9 أبريل، 2024 9:14 م
Search
Close this search box.

فلسفة انحسار الأمم

Facebook
Twitter
LinkedIn

أمم عظيمة أنشأت مدنيات راقية كالصين والمسلمين في امتداد المساحة من الصين إلى بواتييه الفرنسية واستمرت إلى الحرب العالمية الأولى في بداية القرن العشرين ومدنيات أخرى كالإمبراطورية الفارسية، والإغريق ومدنيات متعددة في مناطق معروفة اليوم بتركيا كأسبرط وطروادة واليونان وروما على مديات تاريخية تصعد وتهبط.
هذه الأمم بالمجمل أتاها في التأسيس أناس يحملون رؤية ومشاريع فتوسعت رقعتها الجغرافية في زمن الاتصالات به ضعيفة والقوانين غير واضحة وتكاد تكون سيادية عليا، او تطبق بشكل انتقائي مع الانحدار في متانة ورصانة الدولة.
أمة كالصين احتلت من أمة أصغر حجما وعدد كاليابان بينما الإنكليز وهم جزيرة صغيرة في المحيط الأطلسي احتلت معظم العالم القديم وكانت تطمح لضمه للتاج البريطاني وسيطرت فعلا على أمة عريقة وكبيرة كالهند الكبيرة ومن ضمنها الأن باكستان وبنغلادش بل نظمت حكومة كاملة في الهند نفذت عملية احتلال دول مثل العراق وقادت تنظيم القبائل في تحييد السلطنة العثمانية، لكنها لم تك أيضا تجري دراسات ضرورية وتماهي مع الحراك بين مجتمعات متنوعة الثقافة فانهارت وانحسرت كإمبراطورية محتفظة بنفوذ بروتوكولي طوعي في بعض المناطق التي تسميها الكومنويلث (الثروة المشتركة أو الرخاء الاجتماعي).
العصر الحديث:
في عصرنا الحالي، ظهرت قوة إمبراطورية في تنافس على النفوذ والموارد والمال، راينا بوضوح صعودا في بداية القرن العشرين للاتحاد السوفيتي والذي ترسخ بدكتاتورية رهيبة أفقدت الأهلية للبشر لكنها تقدمت تكنولوجيا باتجاه الآلات الحربية وما تفرزه الآلات الحربية، إنما كانت من الداخل متآكلة منهارة متجهة للانهيار لانها ضغطت على الإنسان بايدلوجيا لا تطبق بعدل ولا تحمل العدل في سلوكياتها وان زعمت المساواة في كل شيء فترجلت عن المنافسة التاريخية بلا حرب أمام الولايات المتحدة وحلفائها خصوصا بما تعرضت له من استنزاف في مواطن الصراع الخارجية كأفغانستان بشكل فاقع، هو ذات المكان الذي نرى فيه الانكفاء الأمريكي والتراجع أمام التهديد الاقتصادي وتعرض الرأسمالية كنظام للانهيار وهو ما سيحصل وفق معطيات الدارسين عاجلا أو آجلا وقرار رفع سقف الديون الضروري هو محاولة لفسح المجال للنظام للملمة أجزاءه المتناثرة من تدخلات مدمرة لدول ولم تعمر دول كسبت أعداء وتركت ذكريات مؤلمة وكان العكس ممكنا لتكون كومنويلث كما فعلت بريطانيا التي يمكن أن تستعيد دورها العالمي من خلال تنظيم ومشاركات اكثر رقيا.
النقص الكبير في سياسة الولايات المتحدة هو مبدأ الهيمنة وإخضاع الشعوب وليس بناء منافع من نوع ما ومصالح مشتركة وهي بهذا قوة احتلال لا ترتقي إلى مستعمر كبريطانيا التي تحتاج ان تطور سياستها هي والولايات المتحدة لمواجهة التحديات من خلال الشراكات مع دول مصادر الطاقة وليس استنزافها وهذا سيغنيها عن دخول معركة تحتاجها الصين لتثبت أركانها بعد ارتفاع نظامها المتحور من الاشتراكية الى الاستثمار والاتجار والتجارة المنفتحة ليست بطريقة الرأسمالية ولا الشيوعية وإنما من خلال دراسة ظرف كل شريك وهي سياسة نجحت خصوصا وانها تمتلك الآن مفتاح تثبيت أو انهيار النظام الرأسمالي لكنها تحاول الحفاظ على هذا التوازن أيضا.
هذه الأمم المسيطرة الآن عمليا منهارة ودوما استخدم لها مثل الدار الخشبي الذي يصبغ لإزالة أثر السوس ولا يعالج التسوس به فتراه من الخارج براقا جميلا لكنه سينهار بمجر لمسه خفيفة واعية من معترض على وجوده
هذه النظم التي ترتكز على جانب الأيدلوجيا سابقا، وفشلت لتبدلها بالعوامل المدنية أو التي ارتكزت على المدنية منذ البداية بقاؤها على تأخر ظهور البديل الواعد الذي يحرك الإنسان.
ففلسفة سقوط مدنيات عظيمة كالصين القديمة والمسلمين القدامى وهم يحملون مقومات معطلة للديمومة تأتي من غياب مؤسسات الديمومة، الاهتمام بتحديث أدوات النهضة يتلاشى، والاهتمام بدقائق الفاعليات المؤدية للنهضة، جمع الخيوط الفكرية ومعاملة حاجات الإنسان وغرائزه، ذات الأمر تراه في انحدار مدنيات مازالت قائمة سببه التوجه الخاطئ لهذه المؤسسات لأنها تقدم نصائح في تعظيم المكاسب الرأسمالية أو التطور التقني وتهمل الفكر الذي لا يناسبها بينما قد يكون فيه الإحياء والتجديد لهذه الأمم، وتقونن الانحدار في السلوك البشري مضحية بالقيم التي ترتقي بالإنسان………. البشرية اليوم بحاجة لمنظومة نهضة فما هي فلسفة النهضة؟ نحاول أن نجيب عن هذا في مقال آخر.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب