22 ديسمبر، 2024 2:17 م

فلسفة مبدأ القبول في المفاوضات والازمات المعقدة

فلسفة مبدأ القبول في المفاوضات والازمات المعقدة

تتنوع الاساليب والطرق والمقترحات التي تقدم احيانا رسميا،لانهاء الصراعات والازمات والصدامات السياسية الداخلية والخارجية ،تحت مبدأ”الجلوس على طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة”،غالبا ماتفضي تلك الجلسات والمحاولات الجادة الى نتائج غير مرضية للاطراف المعنية،ويعود الجميع بعد مدة معينة الى نفس المربع الاول(بعد ان يسجل احيانا احراز تقدم بسيط) ،ولعل اخر النجاحات الدولية المهمة، التي شهد لها العالم، وحصل فيها تقدم وتفوق كبير للدبلوماسية العقلانية على التوترات ولغة الشروط المسبقة ،هو نجاح الاتفاق النووي الدولي بين ايران والاتحاد الاوربي- وامريكا(الذي انسحب منه ترامب منفردا)،لكن نرى ان الحرب الدائرة على سبيل المثال في سوريا واليمن وليبيا اخذت وقطعت اشواطا طويلة دون نتائج مقبولة للاطراف المتنازعة او المتقاتلة،تكررت اللقاءات والحوارات والنفاوضات لكنها سرعان ماتفشل وتعود لغة القتال والحرب الى الواجهة،…مانود ان نطرحه على الدوائر والمؤسسات الدولية المعنية بفض النزاعات والازمات هو نظرية او مفهوم سياسي علمي توافقي،يستبدل مفهوم او مبدأ الجلوس على طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة،بالاعتماد على اسلوب او نظرية الحل السلمي للنزاعات” تحت مبدأ القبول”، يتلخص هذا المبدأ، بأن يقدم اطراف النزاع شروط ونقاط ومطالبهم الخاصة بأنهاء النزاعات والاختلافات في وجهات النظر،قبل المضي قدما بالتواجد على طاولة الاجتماعات المباشرة، والجلوس رسميا مع الاطراف الراعية للحوار او المفاوضات،شرط ان يقتنع الجميع بأن خلاصة الحلول النهائية ستتضمن النقاط التوافقية القريبة من المقترحات والمطالب التي قدمتها الاطراف كلا على حدة،وعليه يصبح الاتفاق والموافقة على شروط الحل النهائي المطروح من قبل الجهات المحايدة الدولية(الامم المتحدة او اية جهات رسمية دولية)الراعية للحوارملزما للجميع قانونيا واخلاقيا ودوليا،ولايحق بعدها لاي طرف الانسحاب او رفض هذه الاتفاقات الرسمية الاي بنيت كما قلنا على” مبدأ القبول بالحل”..
