23 ديسمبر، 2024 12:41 ص

فلسطين ثانية وثالثه

فلسطين ثانية وثالثه

ان اى اجراء ادارى, قضائى تتخذها الحكومه الاسرائيليه تجاه الفلسطنيين ينفذ كعمليه عسكريه تبدأ بالشرطه ويمكن ان تضاف اليها القوه العسكريه وتقوم على هدف مخطط له مسبقا. منع الفلسطينين من قيام صلاه عيد الفطر فى الاقصى الشريف واحتلال بيوت حوالى 30 عائلة مقدسيه فى حى الشيخ الجراح وتهجيرهم ليستولى عليها المستوطنيين المتطرفين, اوان تقوم احد الشركات العقاريه ببناء مجمعات سكنيه لمزيد من المستوطيين المتطرفيين يرمى الى اضفاء شخصية يهوديه على الاقصى الشريف والقدس عاصمة دائميه لاسرائيل وتثبيت رساله واضحة ذو دلالات كبيره, بأنكم ايها الفلسطينيون لامكان لكم هنا ولا تستطيعون مقاومتنا. ان مثل هذه العمليات تنجز بدرجات عاليه من العنف واستخدام القوه التدميريه المفرطه وتقدم صوره عن منهجيه متكامله لنظام ادارى ومجتمع عسكرى وعنصرى, هذا بالاضافه الى الاستخفاف بالانسان العربى والفلسطينى والامعان بأهانته واذلاله. ان الحكومه الاسرائيليه برئاسه نتنياهوا قد اصابها الغرور والنرجسيه واحيت العجرفه التاريخيه التقليديه بعدما نجحت فى فرض سياسة السلام من اجل السلام على القاده العرب الذين اثبتوا عجزهم مجددا وكذلك التطبيع مع بعض دول الخليج , المغرب والسودان لاسباب واهيه ليس لها علاقه بمصالح شعوبها ومصير الامة العربيه وانما بمصالح انظمة تتسلط عليها شخصيات لها اهداف ومصالح شخصيه تعتقد بان اسرائيل سوف توفر لها الاستمراريه فى الحكم وتقوم بحمايتها وضمان مصالحها. كان نجاح الحركه الصهيونيه فى الحصول على “وعد بلفور” وقيام كيان يهودى فى فلسطين تحت مقولة” ارض بلا شعب وشعب بلا ارض” بعد ما قدمت القياده الصهيونيه تعهداتها بان تكون اليد الامينه فى تحقيق مصالح الغرب الاستعمارى فى البلاد العربيه والقوه الضاربه لكل من تسول له نفسه فى الثوره والعصيان. واحذت تزداد موجات المهاجرين اليهود الاوربيين, خاصة فى المرحله النازيه التى حكمت المانيا واعتبرت اليهود سبب كوارث البشريه. قام الغرب الاوربى بالمشاركه الفعاله للحركه الصهيونيه بعد حرب محسوبة النتائج مع الحكومات العربيه التى لم تكن قد تحررت من الاستعمار المباشر والتى كانت اصلا من صناعة وتركيب انكلتره وفرنسا. فى هذا الاطار يظهر بوضوح مدى التباين بين القيادات الصهيونيه ومشروعهاالاستيطانى فى فلسطين واستعدادها للعمل والتضحيات, والقيادات العربيه الضعيفه وغيابهاعن الواقع, لا تدرى ما يحاك بها وحولها ولا تملك اراده فى الفعل والتغيير وفى تناقض مع وعى وطموح الجماهير العربيه بالفاجعه والكارثه التى تظهر واضحة فى الافق. ان الصهيونيه حركة استيطانيه وايديولوجيه عنصريه استعلائيه ارهابيه اعتمدت اللاهوت اليهودى بان فلسطين قد وردت فى التوراة وطنا لهم, احتلت الوطن الفلسطينى, اغتصبت اراضه وسرقة ممتلكاته اهله وقامت بمختلف الجرائم الوحشيه لبث الرعب بين السكان وقامت بتهجير الالاف من الفلسطينين, كما فرضت جبروتها عليه واخذت تتعامل معه كانسان من الدرجه الدنيا بعد ان اذلته واغتصبت كرامته. ان القياده الجديده لحكومة اسرائيل قد ابدعت فى تسويق عملية الاباده الجماعيه”المحرقه” التى قام بها النظام النازى العنصرى فى المانيا والاضطهاد والتهميش الذى عانى منه اليهود فى دول اوربا بشكل عام, اخذت المساعدات والدعم المادى والمعنوى تصل الى اسرائيل ماقيمته مئات الملياردات بحيث تم تسليح الجيش والشرطه والتعليم والبنيه التحتيه من استحقاقات المحرقه وكذلك وبمنتهى الكرم رسميا من حكومة الولايات المتحده الامريكيه بالاضافه الى مختلف المنظمات المدنيه والكنسيه ويهود امريكا, انها سرعه رهيبه التى تم فيها بناء اسرائيل الى دولة عصريه متقدمه بمتجزات الحداثه وعاملا فاعلا فى تطويرها, وليس غريبا بعد ان نجحت الحركه الصهيونيه ان تكسب المثقفين والاكاديمين والعمال المهره من يهود اوربا الشرقيه ومصر والعراق فى تسويق فلسطين بالحلم اليهودى الكبير والوطن المعهود لشعب الله