حفل التاريخ البشري بما لا يحصى من الحوادث المريرة والشاقة وترعرع بين طياته العديد من صناع التاريخ وابطاله، لكن لم يظفر بحادثة كعاشوراء التي وقعت عام 61 للهجرة بتلك المعطيات الشاملة، فهذه الحادثة كالعملة التي لها وجهان يختلفان تمامآ عن بعضهما البعض الاخر؛ فأحد وجهيها الخيانة والغدر والخسة والظلم والقسوة وقتل الضيف، ووجهها الاخر الوفاء والتضحية والمروءة والرجولة وإباء الضيم والصبر والتسليم للقضاء الإلهي وعبودية الحق في أروع درجاته.
إن مراسم عاشوراء التي تقام كل سنة بصورة أروع وأحسن واوسع من سابقتها مفعمة بدموع وتأوهات عشاق مدرسة سيد الشهداء عليه وآله أفضل الصلاة والسلام، لا ينبغي ان تنسينا روحها الملحمية، ولو ألقينا نظرة إجمالية على تاريخ كربلاء منذ اليوم الاول لحد الان لشهدنا تغيرات عظيمة في الاستنتاجات من هذا التاريخ إزاء هذه المدرسة، ملحمة الامام الحسين التي عندما اراد الحركة من مكة الى العراق قال: «« فمن كان فينا باذلا مهجته وموطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا »» وأكد ذلك قرب كربلاء فقال: « ألا وإن الدعي أبن الدعي قد تركني بين السلة والذلة، هيهات منا الذلة» ووقع أصحاب الحسين ليلة عاشوراء تلك الوثيقة فقالوا: « لو قتلنا سبعين مرة بل الف مرة لما تركنا نصرتك» كما توجت تلك الملحمة في الطريق الى كربلاء بعبارة علي الاكبر عليه الصلاة والسلام، « إذن لا نبالي بالموت» وأذهل أصحاب الامام الحسين عليه الصلاة والسلام، العدو برجزهم في الميدان وهم يطلقون شعاراتهم التي تعكس صمودهم امام جيشه.
اليوم الاول من محرم لعام 1441 الهجري يطلق حفيد العترة من ساحة الخلاني كلماته وشعاراته الهادئة؛ وهو يتطرق الى الاعتداءات الاخيرة على الحشد المقدس من قبل اسرائيل باسناد أمريكي، وضرورة مهمة للرد على تلك الاعتداءات الاسرائلية على معسكرات الحشد الشعبي، وأكد الحكيم أنه لن تكون ثكنات العراق مخازن للغير، لتكون حجج واهية لضرب معسكراتنا، والحشد هو احد مكونات القوة العسكرية الامنية المرتبطة بالقائد العام للقوات المسلحة، واي استهداف لهذه القوات هو استهداف لامن العراق.
الحكيم اشار إلى أن هنالك أطراف خفية تريد أن تدخل البلاد في صراع اخر للمنطقة، يحاولون توريط العراق في معركة جديدة ويكون ساحة صراع لقوى خارجية ولكن سيكون الشعب العراقي هذه المرة واعيآ لكل المؤمرات، ولا يعيد الصراعات السابقة التي عملت فيها الحكومات المتعاقبة والظالمة على حكم العراق من جعل هذا الشعب يخوض الحروب والصراعات الطاحنة التي أحرقت الحرث والنسل.
الحكيم وبصوره مباشرة استهدف الكيان الصهيوني إذ أكد على إسرائيل ومن حالفها من النيل من العراق وأمنه , أن العراق أذكى واقوى من أن تنطلي عليه مأربكم وما تسعى إليه أهدافكم الخبيثة لان عراق اليوم يختلف كثيرا عن عراق الأمس وقدرته على الرد المناسب لا تحتاج إلى شعارات من الغير، ولديه القدرة متى وكيف يكون الرد المناسب وسيكون الرد الصاع بصاعين والأيام كفيلة بيننا , وهو استهداف وتهديد مباشر للأمريكان وحليفها إسرائيل التي تجرأت على ضرب العراق وقصف مقرات الحشد الشعبي واستهداف بعض قياداته في بعض المناطق من العراق، هنا تكمن القوة من خلال خطاب السيد الحكيم بمثل هذا اليوم الذي وقفه جده الحسين قائلا « لاَ وَاللَهِ لاَ أُعْطِيكُمْ بِيَدِي إعْطَاءَ الذَّلِيلِ؛ وَلاَ أُقِرُّ لَكُمْ إقْرَارَ الْعَبِيدِ » لا يمكن أن يكون مجرد شعارات بل هو قول وفعل ونية خالصة عن معرفة ودراية عالية بالأحداث إلى جانب القدرة والثقة العالية بابناء العراق اصحاب المواقف المشهودة في كل النزالات والبطولات فهم اهلا لذلك..