أشخاص وهم رؤساء المحلات الأربعة الموجودة في النجف وعلى ان يكون عدد أعضاء المجلس التشريعي ثمانية أشخاص يجرى إنتخابهم من المحلات حيث جرت الإنتخابات في يوم 25 آب .
كان لواء المنتفق الذي يسمى حاليا بمحافظة ذي قار يضم العديد من العشائر القوية . وأول بلدة أندلعت فيها شرارة الثورة في هذا اللواء هي بلدة قلعة سكر حيث أدى التوتر المتزايد في البلدة إلى هروب معاون الحاكم السياسي للبلدة الكابتن كراوفورد بواسطة طائرة إلى مدينة الناصرية مركز هذا اللواء في يوم 12 آب إلى إعلان العشائر الثورة بشكل علني حيث قامت تلك العشائر بحرق السراي الحكومي الموجود في البلدة . وعلى إثر ذلك إجتمع عدد من وجهاء و رؤساء البلدة في موضع يسمى المصيفي وكتبوا ميثاقا تضمن هذا الميثاق خمسة بنود . وقد ذهب الموقعون على هذا الميثاق بعد توقيعه إلى بلدة الشطرة لغرض إعلان الثورة فيها وطرد الإنجليز منها ولكن لاسباب معينة حالت دون إعلان الشطرة ثورتها وذلك بعد وصول الموقعين على ميثاق المصيفي إليها . وقد وصل التوتر إلى أشده في بلدة الشطرة ، حينها أدرك معاون الحاكم السياسي للبلدة الكابتن برترام توماس من إن الوضع قد خرج من السيطرة وفي يوم 28 آب هرب الكابتن توماس من البلدة بواسطة طائرتين أرسلتهما القوات الإنجليزية لغرض أخذه من البلدة حيث قام الأخير بتسليم السلطة في البلدة للشيخ خيون العبيد . وعند خروج الكابتن توماس من البلدة تعرض السراي الحكومي في البلدة للحرق من قبل أفراد العشائر الثائرة.
في يوم 27 آب زار بلدة سوق الشيوخ حاكم الناصرية السياسي الميجر ديجبرن والذي كان سابقا معاون الحاكم السياسي لها في عام 1918]. حيث إجتمع هو برؤساء البلدة ووجهاؤها محاولا إقناعهم بعدم الإنضمام إلى الثورة الحاصلة وقد كتب الميجر ديجبرن فور عودته إلى مدينة الناصرية تقريرا للحاكم البريطاني في مدينة بغداد آرنولد ويلسون . وقد تمكن معاون الحاكم السياسي للبلدة الكابتن بلاتس ومن معه من البريطانيين من الهرب من البلدة في يوم 1 أيلول بواسطة باخرة بريطانية كانت راسية هناك وسارت بهم الباخرة نحو مدينة الناصرية فوصلوها بسلام . ولم يحصل لسوق الشيوخ مثل ماتعرضت باقي بلدات لواء المنتفق من حرق  للسراي الحكومي وتخريبها فقد تمكن الشيخ محمد حسن الحيدر من المحافظة على هذه الممتلكات جميعها . وفي يوم 4 أيلول خرجت من الناصرية باخرتان حربيتان ولما وصلت الباخرتان بالمقربة من الهور الواقع جنوب بلدة سوق الشيوخ تعرضت كلتاهما لإطلاق نار كثيف من قبل الثوار ونشبت معركة مابين الطرفين دامت قرابة النصف ساعة .
كانت أولى بوادر الثورة في ديالى قد ظهرت في يوم 6 آب فبعد يومين هاجمت عشيرة الكرخية دائرة المالية في منطقة مهروت والتي تبعد بنحوا 11 ميلا عن محطة بعقوبة وفي يوم 9 آب هاجمت نفس العشيرة محطة قطار أبو الهوا والتي تقع إلى الشمال من مدبنة بعقوبة وبذلك إنقطعت حركة القطارات مابين مدينتي بغداد و خانقين  وفي يوم 12 آب إقتحمت عشيرة الكرخية بعقوبة وقام وجهاء بعقوبة بعدها بتشكيل مجلس محلي لإدارة المدينة حيث تم أختيار محمود أفندي متولي لكي يكون رئيسا لهذا المجلس ويكون برتبة قائمقام حيث تم أتخاذ دائرة البريد مقرا لهذا المجلس المحلي ورفعوا فوقه علم الثورة العربية ذو الألوان الأربعة .