المختار. لم تعداسرائيل ادوات الاستعمار فى تنفيذ وحماية مصالحه وانما قد طورت ديناميكيتها الذاتيه, ففى العدوان الثلاثى على مصر على اثر تأميم قناة السويس استطاعت الوصول الى البحر الاحمر وبناء ميناء ايلات, وكانت حرب الست ايام عام 1967 مخطط لها وبلع الرئيس عبد الناصرالاستفزازات الاسرائليه وانجرف فى حرب لم يخطط لها مسبقا وكانت غير متكافئه بنفس الوقت. لقد تم تدمر سلاح الجو المصرى وهو فى الارض دون ان يساهم فى المعركه. ان النتائج التى قامت على هذا الفشل والانتكاسه هو احتلال اراضى عربيه ثانية اخرى بالاضافه الى خسائر ماديه لا تقدر بثمن, ولم ينحصر انتصار اسرائيل فى احتلال الاراضى العربيه وانما تدمير كل المنجزات المصريه التى تم بنائها وتجهيزها من قبل ثورة الضباط الاحرار بالاضافه خيبات الامل وانتكاسة الوعى الجماهيرى وفقدانه الثقه بالحكومات العربيه وعجزها على حماية الاوطان. وجاءت حرب 1973 التى قدمت نموذجا للتخطيط والتدريب العسكرى المنظم من قبل كبار الضباط الاكفاء خاصة بالتفكير باستخدام سلاح فعال يحد من سيطره اسرائيل الجويه, وكانت الصواريخ والمدافع, كما استطاع الجيش المصرى بسرعه كبيره تحطيم مقولة استحالة تجاوز الساتر الترابى ” خط باربيف” الذى قام ببنائه الجيش الاسرائيلى وتخطوا ذلك الحاجر وتقدموا نحو القوات الاسرائيليه وكبدتها خسائر فادحه. ان هذه الحرب التى كانت ابعادها محدوده مسبقا وكان هدفها تحريك المياه الراكده ولم تتقدم القوات المصريه الى الامام وتاخذ موقعا مهما فى المعركه وتكون مؤثره فى المباحثات القادمه.وبذلك استطاعت القوات الاسرائليه استغلال” “ثغرة الدفرسوار”, حتى لو كان بمساعدة امريكا, وقامت بتطويق وحصارالجيش المصرى. ان الشجاعه والبطوله وروح التفانى للجنود والضباط الاحرار لم تكافأ من قبل السياسين الخانعين. رغم الخسائر الكبيره التى حصلت للقوات الاسرائليه, ومع ذلك قامت باختلال الجولان ومدينة القدس. وتحركت عجلت التطبيع والسلام مع اسرائيل وكان لكل مرحلة ثمنها. سيناء مقابل اعتراف مصر بأسرائيل وفقا لصيغة مؤتمر كامب ديفيد. حقا الفساد والعجز يبدأ من الرأس” مصر” ويسرى لاحقا ببقية الجسم. لقد قدمت القيادات العربيه ثانية وثالثه عجزها وفشلها واستعدادها للتضحيه بمصالح الامه والوطن دون خجل ووحز ضمير. ان اسرائيل ليس دوله مثل غالبية دول العالم فهى دوله عبريه , عنصريه متعاليه ومجتمع تصاعدت فيه العسكريه مراحل عاليه وبذلك طغيان العنف والقوه تجاه الفلسطينين واليهود غير الاوربيين ” الشرقيين” الذين يعاملوا بشر من الدرجه الثانيه, ولابد من الاشاره الى انتصار السلفيه اليهوديه- الشرعيه الحاخاميه,بحيث لايمكن اصدرا دستور مدنى فى مخالة مع التوراة. اسرائيل دوله استعماريه وعلى علاقه وجوديه مع امريكا وبقية العالم الغربى الذى مازال يقدم الدعم المادى والمعنوى ويعطل اى قرار فى مجلس الامن يمكن ان يدين اسرائيل. اسرائيل لها مصالح وطموحات مريبه خاصة تجاه البلدان العربيه.وهى اسرئيل لم توضح وتثبت حدودها لحد الان وفى حروبها مع الدول العربيه توسعت بشكل يدعو الى القلق والخوف, كما استطاعت ان تفرض شروطها فى عمليات التطبيع الاخيره. ان عدائيه اسرائيل تجاه الدول العربيه قائمه على منهجيه وعداء تاريخى, وهذا يدعوا الى التفكير والعمل لتطوير افكار, خطط وستراتيجيات فى التعامل مع اسرائيل ومع امريكا بشكل خاص والغرب بشكل عام وبنفس الوقت تقييم السياسات العربيه والحروب بالجيوش الرسميه. ان اسرئيل كمجتمع طبقى قائم على العنصريه الدينيه تشكل القوه الاجتماعيه الرئيسيه الفاعله يهود اوربا الشرقيه اما يهوداالاقليات الشرقيه بمختلف خلفياتها هى طبقات مقهورة مستضعفه ومستغله. ان نخبه اسرئيل من يهود اوربا لشرقيه والغربيه سوف يهاجروا وسوف تستقبلهم هذه الدول وتقدم لها جميع المتطلبات, انهم يحملون جنسياتها, هؤلاء حينما يحسوا بالخطر ويداهمهم الخوف والرعب سوف يتجهوا سريعا بالغالى والنفيس الى المطارات ويبدؤا المسيره بدون عناء كبيرمن جديد.
