انا هنا لن اثني عن سياسي متنفذ او مسؤول رفيع او زعيم ديني او عشائري ولن امدح شخصاً صادفني فيه القدر في موقف مصلحي او اقتضت الضرورة والحاجة ان اشكره في تعليق او تغريدة . قبل عشرين عاماً عرفته وكانه فيلم تراجيدي يعبر عن معاناة وصدق في الموقف لم يتاثر بفعل مؤثرات الزمن والقدر والتغير فالمشعل المحبوس بقدر المعانات في رفض الدكتاتورية كان يحيط الناس بمفاهيم الحرية والراي الاخر والرفض والقبول وفق مخرجات الوضع انذاك وبقدر ما كان هادئاً ومتزناً في الامور الحياتية التي تتعلق به شخصياً كان منفعلاً بنفس المستوى في الدفاع عن حياة الناس وحقوقهم . ومثال (طبع الي بالبدن ما يغيره بس الچفن ) ينطبق على فلاح المشعل ايجاباً فالوصوليين وصوليين في كل زمان ومكان وركوب مطية السلطة هو اقرب للكثير من الكتاب والمثقفين والشعراء فهم ممن يجيد الاطراء والمديح في التقرب من السلطة او ممن يتقي شرها بخير الامان في زمن اللا امان .
المشعل كما اي عراقي لم تتهيء له السبل في الجهر علانية في موقفة الرافض للدكتاتورية التي شخصت النقطة السوداء في قلب المشعل على حكم الطاغية صدام . هذه النقطة جعلت المشعل اسير التحقيق بين الفينة والاخرى . ولكن ثوار المقاهي ومعارضي الغربة لايقبلون بمعارض الا وهو رهن القبر او في دول الغربة . وكانوا يعتقدون ان كل من في العراق هو بعثي وان لم ينتمي .
هذا قد يعد اطراءا لو كان المشعل يتقلد منصبا هاما اليوم لكنه بالعكس ، فمدح المشعل سبة وليس مكرمة بسبب الخصومة المستديمة للمشعل مع الحكومات وما يسببة من احراجات ولكني لااحتاج منه سوى تلك التغريدات والمقالات التي تجعلني كما الاخرين في طريق الحق الذي لا يتزحزح بفعل المتغيرات .
والمشعل عندما ركب وظيفة السلطة رئيساً لتحرير جريدة تعد في حينها الاكثر شهرة والاكثر حيوية وجرأة في ظرف لم يعتاد به الناس عن الممارسات الديمقراطية وحرية التعبير .
المشعل ليس كما السياسيين ممن وجدتم ظروف التغير من المناضلين والمجاهدين والطارئين . فمنهم من سقط في بئر الفساد الاداري والمالي ومنهم من سقط في بئر التخندق الطائفي والحزبي واصبح ورقة رهان للقوى الحزبية ترفعه رغم المهنية ليكون ورقة جوكر في اختيار المنصب على اساس الولاء الحزبي والطائفي ولكنه تقلد المنصب رئيس تحرير جريدة دون ان يلبس عباءة مكون ديني او طائفي او حزبي فكان اعلامياً مهنياً وليس سياسياً ميكافيلياً يقدر مصلحتة ويبني عليها مواقفه ..
كان بامكان المشعل ان يخترق السلطة ويكون نافذاً وقد تهيأت له الفرصة ولكن ثوابت مشعل الليبرالية والوطنية حرمت عليه ان يقع في مطب السلطة حتى وان زينت له حياة الرفاهية والنفوذ فرئيس تحرير جريدة الحكومة كان معارضاً في اساليب الحكومة ومعالجتها الخاطئة ولكن الحكومة كما اي حكومة في الشرق الاوسط تعتقد ان جريدة الحكومة هي لمدح الحكومة ونشر الاعلانات والاكثار من الكلمات المتقاطعة .
