البناء الحسي والظاهري لا يكفيان:
في تصورات أرسطوطاليس حول الفكرة الحسية ومنها ما تبنته الكنيسة كمركزية الأرض وتسطحها والتي اثبت العلم وتطوره والتوجه البحثي نحو الفضاء أنها محض تصورات ليست صحيحة، من اجل هذا كانت فكرة (الشك)من تتصدر الإصلاح، وفكرة الشك في الحقيقة تقود إلى اليقين والاطمئنان إلى المسار شرط أن يبقى هنالك حضور دائم لتجنب الموثوقية بغير (الثابت الجذري)، والثابت الجذري في الإسلام القرآن وما ثبت من أحاديث بشكل قطعي ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ( 260- البقرة ) )، هذا المنهج القرآني في الشك واليقين هو دعم للإيمان وليس ضد الإيمان، لأنه من متطلبات القناعات التي تجعل إبراهيم يقبل على النار وهو واثق أن الله معه ولا يكون إلا ما أراد الله.
بناء الصواب على العدد، أو بناءه على المكانة للأشخاص أو أن الأجيال كلها مؤمنة به فهل كلها لا تفهم! هذا بناء حسي لكنه يعطي موثوقية زائفة عند تدقيق الجذور كما تبنيت معتقدات مئات السنين وحورب العلم باسم الدين من الكنيسة وهو محض راي تبنته عن فكر ملحد أصلا، بل أضيفت للمعتقدات ما يناقض جذرها وخرجت مطعمة من ساقها بثمار ليست للأصل بل لا تمت له بشيء من صلةكولاية التغلب وغيرها من المعتقدات التي نراها تمس جذر التوحيد لهذا في البناء المظهري نجد إن قبول هذا الأمر وأمثاله من التعريفات المنقولة والمدخلة بغرض سد فراغ فهمها من البشر كلها لا تعطي الفكرة الصحيحة عن الإسلام أو المسيحية.
بناء المدنية ممكن أن يتم في الهدوء ويرتقي بالعوامل الثلاث التي ذكرها ابن نبي التراب والزمن والإنسان، هذه لا تقدم معالجات كافية فهي تعتبر برمتها كونية قضى فيها الصانع كقدر لبناء وعمارة الأرض، فهي أدوات الإنسان لعمارة الأرض يحكمها ويتفاعل معها لان الإنسانفي مجتمعات متنوعة أو قيد التأسيس وتحتاج إلى عامل رابع وهو الحضارة الفكرية أي الفكر، حتى المدنية الغربية التي لم تؤسس أخلاقية لكنها استحضرت السلوك من خلال فكرة النفعية التي تدير المنظومة العقلية لصالح تحقيق الغرائز.
الأساس الفكري والفلسفي للخليقة في الإسلام:
لتسهيل فهم هذا الأمر وأهميته أضعه في نقاط:
فليس من وكالة ولا زعم حفظ الآخرين من الضلال فلهم منظومتهم العقلية، ولا إجبار، فان كان حوارا فسيكون متكافئا، فان تطورت الأمور سلبيا فلكم دينكم ولي دين، أما إن كان هنالك محاربة للعقيدة فحفظها واجب وهي اشد أنواع القتال بل الظلم في التسفيه، فأذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا، فان جنحوا للسلم فالسلم أولى، لان الأصل منع الإفساد في الأرض وليس فعله.
ويتبادر للذهن ماذا أولئك الذين لم تصلهم الرسالة، فمن خلقهم هو أدرى بهم لكن في عصرنا وقد تقلصت المسافات والزمن؛ فالحوار لأنه منشط المنظومة العقلية الآدمية وتلك من المهام الإيجابية وفق أصولها (ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(125النحل).