وإندلعت الثورة في بلدة الخالص في نفس اليوم الذي إندلعت فيه الثورة في مدينة بعقوبة أي في يوم 12 آب حيث قامت عشيرة الكبيشات بإقتحام البلدة من جهتها الشمالية ولم يقع في  الخالص من التخريب كما حصل في بعقوبة وذلك لإن اهالي البلدة وبالتعاون مع عشيرة الكبيشات قاموا بحفظ الأمن والنظام إضطر معاون الحاكم السياسي للبلدة الكابتن لويد ومن معه من موظفين إلى الإستسلام وذلك بعد هروب عساكر السراي  وتم إنزال العلم البريطاني ورفع محله علم الثورة العربية .
وفي يوم 14 آب حيث قامت عشيرة بني تميم في المقدادية  بالهجوم على البلدة و تعاون أهل البلدة مع العشيرة على نحو ماحصل في بلدة الخالص ولكن السراي الحكومي والذي كان يقيم فيه الإنجليز ومن معهم من جنود الشبانة لم يستسلم للثوار وبعد ساعات من المواجهة مابين الطرفين تمكن الثوارمن السيطرة على السراي الحكومي (القشلة) وذلك عند حلول وقت المساء وقد قتل في المعركة هذه خمسة بريطانيين والذين كانوا موظفين في السراي وبعد السيطرة على البلدة قام الثوار بقطع خط سكة الحديد المار بالبلدة .
في يوم 22 آب قام إبراهيم خان وهو أحد رؤساء عشيرة الدلو ومن معه بالصعود إلى اعلى جبل بابا شاه سوار المطل على مدينة كفري وأخذوا بإطلاق النيران على السراي الحكومي الموجود في البلدة  قرر معاون الحاكم السياسي للبلدة الكابتن سالمون أن يخرج بنفسه إلى الجبل للتفاوض مع إبراهيم خان وما أن وصل الكابتن سالمون إلى الجبل حتى فوجئ بإعتقال الثوار له وبعدها هاجم الثوار البلدة وقاموا بإحتلال السراي الحكومي وقاموا بإنزال العلم البريطاني من فوقه وما ان وصل خبر إحتلال البلدة من قبل الثوار إلى الحاكم السياسي لمدينة كركوك الميجر لونكريك حتى زحف هذا الأخير بإتجاه البلدة وبعد معركة دامية مابين الطرفين إنتصرت القوات الإنجليزية وتم أحتلال البلدة.
ساد نوع من الجو المشحون في مدينة أربيل منذ بداية شهر آب من سنة 1920 م وفي يوم 5 أيلول إشتد التوتر في المدينة جراء وصول أنباء عن قرب إحتلال المدينة من قبل عشيرتي السورجي و الخوشناو و في يوم 9 أيلول إجتمع الحاكم السياسي لمدينة أربيل الكابتن (هي) برؤساء عشائر خوشناو وتم الإتفاق على ان تسحب هذه العشيرة جميع قواتها المنتشرة حول البلدة مقابل إصدار عفو عام عن كل ماصدر منهم في الماضي و إعادة دفع مشاهراتهم التي كانو يقبضونها سابقا . وفي صباح يوم 14 أيلول وصل إلى اربيل رتل عسكري من القوات الإنجليزية قادم من كركوك أعقبه رتل آخر قادم من مدينة الموصل وبذلك عاد الهدوء إلى المدينة.
في يوم 13 آب إقتحمت بلدة عانة قوات من الثوار حيث كانت القوات التي كانت بإمرة منصور الطرابلسي الذين إقتحموا البلدة من جهة الشامية فجرى إشتباك مسلح بينهم وبين رجال عفتان الشرجي في محلة دلي علي ولكن رجال منصور رموا رجال الشرجي بالقنابل مما ادى إلى فرارهم . وقد استمرت المعارك في بلدة عانة وقتا غير قصير وكان النصر فيها حليف للثوار المهاجمين وبعدها قام الثوار بمهاجة قلعة راوة المطلة على شاطئ نهر الفرات تجاه عانة وقد تمكنوا من الإستيلاء وأسر عدد من الجنود الذين كانوا من عشيرة الدليم والذين سرعان ماتم الإفراج عنهم . وبعد أن تمت السيطرة على بلدة عانة بالكامل قام الثوار بتعين نجرس الكعود بمنصب القائمقام على البلدة وبعدها أرسل الثوار قوة لمطاردة فلول الإنجليز حيث زحف الثوار بقيادة منصور الطرابلسي بمحاذاة نهر الفرات و قاموا بالإستيلاء على مدينة حديثة و آلوس من غير مقاومة و قد أستمر الثوار بالزحف نحو القرى والبلدات بدون ان تواجههم أي مقاومة حتى أن وصل إلى السهيلية بالقرب من بلدة هيت . حيث كان الانجليز متحصنين فيها فتوقفت القوة عند ذلك عن الزحف .
