23 ديسمبر، 2024 5:38 ص

فلسطين في ذاكرة العراقيين

فلسطين في ذاكرة العراقيين

فلسطين عربية.. موتي يرجعية، الله. الله. ياعرب…. فلسطين. باعوها، وشعارات أخرى كثيرة تَعلمناها من اساتذتنا في مرحلة الابتدائية في مطلع العقد الثامن من القرن العشرين مثلما اعتدنا أن نتجمع كل خميس من الاسبوع ونردد شعارات نحتج فيها على إسرائيل لاحتلالها فلسطين، وباتت فلسطين وعاصمتها القدس لها رمزية كبيرة لدى الشعب العربي، وشيئاً فشيئاً تراجعت هذه الرمزية إلى مستويات مخيفة جداً، ولم تعد شعارات تحرير فلسطين من أولويات الشباب العربي، بل بات الحديث الذي يُزعجه كثيراً في ظل غياب الحكم الرشيد الذي يوفر أبسط مستلزمات الحياة.

تَلمست انخفاض الشعور الوطني لدى طلبة الجامعات إزاء القضايا الوطنية العربية بشكل مضطرد، لكن الشيء الذي هالني هو عدم رغبتهم المطلقة بإعلان رفضهم لقرار ترامب وعَدَوه شأناً داخلياً للفلسطينيين لا يعنيهم لا من بعيد ولا من قريب، وهم غير مستعدين للقتال وفقدان مزيد من الأصدقاء والأحباب في حرب استنزاف جديدة تصب في مصلحة دول أخرى، وقد عَبر عدد كبير من الطلبة صراحة عدم رغبتهم في تلبية دعوة التظاهر التي نظمتها جامعتنا، وبدلاً من الوقوف في ساحة التجمع تفرقوا بين أروقة الجامعة وحدائقها نائين بأنفسهم عن قضية المسلمين الأولى.

وفي اليوم اللاحق للتظاهرة دخلت إلى الصفوف الدراسية مرحلة تلو المرحلة مقتطعاً بعض الوقت متوشحا بالعلم الفلسطيني، وقد وجهت لهم سؤالاً واحداً لماذا لم تتفاعلوا مع الدعوة للوقوف احتجاجاً على قرار الرئيس الامريكي ؟!. فقالوا: كيف لنا أن ننسى مئات الإنتحاريين الفلسطينيين الذين فجروا أنفسهم ضد الأبرياء من أهلنا في بغداد والمحافظات، فقلت لهم: هولاء أقلية لايمثلون الشعب الفلسطيني، فقالوا: كيف لنا أن ننسى تظاهرات غزة التي دعت إلى نصرة البغدادي والانتقام من شعب العراق، فقلت لهم: الدواعش موجودون في كل بقعة من العالم ولا يمثلون الواقع العربي كله، فقالوا: لن نتفاعل مع هذه الدعوات ونحن نعيش في بلدٍ يخلو من الوظائف والخدمات والحياة الكريمة في أبسط مستوياتها.

والأمر لا يقتصر على جامعتي كما يبدو فقد بات شعوراً عاماً لدى الشباب العراقي وربما من دون استثناء مع تباين الأسباب، فقد أجريت بعض الاتصالات مع بعض الأصدقاء في المحافظات الغربية، فأخبروني صراحة بأنهم باتوا ينزعجون كثيراً من مصطلح ( الاحتلال) وتم استبداله بالجيش الأمريكي والقوات الصديقة وتراجع تأثير أصحاب دعوات المقاومة وتحرير المقدسات، وارتفع رصيد أصحاب فكرة التعاون مع الولايات المتحدة من أجل تحقيق الصالح العام وتحقيق الأمان والسلام في ربوع مناطقهم بعدما ذاقوا الويلات على أيدي أصحاب الرايات السوداء والزرقاء والحمراء والصفراء والبيضاء.

إذاً الولايات المتحدة نجحت كثيراً في تطبيق مبدأ (الفوضى الخلاقة) الذي سينتهي في 2025 لتبدأ مرحلة أخرى من مراحل التدجين التي تنتظر الشعب العربي الذي بموجبه مكنت أصدقائها في تولي شؤون إدارة البلاد العربية ومن ثم الوصول إلى هذه النتيجة.

وأجد ضرورة للاستشهاد ببعض أبيات من قصيدة لشاعرنا الكبير مظفر النواب حين يقول:

القدس عروس عروبتكم

فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها ؟؟

ووقفتم تستمعون وراء الباب لصرخات بكارتها

وسحبتم كل خناجركم

وتنافختم شرفا

وصرختم فيها أن تسكت صونا للعرض

فما أشرفكم

أولاد القحــــــ….. هل تسكت مغتصبة ؟