ان المقاومه سواء ان كانت اسلاميه” حماس” او غير اسلاميه قدمت نوعية جديده من العمل العسكرى ونوعية السلاح المستخدم . ان الصواريخ بمختلف انواعها ومداها وقدرتها التفجيريه التى اطلقتها حماس او منطمات اخرى كان لها دورا فعالا فى الوصول الى العمق الاسرائيلى بالرغم من الاساطير التى نسجت حول “القبه الحديديه “وقابلياتها الفعاله على اصطياد الصواريخ المضاده. لقد درس وتعلم الفلسطنيون الكثير من العلوم والمعارف حول الصواريخ كسلاح فعال يخترق الحدود بسرعه ورشاقه. هذه الصواريخ قد وصلت الى مواقع محصنه, تل ابيب, عسقلان, مطار بن غوريون.ومعامل وابنيه…..الخ هذا بالاضافه الى عرب فلسطين الداخل الذين تضامنوا مع اخوتهم فى غزه ويعيدوا اهمية الانتماء والهويه. لقد خسرت اسرائيل ماديا وبشريا اكثر بكثير من الانتفاضات السابقه خاصة ان الاقتصاد والحياة العامه معطلة تماما والسكان يمضوا ايامهم فى الملاجىء ينتابهم الخوف والرعب سرعان ما تدوى صافرات الانذار. ان هذه الانتفاضه بابعادها العسكريه الواضحه قد افرزت حالة جديده فى الوجدان العربى تمثل بالوعى والتضامن والالتزام بالحقوق. شباب وقادة الانتفاضه جعلونا نشعر بالفخر والاعتزاز اننا نحمل الهويه, فلسطين والقدس والاقصى الشريف فى ضمائرنا واسرائيل يمكن اصابتها واسقاط الاساطير التى نسجت حولها. ان المقاومه اصبحت فى وضع تستطيع به ان تحدد الزمن ونوعية السلاح الذى سوف تجابه به اسرائيل.
ان الغرور والعنجهيه التى تميز بها ” نتنياهو” طيلة سنين حكمه بالاضافه الى تهالك وتهافت بعض القادة العرب نحو التطبيع قد حكم على العرب عموما وعلى المقاومه الفلسطنيه بالفشل والعجز والتخلف, فى الوقت الذى لم يتطور اسلوبا جديدا فى التفكير وانما انطلق من احكام مسبقه حول المقاومه الفلسطينيه, انه يكذب ويشوه مجريات الامور وقد انحسرت قوته فى سلاح الجو والطائرات الحديثه التى تقصف سكان غزه ,ابنيتها ,بيوتها وتدمير منشأتها وقتل السكان العزل وهذه الاعمال الاجراميه تعد جريمة ضد البشريه. ان مجابهة اسرائيل بالجيوش النظاميه وحركتها وبروقراطيتها غير مناسبه وغير فعاله مع القوات الاسرائيليه المدججه باحدث الاسلحه, وبهذا يمكن ان تكون المجابهه غير متكافئه, والمنهج الافضل هواعتماد وحدات مرنه مدربه, سريعة الحركه ومثقفه تحملها الاهداف والمسؤليه تستطيع ان تفرز جوا من القلق والخوف والرعب فى الداخل الاسرائيلى بحيث يبدأ التفكير بجدوى العيش فى ظل هذه الظروف المخيفه, وحتى بلورة القناعه من ضرورة السلام والتعايش السلمى مع الفلسطنيين فى اطار دولتين او دولة موحده علمانيه ديمقراطيه للجميع . لكم العزه والاحترام والتقدير الكبير ثوار غزه الصامده والى مزيد من العمل والتفكير العلمى لمسيره الحياة وبناء الاوطان.