المشعل لم يؤجر الكلمة للسياسيين واصحاب القرار لتنتج عنها طلقة الفساد والظلم وانما أجر الكلمة للمستضعفين من شعبه فنتج عنها المطالب الحقة في الحقوق .
والمشعل كما اي سياسي واعلامي وكاتب احبُ فية اشياء واكره اخرىٰ ولاياخذه في ذلك النقد ماخذ الزعل او القطعية فهو يحترم الراي المغاير الذي لايعكس لغة السباب والشتائم حتى على اشد خصومة .
تلك الرؤية وذلك الوضوح لم يشكل يوماً موقفاًازدواجياً في قبول الاخر لمصلحة معينة او موقف معين فالثبات في الراي لايزحزح صدق الموقف حتى على نفسه كما ان الشعور بالخطا وتصحيحة صفة ملازمة للمشعل فهو لاينتقص من الشخص او المؤسسة لذاتها وانما لاعتبارات سلوكها فان تصححت فيكون الاول في الامتنان منها والعكس ان انحرف اصحاب النفوذ والسلطة .وكثيراً ماتوهم المخالفين او ذو الرؤية السطحية في فهم انتقادات المشعل فجعلوا من كتابات المشعل نصر لهم وليس للشعب وكان موقف المشعل الداعم للحشد الشعبي بالكلمة والحرف صفعة لهولاء الذين تاخذهم اهوائهم بعد انانيتهم وليس حب الوطن وقد عكس حماس المشعل في تحرير مناطق العراق بشكل حماسي جعل المتوهميين يدركون ان السياسة ليس فوق وحدة الوطن وان الاعيبها لاترقي الى تطهير قرية نائية في الرمادي او صلاح الدين . فكان المشعل الكلمة الصادقة ضد الارهاب والفاسدين
المشعل الذي رفض ان يجامل الحكومة تم اقصاءه ورفض ان يقع في احضان اعدائها وبقى متميزاً في ان يكون معارضاً مهنيا كما مسؤلاً مهنياً . لم يهزه الاقصاء فيجعله عدائياً يرتمي في احضان ممن يتمنى ان يكون صوتاً نشازاً ضد العملية السياسية فرفض مغريات بسطيات القوى الداعمة بخيارات دوليه ومحلية تخدم اجندات لاتتلائم وطروحات ومشروع المشعل الوطني .
فكان المشعل ينفذ من البغدادية وموقع كتابات الذين ساهما مساهمة فعالة في عملية التغير وتسهيل عبور الكلمة و المقالة الى الناس بكل مرونة وسلاسة والبغدادية وموقع كتابات كما فلاح المشعل نحبُ فيهم اشياء ونكره اخرى ولكن من نحبه علا وارتقى ومن نكره هوى وانحدر كما في اقوال وكتابات المتهورين والمنفعلين والانانيين الذين تشدهم كراهيتهم وطائفيتهم وصراعهم السياسي بدلاً من مصلحة الوطن .
المشعل اصر على الخيار الوطني رغم الاستفزاز الطائفي والعرقي ولم تهزه مواقف كانت لتحمله اعباء الطائفية مرغماً مرة وانتهازياً مرة اخرى وبقى يكتب بقلمه الجريء ولايجرح فيه مكون او طائفة او حزب بعينه ولكنه كان يستهدف الحكومة بجرأة كبيرة مضاعفة وبقوة ساهمت كما بقية قوة الاعلام العراقي المتميز الذي استطاعت الاطاحة بالحكومة وليس قوى اخرى . وبهذا يكون المشعل بما له من ثوابت الكلمة استطاع ان يكون جزء ممن اسقط الحكومة بدلاً من ان يكون جزء منها . وقرار المشعل ان يكون جزء من التغير ليسجل في صفحات مذكراته انه كان يوماً مع الشعب فانتصر للشعب بدلاً من ان يكون مع الحكومة فينتصر لها وبهذا كسب رضى الله وكلمة طيبة وبسيطة من هنا وهنالك تذكر فيها ثوابت فلاح المشعل وتلعن متغيرات السلطة .