في معرض حديثه في ديوان بغداد يوم أمس , تحدّث زعيم المجلس الإسلامي الأعلى عمار الحكيم عن موضوعين مهمين جدا , الأول عن جدوى استجواب الوزراء في مجلس النوّاب , والثاني حول الفساد في العراق وتضخيم الإعلام له , ففي حديثه عن استجواب الوزراء في مجلس النوّاب , انتقد السيد عمار طريقة الاستجواب الحالية المتمّثلة بتوجيه الاتهامات للوزير بالفساد والتسبب في ضياع وسرقة المال العام , محذرا مجلس النوّاب من مغبة الاستمرار بمشروع استجواب وزير المالية هوشيار زيباري من دون أن سيّميه بالاسم , لأن الوزير زيباري في حالة استجوابه سيعرض أمام مجلس النوّاب والراي العام فساد معظم أعضاء مجلس النوّاب بالوثائق الرسمية , وسيتحوّل إلى بطل قومي وسيهتفون له من جديد ( علي وياك علي ) , والموضوع الثاني هو تضخيم الإعلام للفساد والمبالغة في اتهام الطبقة السياسية بهذا الفساد , حيث يرى السيد الحكيم أنّ الإعلام قد بالغ بشكل كبير في طرح موضوع الفساد وسرقة المال العام , حيث أورد أنّ كل إيرادات العراق خلال الفترة الماضية والبالغة 725 مليار دولار , قد ذهب 70% منها للرواتب و 17% حصة إقليم كردستان و حصة نادي باريس من الديون 3% وحصة الكويت من التعويضات 5% والمتبقي من هذه الإيرادات هو الجزء المخصص للاستثمار , وقد تمّ بناء مستشفيات ومدارس أكثر من كل المستشفيات والمدارس التي بنيت خلال ثمانين عاما الماضية , وهذا لا يستوّجب تسقيط الطبقة السياسية أمام الرأي العام الداخلي والخارجي .

فإذا كان الأمر كذلك يا جناب السيد عمار وأنّ أكثر من تسعين بالمئة من واردات الدولة تذهب للرواتب وكردستان ونادي باريس وتعويضات الكويت , فلماذا حاربت نوري المالكي والّبت الرأي العام ومراجع الدين عليه متهما إياه بإشاعة الفساد والتسّتر على الفاسدين ؟ وربمّا تقول لي اتق الله يا سماوي ومتى سمعتني أقول ذلك ؟ فأقول لك حين يتصدّى رئيس كتلتك باقر صولاغ ويتّهم المالكي بإشاعة الفساد والتستر على الفاسدين دون أن تعترض على هذا الاتهام , فهذا الاتهام يحسب عليك وعلى المجلس الأعلى , وحين يقول صولاغ أمام الراي العام نعم أني قد تآمرت على المالكي ودون أن تعترض عليه فأيضا هذا الكلام يحسب عليك وعلى المجلس الأعلى , وجنابك تعلم جيدا أنّ الموازنة بعد إقرارها من مجلس النوّاب تقوم وزارة المالية بإرسالها إلى كافة الوزارات والمحافظات غير المنتظمة بإقليم , وصولاغ يعلم جيدا كوزير للمالية أنّ لا دخل لرئيس الوزراء فيها , فتركتم الوزراء والمحافظين الفاسدين الذين سرقوا المال العام , وتركتم مجلس النوّاب والهيئات الرقابية المسؤولة أمام القانون والدستور بالرقابة على المال العام , وعلّقتم كل الفساد في الدولة ووزاراتها في خانة نوري المالكي زورا وبهتانا , مع العلم أنّ كل المحافظين في محافظات الجنوب والفرات الأوسط كانوا من المجلس الأعلى قبل انتخابات عام 2009 المحلية , ومع هذا فحديثك عن المبالغة وتضخيم الفساد خال من الموضوعية , فالموازنة التشغيلية يا سيد عمار ليست رواتب فقط , والفساد في الموازنة التشغيلية يقترب من ثلث إيرادات البلد وخمسين بالمئة من هذه الموازنة , أما إذا أردنا أن نتحدّث عن فساد البنك المركزي وفساد عقارات الدولة التي نهبت , فسوف نكتشف أنّ كل ما قلناه عن هذا الفساد لا يساوي عشرة بالمئة من الفساد الحقيقي في مؤسسات الدولة ووزاراتها , بالأمس كان موقف المجلس الأعلى بعدم استجواب وزير الدفاع بحجة أنّ الجيش العراقي في حرب مع الإرهاب ونحن على أعتاب تحرير الموصل , ومثل هذا الاستجواب سوف يؤثر على معنويات المقاتلين , لكن ماذا عن وزير المالية ولماذا ترفضون استجوابه وتحذرون الآخرين من مغبة هذا الاستجواب ؟ فإذا كان هذا الاستجواب يا سيد عمار سيطيح بالفاسدين , فتبا لهم جميعا وليذهبوا إلى الجحيم .