22 ديسمبر، 2024 8:14 م

بتاريخ 15/11/2018، أطل علينا رئيس مجلس النواب العراقي (محمد ريكان الحلبوسي) بصحبة محافظ كربلاء (عقيل الطريحي) في مؤتمر صحفي مشترك، وفي سؤال من أحد الصحفيين موجه لرئيس المجلس النيابي العراقي حول صحة تشريع قانون لمجلس النواب حول اعطاء بدل إيجار قدره ثلاثة مليون دينار عراقي لكل نائب في البرلمان العراقي، سواء كان من سكان العاصمة أو المحافظات الأخرى.

أجاب رئيس المجلس (الموقر) بما نصه:- (أعتقد بأن هذا تجاوز غير مقبول على السلطة التشريعية) وأضاف أيضاً موجهاً كلامه للصحفي (برأيك نائب يأتي من محافظة أخرى أين يسكن؟!) .

لا طبعاً يا حلبوسي، يسكن في الكريستال جراند عشتار !!

وفي نفس الشهر، وفي استجواب لمدير البنك المركزي (علي العلاق)، صرح بأن حادثة حصلت في العام 2014 أدت إلى غرق 7 مليار دينار عراقي نتيجة تسرب مياه الأمطار إلى خزينة البنك المركزي العراقي.

في حديث مضحك-مبكي في نفس الوقت لهذا (المسؤول).

وليس بعيدا عن الحديث المستمر لفساد مؤسسات الدولة العراقية منذ أكثر من 10 سنين، حيث غرد زعيم التيار الصدري (مقتدى الصدر) تغريدات موجهة للقيادي في حركة الفتح (هادي العامري) مفادها بأن هناك محاولات من قيادييّ تحالف المحور الوطني، أو ما يطلق عليهم اصطلاحاً (سياسييّ السُنة) لشراء عدد من المناصب والوزارات بالتعاون مع تحالف الفتح والبناء، فأين أنت من هذه المحاولات الرخيصة؟

هذه الأسطر القليلة التي سبقت وغيرها الكثير، تضاف إلى سلسلة طويلة جدا من عمليات السرقة والفساد والاختلاس المالي في الدولة العراقية منذ أكثر من 10 سنين، وكل محاولات الحكومات التي سبقت مضافة إليها جهود هيئة النزاهة ومجلس النواب في مكافحة آفة الفساد المستشرية في جسد الدولة العراقية قد باءت بالفشل الذريع والمر.

والسبب الحقيقي في ذلك -وكما يعلم الجميع طبعا- عدم وجود نيّة حقيقية في محاربة الفساد والمفسدين، فالوزير ووكيله، والمدراء العامين ورؤساء الأقسام والشعب وحتى صغار الموظفين من الدرجات الدنيا، يعينون عن طريق المحاصصة الطائفية والحزبية البغيظة، بما في ذلك الرئاسات الثلاث، فرئيس الجمهورية يجب أن يكون (كرديا)، ورئيس البرلمان (سنيا)، ورئيس مجلس الوزراء (شيعيا)، أو فلنقل هكذا ما اصطلحت عليه العملية السياسية الجارية منذ احتلال العراق وإلى الآن.

فالعملية برمتها طائفية-سياسية بحتة وبعيدة كل البعد عن معايير الكفاءة والأمانة والأخلاص الواجب توفرها لأي موظف في وزارات ومؤسسات وهيئات الدولة العراقية.

فبعد كل هذا، كيف نستغرب وجود الفساد المالي والإداري في بلدنا؟!

ذلك بأن سياسييّنا الأفاضل (ماخذيهة فلاحة ملاجة) وكأن الدولة العراقية (ورث المرحوم) يلعبون به كيف يشاؤون، وليست أمانة وواجب مُناط به من قبل الشعب العراقي.

إذا تعددت اشكال الفساد، والمسبب واحد، وليس على المواطن العراقي سوى الشكوى والتذمر من هؤلاء السياسيين ومن الأحزاب التي جاءت بهم.

فالقضاء غير فعّال في مثل هذا النوع من القضايا، وهيئة النزاهة البرلمانية أقصى ما تستطيع تحقيقه فصل موظف أخذ رشوة بمقدار 200 دولار من مواطن لأنجاز أحدى المعاملات، بينما تترك الحيتان الكبيرة تسرح وتمرح بمقدرات الدولة والشعب العراقي.

أقول وباختصار، متى ما وجدت الإرادة الحقيقة لمكافحة الفساد والمفسدين سواء من الطبقة الحاكمة أو من قبل المواطنيين- وهذا هو الأهم- وجد هناك المناخ الملائم لبناء هذا الوطن وإعادة تعميرما خربه الأرهاب أو ما خربه المفسدين، ولا زال الطريق طويلا نحو ذلك ولكن.

لا زلنا باقين، وللحلم بقية……. )