مبدأ القبول بالحل :يعني ان اطراف الحوار توافق على شروط الحلول التوافقية مهما كانت صعبة ،او ضد رغبات الاطراف الموقعة عليه،ولنطرح مثالا توضيحيا حول اليات التطبيف،الملف والازمة السورية او الليبية،اخذت اشواطا ولقاءت وجولات تفاوضية طويلة،بينما كان الاولى ان يكون اسلوب الاتفاق والجلوس على مائدة الحلول التوافقية هو مبدأ القبول بالحل وليس الحرب او الابادة والتدمير المنظم والمتعمد،ولهذا نعتقد ان الرعاية الاممية الدولية المتعلقة بأنهاء الازمة ،وايجال مخارج الحلول المنطقية،عليها تبني مشروع مبدأ القبول بالحلول المتقاربة من المطالب، وفقا للنسب الجماهيرية او الجغرافية او الاثنية والعرقية اوالطائفية المؤثرة في الساحة والمجتمع السوري،عندها يمكن ان يسمح للجميع بالدخول تحت مظلة التفاوض النشروط وفق مبدا القبول بالنتائج والحلول وفق الية النسب كما ذكرنا(اي احتساب تأثير كل حزب او جماعة ،طائفة اوحركة او تيار سياسي او اثني معين او وفق حجم المساحة الواقعة تحت سيطرة تلك المكونات والجماعات ،ونسبة اعداد السكان فيها)،يتم اختيار ممثلين عنهم في لجنة التفاوض،الغاية من هذا الاجراء هو اعتماد مبدأ التصويت الديمقراطي داخل دائرة التفاوض حول صيغة الحل النهائي ،شرط ان يقدم كل طرف مجموعة من المقترحات المقبولة دوليا،وان يكون الرفض داخل اللقاءات المباشرة وفقا لنظام الاختيار عبر التصويت،اي تطرح الجهات واللجان الراعية للمفاوضات بعد دراسة مطالب كل الاطراف بعناية قائمة شاملة، بصيغ تفاوضية متعددة تشمل اكثر من مقترح واحد لكل بند ،يترك فيها حرية الاختيار للتصويت المباشر للاطراف المجتمعة،وهنا قد يثار تساؤل حول الية تدوين واختيار المطالب او رب قائل يقول ان تلك الصيغ هي الفعالة والدارجة في مثل هكذا ازمات والاجتماعات الدولية لفك النزاعات وادارة المفاوضات،نؤكد على ان مبدأ القبول بالحل في التفاوض، هو الشرط المسبق للاجتماعات التفاوضية،وهذا امر مختلف جذريا ، اي يعد من اهم الامور والقضايا الاساسية التي تتقاتل عليها الجماعات المسلحة مع مايسمى بحكومة الشرعية هو مبدا رفض الاخر،وعدم القبول او الاعتراف بحقوقه ومطالبه،لكن ان تم اعتماد مبدا العقل والشرعية الدولية الاممية لايجاد الحلول السلمية لفك الاشتباكات والصراعات وحالات الاقتتال الداخلي او الخارجي،مع وجود فقرة العقوبات الدولية المفروضة على الاطراف الرافضة لتلك الجهود الاخلاقية، حيث من المؤكد ان تعمل وتؤثر تلك العقوبات على الاطراف المنسحبة او الرافضة بقبول صيغة الحل النهائي بشكل كبير،مما سيضطرها ان ترضخ للارادة الدولية العادلة القاضية بأنهاء تلك النزاعات الدموية غالبا….مرة اخرى نقول الغاء مقولة او مفهوم الاجتماع دون شروط مسبقة واتباع اسلوب او مفهوم مبدأ القبول بالحل،بأن تدخل الاطراف في التفاوض بعد التوقيع على هذا الشرط الملزم،على ان يكون لها الحق بمعرفة ان الجهات المحايدة وبما ستطرحه من صيغ توافقية قريبة من مطالب ومقترحات وتوجهات كل طرف،ليبقى بعدها مبدأ الرفض والقبول متاحا لأي من الاطرف المجتمعة بعد اجراء عملية التصويت المباشر حول المقترحات المقدمة لكل مادة او بند(على سبيل المثال لا الحصر في سوريا لو طرحت الاطراف المعارضة للنظام الرسمي مبدأ تحويل سوريا الى نظام فيدرالي اتحادي،بالطبع النظام الرسمي يرفض هذا المقترح جملة وتفصيلا،يصبح الامر تحت مبدأ القبول والجلوس على طاولة المفاوضات، ان تقدم عدة مقترحات قريبة من كل طرف بدلا من الاستمرار بالازمة والحرب والبحث في اليات اخرى، يطرح مثلا..