ثورة عشيرة زوبع بقيادة الشيخ ضاري المحمود التي تحولت الى محور الفلم
بعد أنتصار الثوار على القوات الإنجليزية في معركة الرارنجية في يوم 24 تموز قاموا بإرسال وفدا منهم ويدعى جدوع أبو زيد إلى العشائر الموجودة في بلدتي المحمودية و الفلوجة يحملون فتاوي كبار علماء المذهب الشيعي وكان الشيخ ضاري المحمود أحد الذين إلتقاهم جدوع أبو زيد (الشيخ ضاري المحمود شيخ عشيرة زوبع أحد بطون قبيلة شمَّر ) . وعند إعلان الشيخ ضاري الثورة على الإنجليز صار يرسل نفرا من اتباعه للهجوم على القطار الناقل للمؤن والجنود الانكليز مابين مدينة بغداد و خان النقطة . وفي ظهيرة يوم 12 آب قابل الضابط الريطاني المدعو ليجمن في مخفر أبو منيصير الذي كان يقع بالقرب من خان النقطة وبينما كان الشيخ ضاري يتكلم مع ليجمن جاء إلى المخفر سائق سيارة يشكو من حادث سرقة تعرض له بالقرب من سدة الترك. حيث ظهرت إمارات الغضب على وجه ليجمن وقام بتوجيه الإهانات للشيخ ضاري فأوعز عندها هذا الاخير إلى إبنه سليمان بأن يطلق على ليجمن النار وقام سليمان بما أمره والده الشيخ ضاري وبعد مقتل ليجمن تم قتل كل من  كان معه في المخفر  . وفي اليوم التالي توجه الشيخ ضاري على رأس جمع من عشيرته وعشيرة المصالحة المتحالفة معه نحو محطة التاجي الواقعة إلى الشمال من مدينة الكاظمية بغية إقتلاع سكة الحديد ولكنهم لم ينجحوا إذ فاجأهم قطار قادم من الشمال وأخذ يوجه عليهم نيران الرشاشات الامر الذي دعى لانسجابهم . وفي يوم 15 آب قامت العشائر الثائرة على الإنجليز بمهاجمة أربعة بواخر كانت تسير على نهر الفرات وقد تمكنت العشائر من حرق  البواخر الأربعة جميعا . في يوم 3 أيلول تحرك من بغداد رتل عسكري إنجليزي بقيادة الجنرال ساندرز بغية فتح الطريق الواصل مابين بغداد و الفلوجة وقد لقي هذا الرتل مقاومة شديدة من العشائر إثناء الطريق وفي يوم 20 أيلول تمكن الرتل من الوصول إلى خان النقطة وفي اليوم التالي تم هدم قلعة الشيخ ضاري وسويت بالأرض وتم قطع الماء عن أراضيه ثم واصل الرتل زحفه حتى وصل إلى بلدة الفلوجة في يوم 24 أيلول  . أدرك الشيخ ضاري خطورة الموقف وما آل عليه لذا أرسل ولده خميس مع قسم كبير من عشيرته إلى نصيبين داخل تركيا . أما هو فقد أخذ بالتنقل من مكان إلى آخر بين العشائر العراقية إلى أن القي القبض عليه في سنة 1927 م.
