لا أدري ما الجدوى من فكرة تشكيل حرس وطني لبعض المحافظات العراقية ، بالرغم من ان الفكرة تزامنت مع هجمات داعش واحتلالها لبعض المحافظات، والسيطرة على مقدراتها!
والفكرة برمتها تشكيل ( حرس وطني ) تواجه جملة عراقيل وصعوبات ، حتى يبدو وكأن الفكرة تبدو وكأنها ولدت ميتة!
وأول هذه العراقيل أن التسمية بحد ذاتها ( الحرس الوطني ) اصبحت غير مستساغة من كثير من العراقيين، كون التسمية ارتبطت بقيام الاميركان بتشكيل حرس وطني يخدم اهدافهم عند احتلالهم للعراق ، وكانوا يقدمون الخدمة للامريكان اكثر من تقديمهم خدمة للعراقيين!!
وثاني هذه العراقيل ان الفكرة لاتنسجم والدستور اصلا، لأن الفكرة تأسيس جيش عراقي وليس حرس وطني، وهي اقرب الى الميليشيا من ان تكون قوات عسكرية ، أما تشكيلات الجيش والشرطة فهي مقرة في الدستور أصلا ، وليست بحاجة الى ابتكار افكار جديدة بشأن تشكيلاتها..
وثالث هذه العراقيل انها ستواجه جدلا عقيما في البرلمان وسيعرقل الكثيرون تشكيلها بطرق مختلفة ، مستفيدين من بعض الجهات التي تعارض هذه الفكرة، وسيتأخر اقرار تشكيلها لاشهر وربما لسنوات ان دخلت دهاليز البرلمان وأقبية السياسة..وقد تكون داعش قد سيطرت على محافظات اخرى والحرس الوطني لم يبدأ بعد!!
ورابع هذه العراقيل انها تمثل انسجاما مع رغبة البعض لتشكيل الاقاليم، وبالرغم من ان تشكيل الاقاليم دستوري، الا ان تشكيل الحرس الوطني يبدو وكأنه غير دستوري!!
وخامس هذه العراقيل انها ستصطدم بالتمويل المالي ان شكلت ، ومن اية الجهات ستمول، ولا توجد فقرات في الموازنة يمكن ان تدعم تشكيل فكرة كهذه!!
وسادس هذه العقبات انها لاتنسجم اصلا مع تشكيلات قوات الجيش العراقي ، التي يفترض ان يتم الاستفادة من تشكيل موجود أصلا لكنه تعرض للتقليص او الاندثار او لخسائر فادحة ومن ثم احلال تشكيلات عسكرية ضمن نفس هذا التشكيل المطلوب وبخاصة لتشكيلات الفرق العسكرية التي تعرضت لمشكلات وجرى حلها، لكن اطارها بقي متكاملا يمكن الاستفادة منه.
وعلى سبيل المثال فأن الفرق العسكرية الموجودة في الانبار او نينوى او صلاح الدين يتم نقل افرادها الى فرق أو ألوية عسكرية اخرى اخرى وتطعيمها بأفراد وضباط من نفس مناطقها دون الحاجة لابتكار تشكيلات جديدة..
فمن المتعارف عليه في الرمادي مثلا ان هناك اللواء الثامن وهو موجود بهذه التسمية منذ الستينات من القرن الماضي ، فلماذا لايعد تشكيل هذا اللواء من جديد وبعناصر وضباط من نفس مكونات المحافظة وشعبها، وهكذا بالنسبة لمحافظات نينوى وصلاح الدين وديالى مثلا وهلم جرى..؟!!
هذه ملاحظات وددنا عرضها على انظار المهتمين بفكرة تشكيل حرس وطني..انها ستصطدم بعراقيل كثيرة وهناك جهات سياسية وبرلمانية ستضع العراقيل الكثيرة للحيلولة دون تشكيلها تحت مبررات سبق ان تم عرضها في هذا المقال، منها ما يتعلق بسبل التمويل ومنها ما يتعارض اصلا مع الدستور، وسيتأخر تشكيلها لسنوات وربما ستجتاح داعش بقية المحافظات العراقية والحرس الوطني لم يتم تشكيله أصلا!!
ان العودة الى ابتكار الوية وفرق عسكرية من ابناء المحافظات نفسها امر لايتعارض مع الدستور، وتحتاج فقط الى اختيار فرقة او لواء بعينه ليكون ممثلا لتلك المحافظة ومن ابنائها ضباطا وافرادا وتشكيلات.
هذه الملاحظات السريعة وددنا عرضها على انظار المهتمين بتشكيل قوات حرس وطني وسردنا العراقيل التي تحول دون تشكيلها، ومن المهم الأخذ بتلك الملاحظات، قبل ان يتم احتلال امريكي ودولي جديد للعراق، لانه دخل دهاليز الجدل ، وقد بدت فكرة تشكيل قوات حرس وطني وكأنها ولدت ميتة!!