20 ديسمبر، 2024 1:30 م

فلسفة الحياة في (إنسانية الإنسان)

فلسفة الحياة في (إنسانية الإنسان)

التي هي هدفٌ صعب المنال
وهي تجربة ينتظر الخالق منا الفوز بها
وهي لن تكتمل في نفوسنا
لأننا نفتقر الى فهم المعاني الانسانية لها
تلك المعاني التي لم تُتح لها الفرصة
في التخمر في عقولنا والنضوج في ضمائرنا
لأنها قبسات من شعاع الأنوار
التي تضطرم في وجداننا
لترتقي في تجلياتها فتتجسد في الشمائل
من الصدق والصراحة والوفاء
والمروءة والأمانة والإخلاص
ويتقدمها الإيثار
فالانسانية والسمو فيها هو غاية لها
وهي مرحلة له تنتفي بغيابه
فهنالك معقول وهنالك لامعقول
فهذا الكائن البشري وهو في مرحلة الشيخوخة
والهرم والإعياء
نجده وقد تخشّب جسده
وأصبح كالشجرة التي ذبلت براعمها
فعظامه هشة
والجلد قد فقد بريقه ونظارته
والجسد قد إعتراه الهزال
فلم يعد يبصر بعينيه
بعد أن فقدت لمعان رونقها وحِدة رؤيتها
وصارت غائرة في محاجرها
بعد أن طفحت عظام وجنتيه
فلم يعد يقوى على المسير
بل لم يستطع الوقوف دون سند واتكاء
تتلاطم من حوله العلل
وهو يتلظى من الوجع في ركبتيه
ويتأوه من الألم في ظهره وفقرات عنقه
ويغوص الألم في أحشائه ويستعر في فؤاده
ينتظر حفيده ليُوصله الى الحمام
او يُناوله كأساً من الماء مع برشامة الدواء
لايقدر على سماع الكلام إذا لم يكن بوتيرة الصراخ
قد لايتذكر حتى إسمه
ولايستطع التمييز بين أبنائه
يخالط تفكيره التخريف
ويلازمه الهذيان حتى في جوف الليل
فقد فارق شذى العطر الطيب جسده
وأضحى الجمال عنه مُستبعداً
ها هي صورة المخلوق الوسيم
في أيام الشباب وعهد الصبا وأيام الطفولة
قد تحولت الى شكل مرعب مُخيف
لايختلف عمّا نراه في المومياء المُحنطة
وقد يصبح الإنسان تابوتاً قبل مماته
وهنا يحق لنا القول ونتساءل
هل أن الخالق ينتظر هذا الانسان
ويتوعده بغليظ العذاب وهو بهذا الحال من الإرهاق
لكي يتشفى منه ويتقاضى معه
في منصة أطلق عليها محكمة العدل الإلهي
والعدل لم يكن له وجوداً فعلياً
في قاموس الكون ونواميس الطبيعة
وأن (العدل) لم يكن ليتحقق
لأنه فاقداً لأحد شرائط أركانه وهي (المساواة)
فذلك السوي في العقل والسوي في الجسد
وذلك المُعاق في العقل والمُعاق في الجسد
وتلك الجميلة في الوجه
وتلك القبيحة في المنظر
وذلك الطليق في اللسان
وذلك المتعثر في الكلام
وذلك المولود في عالم الغنى والثراء
والمولود في أوساط المعارف والعلم
وذلك المولود في عوائل الفقر والجوع
والمولود في مستنقع الجهل
وجميع ذلك هو خارجٌ عن إرادة الانسان
علاوة على ذلك فقد ألهمنا الخالق
فيض من نوازع الخير والشر
لتتشابك في عقولنا وتتمترس في مسارات متناقضة
فيكون الخروج من بينها للإهتداء للطريق القويم
هو فوق طاقتنا
بعد سيطرة غرائزنا وشهواتنا وأضاليل تفكيرنا
فكيف تكون بعد ذلك عدالة في عوالم أخروية
وهي فاقدة لها في العوالم الدنيوية
وقد منح الانسان نفسه الحق بقنص مَن يقنصه
والتهام مَن يلتهمه
ونحر مَن ينحره
وأكل مَن يستطعم لحمه
وهو في لذة وزهو وانتشاء
ولم نجد مَن يُخوّله بذلك الحق
إنما هو حكم القوي على الضعيف
ولاشيء غير ذلك
ثم يأتي الإنسان فيغالط نفسه ويُجانب المنطق
حينما يتهم البهائم بأنها كواسر متوحشة
لأنها تهاجم غيرها
ونسي نفسه وهو يزهق أرواح الكائنات من الحيوانات والنباتات
وجميعها تمتلك الأحاسيس وعناوين الحياة
فهل نراجع يوماً أنفسنا
لنفهم الأسرار ومايُحيط بنا
وندرك حقيقة وجودنا
وطبيعة نشأتنا وخفايا الألغاز !!!

تلك هي لمحات جالت في خاطري
وهي تبحث في الأعماق عن فلسفة الحياة في (إنسانية الإنسان)
ماهر سامر

أحدث المقالات

أحدث المقالات