بعد ماتقدم من سرد تاريخي مطول نجد ان من الواجب ان نذكر اسماء الثورار المتميزين بالاضافة الى الشيخ شعلان ابو الجون والشيخ ضاري المحمود وهم العلامة الكبير السيد محمد سعيد الحبوبي النجفي من فطاحل الشعر بالعراق ومن العلماء الاعلام الذين افتوا بالجهاد وتجولوا بين العشائر وجمعوا المجاهدين وساروا على رأسهم الى ساحة الجهاد فى الشعيبة بالبصرة حيث بقى في مقدمة المحاربين وعلى رأس المجاهدين حتى عاد الجميع فعاد معهم والحزن يحرق جنانه وقد توفى رحمه الله بمدينة الناصرية ولم يستطع الوصول الى النجف الاشرف
والشيخ حبيب الخيزران هو شيخ عشيرة العزة بلواء ديالى وعند بدء ظهور بوادر الثورة فى ديالى طلبه هو وشيوخ العشائر الاخرى الحاكم العسكرى هناك وهو الميجر هايس وبعد ان هددهم بغضب الحكومه البريطانيه من الثورة وانها ستقتل كل من يشارك او يؤيدها صرف جميع الشيوخ الا الشيخ حبيب فقد امره ان ينتظر فى بعقوبة , وبعد ايام طلبه وعرض عليه مبلغ 40 الف روبية وقال له انها لك بشرط ان تقنع الجميع بمساندة السلطة الا انه رفض المبلغ وخرج من الحاكم وذهب الى بغداد وتشاور مع القادة الوطنيين ومن ثم عاد الى ديالى واشعل الثورة هناك حيث هاجموا الانجليز هناك وقطعوا خطوط المواصلات بين بغداد والحلة وهاجموا الانجليز بالمحمودية وقد هجم الشيخ حبيب على سراى الحكومة واسر الكابتن لويد حاكم دلتاوة والميجر استرخن ومن ثم حرر مدينة بعقوبة بتاريخ 6 / 8 /1920 وبعدها ب 3 ايام دمر سكة الحديد بديالى وبذلك قطع الامدادات عن مدينة قره تو , ومن بعدها مدوا الثورة الى كركوك ومن العشائر التى شاركت بهذه الثورة هناك العزة برئاسة الشيخ حبيب الخيزران وبنى تميم برئاسة الشيخ حميد الحسن والكرخية برآسة الشيخ مخيبر وبعض عشائر ديالى .
وشيخ عشيرة السعيد وعندما حاصر الثوار الحامية الانجليزية بالحلة بقيادة الكولونيل كوننكهام قرر هذا القائد احتلال قرية بنشة والتى تبعد عن الحلة خمسة كم وقد هاجمه الشيخ مظهر الحاج صكب ومعه كل من العشائر البو عيسى والسلطان والاكرع وعفك وقد قتل من الانجليز 170 قتيلا ومن الثوار اكثر من 100 شهيد في هذه المعركة .
اما الشيخ مرزوك العواد وهو شيخ عشيرة العوابد فيعد من رجال الثورة العظام وكان عليه اتكال كبير فلا يتم اى عمل او خطه عسكريه الا ويكون بعلم بها ولم تكن اجتماعات رؤساء وشيوخ العشائر وعلماء الدين تتم الا بوجوده وهو من الرجال الذين بعثوا للحجاز للاجتماع بالملك حسين وطلب ان يرسل لهم الملك فيصل ليكون ملكا على العراق.
   ويعد الشيخ علوان ابن الحاج سعدون هو شيخ عشائر  كربلاء والنجف والذي عين من قبل قيادة شيوخ الثورة قائدا لحامية جيوش الثوار المحاصرة للجيش الانجليزي في الكوفة , وبعد انتفاض الهدنة مع الانجليز كان من القادة الذين تقدموا واحتلوا الكفل ومن ثم الكوفة والحلة , وله الكثير من الادوار المشرفة فى مسيرة الثورة الخالدة .
ويعد الشيخ عبد الكاظم الحاج سكر من مشايخ آل فتله من قبيلة دليم الطائية بناحية ابى صخير من توابع الديوانية وقد كان من الثائرين ضد السلطه العثمانية وقد قاومهم كثيرا الا ان تم القبض عليه وحبسه فى بغداد هو ومجاميع من مشايخ آل فتله وعند قدوم الانجليز تم مساومتهم باخراجهم من الحبس بشرط مقاومة الانجليز بالبصرة وعليه خرج من السجن وقاوم الانجليز , كان من المدبرين لخطط الثورة الحربية ومن قادة معركة الرستمية وله هو واخوانه من اولاد الحاج سكر الكثير من المآثر بالثورة
وكان للشيخ سماوي آل جلوب شيخ عشيرة آل فتله بناحية الهندية من توابع الحلة  دور بارز في الثورة  حيث استدعى رؤساء عشائر الهندية وجمعهم بداره باليوسفية وتعاهدوا بكتاب الله الكريم على بذل النفس والمال من اجل تحرير العراق , وبعد معركة الرارنجيه كان بسبب مساعيه وجهوده اشراك عشائر الجبور وخفاجه واليسار على المشاركة فى تحرير طويرج وفعلا  تحقق هذا التحرير .
الشيخ المزهر آل فرعون وهم مشايخ عشيرة آل فتله وهو من قادة معركة الرارنجية وقد ابلى بها بلاءا حسنا حيث قام بتشجيع عشائر آل فتله على المشاركة بالثورة وهو من الثائرين ايضا على السلطة العثمانية قبل قدوم الانجليز ولعائلتة دور كبير بتشجيع وتحريض عشيرتهم والعشائر القاطنه فى نواحي الديوانية على العصيان المسلح ضد المغتصبين.