مبدأ الحكم الذاتي. او الفيدرالية المشروطة اي يستثني على سبيل المثال الجيش والشرطة وبقية الوزارات السيادية …او العمل بالدارة اللامركزية للمحافظات…. او نظام ديمقراطي رئاسي مشروط بولاية او ولايتين……، اي بمعنى طرح حلول متعددة مرضية للجميع نسبيا، ثم يرجع الاختيار النهائي للاطراف المجتمعة،وان تم رفض جميع المقترحات المطروحة لاي من الخيارات الخاصة لاي بند او مادة،يصبح الخيار حينها الملزم للجميع هو خياراللجان والجهات الدولية المسؤولة عن المفاوضات،ولهذا سيتعين على كل طرف من الاطراف المعنية بالازمة ان ينهي الجدل الدائر حول اي بند من بنود الاتفاق والحل بالاتفاق والتصويت لصالح المادة الاقرب للجميع بدلا من الخيارات الدولية،تحت شرط لجان التفاوض الموقع عليه مسبقا وفقا لمبدا القبول بالحلول النهائية)،هذا الامر يلزم الجميع بان يأتي الى طاولة المفاوضات الرسمية الدولية ،وهو راغب وجاد في مسالة ايجاد الحلول السلمية الشاملة المناسبة ،ومجبر على القبول بنتائج تلك المفاوضات،كي لايصبح المبدأ الروتتيني القديم القاضي بعدم وضع شروط مسبقة للحوار والتفاوض ،حجة وعذرا للمماطلة والرفض والتمويه والمراوغة والتلاعب بالوقت، لتنفيذ غايات او اجندات خاصة به او بالاطراف الداعمة له..
نعتقد ان هذا الطرح العلمي العقلاني سيخرج الشعوب والبلدان المضطربة،التي يصعب جمعها على طاولة المفاوضات لكثرة الخلافات والازمات والتباين العرقي والاثني والايديولوجي او المناطقي احيانا، من دوامة المفاوضات التي تستمر سنوات وعقود طويلة،وسيجعلها تفكر طويلا بنتائج هذا المبدأ التوافقي، بالاستعداد رسميا بالجلوس على طاولة الصلح والاتفاق ،وبالبحث بأدوات وشروط ومنطق الحلول القريبة من مطالبه، ومطالب الاخرين العقلانية المنطقية كما اكدنا ذلك مرارا ،والا من المحتمل ان يصبح خارجا على القانون والاجماع الدولي.ويكون عرضة لسلسلة من العقوبات الدولية ،مبدا القبول هو مبدا تقريب وجهات النظر لايجاد صيغة الحلول النهائية القريبة من افكار ومقترحات جميع الاطراف،من الممكن ان يضاف الى هذا المبدأ عدة شروط اخرى او تؤجل قسم منها،لا ان يبقى الامر سنوات معلقا في سوريا او اليمن تبعا لرغبات واجندات الاطراف الخارجية المؤثرة في الساحة السورية او اليمنية،ثم نجد ان الجميع بعد كل انهار الدناء التي سالت،وكل هذا الخراب والتدمير والتهجير والمعاناة،انهم يجلسون على طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة،لانعتقد ان هذا الامر الخبيث والخطير والمتعمد هو الحل الامثل والانسب لهكذا نزاعات دموية طويلة الامد(والتي تشبه الحرب الايرانية العراقية بعد الغاء اتفاقية الجزائر من قبل العراق،دماء وضحايا واقتصاد مدمر للدولتين،ثم جلس الجميع على طاولة الحوار لانهاء الحرب،مع العلم كانت هناك مساع دولية خجولة او لعلها كاذبة من اجل ابقاف الحرب،الا ان لغة العناد والرفض من قبل الجانب الايراني، ادت الى تلك النتائج الكارثية،التي لازالت اثارها الطائفية والاقليمية والاقتصادية ماثلة امام الجميع ،فضلا عن التوترات والفتن الطائفية التي خلفتها في المنطقة)،بل من المفترض ان تجبر الاطراف المتنازعة على انهاء لغة الحرب والدم والتهديد بالابادة والاقصاء والتهميش،بألحوار وفق مبدأ القبول بالحلول التوافقية الدولية النسبية المتوافقة مع تاريخ وثقافة وتنوع تلك الدول والمجتمعات المتعددة الثقافات…