تختلف طبيعة التفكير بين النمطي و الحر ، سواء على المستوى الشخص الواحد أو مجموعة من البشر (المجتمع) ومن مجتمع إلى آخر، حسب طبيعة البيئة المحيطة.
لكل نمط تفكري جانبين سلبي وإيجابي، و تتوقف إيجابية وسلبية النمط على مدى وعي المفكر.. يتشارك أغلب البشر ببعض الأهتمامات كالعقائد والمواريث الثقافية وما الى ذلك، وكذلك يختلفون ببعض الأهتمامات حسب طبيعة الرابط لهذا الإهتمام، فالأطباء يهتمون بالطب، والفلاحين بالمحاصيل، وعلى هذا الترتيب، ممكن أن تنشأ الطبقية اللاواعية في أغلب المجتمعات.
توجد الطبقية في كل البلدان، وتتموج بين واضحة المعالم وبين ضبابية الوجود، حسب طبيعة المجتمعات المكونة لتلك الدول، مثلاً الأطباء في البلدان العربية وخاصة العراق، تتمثل بهم فكرة الطبقية على أنهم شعب الرب المختار، فهم فوق البشر جميعا، فترى أنه يتم غرس هذه الفكرة في عقولنا منذ الصغر، عكس أطباء البلدان الغربية، الذين يرون أن مهنتهم لاتتعدى كونها مهنة إحترافية بها جنبة إنسانية، وأنهم أحد المربعات المكونة لذلك المجتمع السامي.
كذلك تتجلى الطبقية في حقل السياسة، حيث تفصل الساسة المسؤولين عن الشعب الذي يشكل المحور الذي تقوم عليه الدولة، ومثال ذلك الصراعات التي تحدث اليوم، على أرض الشرق الأوسط، حيث أن التفكير الطبقي للحكومة (السياسين) يجعلهم مؤمنين أن إعلاء إسم دولتهم وهيبتها، يكون أكثر أهمية من الشعب ذاته، خير مثال على ذلك ما يحدث في دولتين:-
الأولى روسيا التي خسرت كيانها المتمثل بالأتحاد السوفيتي، ولكن فكرة عودتهم إلى منصة الدول العظمى مازالت قائمة، بل هي في مقدمة أولويات وأهداف الرؤساء الذين يتولون الحكم في روسيا، حتى جاء بوتين، الذي دخل بصراعات ليثبت للعالم، أن دولته تنافس أمريكا على مرتبة الأعظم، رغم أن هذا التفكير الطبقي(السطحي والنمطي ) من أجل الدولة كمصطلح وليس كمحور، قد سبب الفقر وسوء الأوضاع لأغلب الشعب الروسي، إلا أنهم مازالوا مؤمنين بذلك.
ثانياً إيران البلد الذي يصدر قرابة ال98% ويستورد 2% جعله شعباً مترف أقتصادياً، إلا أن فكرة وجود إيران كدولة لها حيز في هذا الكون، جعلة ساستهم يدخلون في معترك صناعة الموت (النووي) هذا ما لم تتقبله أمريكا، التي بدأت تحارب إيران أقتصادياً، لكن الحكومة لم ولن تتراجع لأن الفقر لن يصيب سوى جزء من الشعب، وهنا يتجلى الفكر النمطي أنه لابأس بالتضحية بمجموعة من البشر لكي نثبت فكرة، مع أن المنطق يضع الفكرة في خدمة البشر وليس العكس.
هنا التسأول يطرح نفسه إن أرادت هذه الدولة أن تعتلي منصة الدول العظمى ياترى أين ستكون ساحتها؟
كل تلك الدول التي تنافس من أجل القمة، أمثال إيران وروسيا وغيرها، لا تحارب في بلدانها، بل تختار البلدان العربية التي تتمحور طبقية رؤسائها حول المال فقط، بل تكاد أن تتمحور عبادتهم حول المال ،بما معناه أن الصراع على الأرضي العربية مدفوع الثمن، والخاسر الوحيد هو الشعب العربي، الذي تقع النزاعات على أرضه.
هنا نستطيع أن نرى مدا تناقض زعماء العرب مع الغرب، حيث أنهم يتناقضون في فكرة الطبقية إعلاء إسم الدوله بالتضحية بأوطانهم، ويتشاركون معهم في جزء بسيط (فكرة التضحية بفئة من الشعب من أجل فكرة نمطية لا أساس لها) وحتى في هذه الأخيرة نجد الزعماء العرب(خاصة العراقين) أكثر بدائية و وحشية بنمطيتهم، فالنظرية الغربية تفترض التضحية بالأفراد من أجل الأوطان، أما عند العرب التضحية بالأفراد والأوطان من أجل مصالحهم الشخصية الضيقة.
كل ما يحدث اليوم في الساحة العربية (العراقية خاصة) من تجلي لنمطية التفكير المتمثل بالطبقية المنحطة في أقبح صورها لدى بعض الساسة وبعض المجتمعات في وطننا، كفيل بأن يثبت أننا نحتاج للأعادة صياغة المبادئ الفكرية و الأخلاقية، لأغلب الساسة والمواطنين، لنكون شعب الرب المختار..