عوامل التشكيل المعرفي:
الإنسان مهما تغيرت أفكاره وأحب أن يوصف بوصف ما ويتلمس أن يوضع بصندوق ما، لكنه في الحقيقة سيتخذ مظهر ما يحب أن يوصف به لكن طريق تفكيره هي الحاكمة وطريق التفكير تتبع في تصميمها منظومة التفكير التي لبها الجهاز المعرفي، والجهاز المعرفي يدخل في معظم خطوط الإنتاج الفكري والبنيوي للإنسان، وهذا يعني التركيبة للعقلية واغلب نواحي النفسية، لذا نرى المجتمع يتقارب في العقلية وجانب النفسية وجانب النفسية الأخر الخاضع للظرفية هو من يتمايز بين الطبائع في الأمة الواحدة تحت متعدد المواقع الجغرافية أو البيئية الدقيقة، وهو ما يميز مثلا العراقي عن السوري عن المصري، وهي ظروف متداخلة سياسية وسلطوية وتأثيرات خارجية وداخلية على النفسية التي تؤثر في إعادة تفسير أو تشكيل للعقلية وهي ظروف آنية بعمر التاريخ قابلة للإصلاح والتغيير، وهذا يمكن أن اسميه (السمة البيئية).
وعوامل التشكيل المعرفي هي:
مسار التلقي المعرفي وتكوين الجهاز المعرفي:
الناس في موضوعنا هنا نوعان، نوع يتلقى ولا يبدع وإنما يدخل المعلومة في صلب اليقين؛ ونوع يناقش المعلومة ويقسمها وفق ما توصل إليه من تشكل لمعايير فان تغيرت معاييره نتيجة سعة أفق أو معلومات حديثة تفتح أبواب فهم جديد فالطبيعي أن يعيد النظر إلى كل ما سبق لتتوازن العقلية مع النفسية وهما عنصرا الشخصية، لكن ليس دائما ينفض تأثير الجهاز المعرفي وتأثيراته على الذاكرة المعرفية والنفسية، فأحيانا نجد من يهاجم ما كان مؤمنا به وربما يعاقب من يقف ضده، لكن في تأمل لحالته نجد انه انكر فعلا مظهر ماضيه وبعض تفاصيله لكن بقيت طريق التفكير نفسها بتحول نحو رؤية يظن انه تحول إليها يقينا.
الأم مدرسة التعليم المستمر لأبنائها وبناتها، وهي الأقرب اليهم حتى لو كانت اشد قسوة من الأب، ومنها يتلقون الانطباعات المعرفية وان كان متعلمة أو مثقفة لها خططها في التربية ممكن أن تشرح الأمور لتتحول من انطباعات إلى فواعل معرفية في التفكير عند أبنائها لأنها أقامتالدليل على ما علمتهم، وتعليمها يعبر في الحقيقة عما تعلمته هي أيضافهي الأساس في كل المراحل التالية من الأسرة والى حيث يصل، فهي إذن تمهد للتلقي التالي وهذا عامل مهم أن كانت الأم واعية تحمل فكرا حيا وتفكير سليم، وهو عامل مهم أيضا أن حملت الخزعبلات والانطباعات الجامدة، وهنا قد يحمل تناقضات ومعلومات غير مستقرة من الأسرة أوالعائلة والتي خاضت تجارب الحياة بشكل إضافي فتكونت انطباعات عن البيئة وحلول ما ومعايير اجتماعية للحكم على ما سيوجه في المستقبل.
وهنا تأتي الإضافات سواء كانت إضافة خبرات أو انطباعات أو صدام بين ما اعتبره ثابتا وبين آخرين قد يخالفون ما تولد عنده وينمو، وتلاقحالأفكار الهشة مع الأقوى لتجد هنالك قناعات يرفضها وأخرى يتماهى معها وأخرى يعتنقها وان خالفت الأسرة لوقعها الأقرب لفهمه وذهنه، زملائه ومدرسين لهم منظومتهم المعرفية وقناعات جديدة، وهذا يتعرض له الأنسان الشاب بغض النظر عن انتماء أهله، وسيجد مقاومة في داخله ومن أهله، وربما هذا ينعكس على نفسيته، إضافة لعقليته لنجد تعييرا في الشخصية وكأنها لم تخرج من هذه العائلة.
الصراعات في البيئة والتحديات ستشكل عنده عقدة ومفصل، أما العقدة في الموقف المتوارث وأما المفصل فهو ما يتحرك به خارج ما متعارف عنه في عائلته.
الآدمي أثناء بحثه وقراءاته ومستجدات المعرفة قد ينتج الجديد أويكرر التقليد، فإما يشكل نحوها انطباع عدائي أو إمكانية تقبل أو لا يهتم بها
الجينات والوقفات السلبية في القدوة كالأب وألام والأستاذ والبطل الذي يظهر انه ليس بطل، إضافة للأمراض النفسية والعقلية المتوارثة وطفراتها مما يجعل الإنسان إما متقبلا للتغيير بلا حدود والشطحات بلا توقف أو يرفض كل شيء ويكون انطباعا عن شيء ولا يغيره فهذا أصبح بقوة المبدأ والمعيار بينما هو فهم كلامك خطأ فقط ليفرض فهمه عليك الذي قلت الكلام.
ما هو المشترك؟
المشتركات بين كل هؤلاء والتي تكون نقلية وفهم انطباعي تشكل لب الجهاز المعرفي بما يحوي من معلومات حقيقية أو خزعبلات وتقوقع نفسي وخوف من المتغيرات يخلق حالة من اغرب الحالات، التجاوب مع القوة مثلا ورفض الحق بقوة إن لم يكح له قوة، وهذا امر يعيق النهضة والتغيير والفهم والتطوير وإبقاءالتخلف المدني والانحدار الفكري الحضاري وتلاشي أمم قد تملك أسلحةالانتصار على ما يستعبدها لكنها لا تستخدمها بل ترفضها وتتمناها وهي جانبها، فنجد العلماني يتحدث عن حكم بلا تدخل الدين ويعني القدسية وهو لا يعرف أن هذا موجود في الإسلام وفق معايير حضارية فكرية، ويتحدث المرء عن سلوك يستفقده في مجتمعه وهو ذاته يسلكه ويحارب الفكر الموصل إليه.
فلابد من إصلاح للجهاز المعرفي والبناء للإنسان لان أي بناء مدني ممكن أن يصبح خرابا في أيام أن لم تبن شخصية الأفراد ويقام المجتمع على أساس العدل، لا حقوق المكونات في ظل اختلال المعايير وتوازن القوى والعصبيات.