تعامل المخرج السينمائي العراقي محمد شكري جميل والذي يعتبر من الرواد في مجال الفن السينمائي العراقي مع هذا الحدث التاريخي بموهبة وابداع حيث تمكن من تكثيف وتلخيص الحدث من خلال الشخصية الرئيسية وهو الشيخ ضاري المحمود الذي كانت تدور حولها الاحداث والشخصيات والتي جسدها المرحوم غازي التكريتي وتعامل المخرج جميل مع البناء الدرامي للفلم  بحرفة وموهبة قل نظيرها فكان الفلم بمستوى الافلام التاريخية العالمية كفلم (عمر المختار) للمخرج العقاد هذا بالاضافة الى تعامله مع الممثلين العالمين وعلى راسهم الممثل (اوليفير ريد) الذي جسد شخصية (ريحمند القائد البريطاني ) والذي قتله خميس ابن الشيخ ضاري المحمود والذي جسد شخصيته الفنان الكبير سامي قفطان ، كان هذا الفلم بحق  من الافلام المتميزه ومعبرا تعبيرا دقيقا عن نضال ابناء العراق في مقارعة الاستعمار في العصر الحديث ومؤثرا يستحق ان يشاهده شباب الاعتصامات في المحافطات الثائرة ليكون اضافة تنويرية لهم لما حدث وسيحدث فالفلم حدثنا بالصورة عن ان السبب الاساسي لاحتلال العراق هو الثورة النفطية وان استراتيجية (فرق تسد) التي انتهجتها الدول الاستعمارية ومنها بريطانيا قد تكسرت على وحدة ابناء الشعب العراقي فقد رفضت الوفود العراقية التي اراد الاستعمار التعامل معها على اساس طائفي التفاوض على هذا الاساس وكانت  موحدة في تعاملها وموحدة في اهدافها ومنها اجمعها على القبول  بفيصل الاول ملكا على العراق بغض النظر عن طائفته واصله الحجازي  وقد ركز الفلم على معركة الكفل التي حدثنا عنها الطبيب البريطاني المدعو (سندرشن باشا) وبالذات حديثه عن الهوسات التي كان يطلقها الثوار والتي كانت غير مفهومة لديه فهو يقول (كانو يطلقون صيحات الحرب) فهو لايعرف انهم كانوا يقولون ( الطوب احسن لو مكواري) وركز الفلم على دور ابناء بغداد في الثورة  وعملهم السياسي العلني والسري فكانت من الشخصيات المهمة في الفلم شخصية الشاعر محمد مهدي البصير التي مثلها الفنان الكبير يوسف العاني وقد ركز على دور المدرسة الخالصية في مدينة الكاظمية في وحدة ابناء العراق  وركز على دور العشائر وحمية ابناء العراق في دفاعهم عن الحرائر فكان مشهد قتل الجندي البريطاني الذي جسده الممثل قائد النعماني من المشاهد المؤثرة اما المندوبة البريطانية (مس بيل ) والتي تتحدث العربية في الاسواق فقدمها بمشهد مقزز معبر عن ثعلبية المستعمر البريطاني.
الحديث عن الفلم طويل كما هو الحال مع السرد التاريخي لكن مشاهدته لاتستغرق اكثر من ساعة ونصف الساعة وبالامكان مشاهدته على اليوتوب او في ساحة التظاهرات في العراق ولانه كما قلنا يلخص حدث تاريخي مهم واذا ما اردنا ان نسقط احداث الفلم على مايحدث اليوم فسنجد ان التاريخ يعيد نفسه  ( اعتذر عن الاخوان الذين يؤمنون بالتطور التاريخي والذين لايؤمنون بان التاريخ يعيد نفسه ) ، فاحداث الفلم تصور لنا ان ماحدث في العام 1920 وكأنه يحدثنا عن الذي يحدث بعد العام 2003 والغريب في ذلك ان التشابه كبير بين ماحدث ومايحدث ولذا نقول ان  البركة والامل اليوم بابناء العشائر العراقية كما كانوا في ثورة العشرين ابناء العشائر الذين سيحررون العراق وهم الصخرة التي ستتكسر عليها مؤامرة تمزيق العراق كما تكسرت في ثورة العشرين نحن بحاجة اليوم الى الالاف امثال الشاب خميس الذي قتل (لجمن) من بين شبابنا من ابناء العشائر في جميع المحافظات العراقية وعلى راسهم شباب  المحافظات الثائرة الذين سيذكرهم التاريخ كما ذكرشباب ثورة العشرين اما الشيوخ فهم القادة اليوم وعليهم معرفة مافعله الشيوخ من قادة ثورة العشرين.