حينما كتبت في إحدى الصحف العلمانية عام 2004 انبرى احد الكتاب بالرد علي متهما أياي باني رجعي متقوقع ظلامي امبريالي ذو فكر اسود , لم تبق كلمة في قاموسه المشروخ إلا ورماها علي , ثم بدأ بشن مقالات دورية يهاجم الإسلام والمرجعية ,ثم هاجم القران والنبي {ص} وسمح لفكره أن يناقش العصمة والعدل الإلهي والرسالات السماوية , وطبيعي إن الكتاب الإسلاميين الحزبيين في البصرة غير معنيين بالأمر , لأنهم حزبيين ,ما زال حزبهم في السلطة فأنهم لا يريدون أن يجرحوا مشاعر أحد, فعلا هذا ديدنهم ليس لهم علاقة بالإسلام إلا بالشعارات والمنافع ..وكانت أعداد الجريدة تحفل في كل أسبوع مقالات متقابلة مني ومنه ,وصل الى درجة الشتم على شخصي واعتبر الإسلام فكرا غير دقيق ولا يصلح للزمن الحالي .. وقد انتبه الأخ رئيس التحرير لخطورة المقالات التي يكتبها ذلك الزميل , فاقترح أن يكون بيننا لقاء في مكتب الجريدة وهو ينقل في جريدته ما يصلح من الحوار ..
حضرت في الموعد المقرر والتقيت بالرجل وسلمت عليه بترحاب وود لم يتوقعه , وبدأت أنا بالسؤال التالي :.
قلت :.. جنابك تقول أن الإسلام لا يصلح كنظام للمجتمع في الزمن الحالي .. سؤالي هو :أي باب من أبواب النظام الإسلامي تلغيه.. بشرط أن تأتي ببديل أفضل منه , وأنا مستعد أن اصدق فكرك.وأروج له .؟ سكت ولم ينطق , قال : وضح أكثر .. قلت : مثلا في الإسلام قوانين عديدة منها قانون الزواج والطلاق والميراث , وقانون العبادات والمعاملات , وقانون الأخلاق .. في الاسم أبواب عديدة أنت توصلت إلى قناعة إنها لا تصلح للناس … أي باب نرفع .. وما هو البديل عنها ,أي سورة نلغيها من القران باعتبار إنها نظام رجعي وما البديل عنها في رأيك التقدمي ..؟.
سكت الرجل وقال : تريد مني أن الغي سورة أو آية من القران .!!! أو الغي قانونا واتي ببديل عنه , القران تحدى الناس منذ نزوله .. هنا اعترف انه نزل من الله .. إلى اليوم أن يأتي بآية واحدة ولو كان بعضهم لبعضهم ظهيرا .. فلم يفلح أي مخلوق ولم ينجح أي معاند , وأنت تريد مني آن الغي دستور سماوي ..؟ قلت كلامك هذا يختلف عما تكتب للناس .. ضحك وقال لرئيس التحرير بنبرة انهزامية .. يا معود لا تكتب شيْ عن لقاءنا ..
وقبل أيام حين انطلقت المظاهرات ضد الفساد والسراق في النظام الديمقراطي , انبرى احد الصحفيين يهاجم القران وأفكار الإسلام كطريقتهم قبل نصف قرن , وهو يتصور إن المظاهرات ضد الإسلام وضد النبي محمد {ص} وضد الصحابة والمراجع وهو صديقي ولي علاقة وطيدة معه..زرته عن طريق الشات .. مبديا إعجابي بما يكتب , وان أطروحاته رائعة تستحق المراجعة والتوسع فيها .. بعد استدراجه سألته .. استأذنا الكريم :.. ” المعروف تاريخيا ان سبب سقوط نظام الكنيسة في أوربا , ليس الدين , لان أوربا نصرانية لحد الآن , ولكن ثورة الناس على النظام الذي يحكم به قادة أوربا ومن اتخذ الكنيسة منطلقا لمصالحه الخاصة . وقد انبرى المفكرون لطرح ثلاث نظريات علمانية للحكم بديلا للنظام الديني الكنيسي { اكرر ليس إلغاء , بل بديل , والذين عندنا يريدون إلغاء بدون فكر ولا بديل } فأنت يا أستاذنا أي نظرية علمانية تعتقد إنها الأصلح لنا بديلا عن الإسلام وقوانينه … قال الرجل بالحرف الواحد ..{ شيخنا الله يخليك أنا كل شيْ ما اعرف بهاي القضايا } طبعا انتهى الكلام معه .. أيقنت أن الكتابة هذه الأيام لا تعتمد على دراسة وفكر ومراجعة , المهم اكتب ضد الدين .. وعلى حس الطبل خفن يرجليه …