كتب أحد الكتّاب وهو من المشتغلين بالصحافة أيضًا: “اعزائي.. عاجل ..في هذه اللحظات المشحونة بفجائع رحيل الاصدقاء يكون الصديق الصحفي “نضال الليثي” في أحرج نقطة من حياته حيث تعزّ عليه جرعات الاوكسجين في أحد مستشفيات لندن، بانتظار معجزة تعيده إلينا كنت إلى جانبه بالأمس ..عندما دخل في غيبوبة لا نهاية لها.. نضال الذي قاتل الدكتاتورية مع رفاقه الانصار يستحق ان نتمنى له الشفاء”..
كلّنا تقدير لهذه المشاعر الفيّاضة الّتي تثير الألم فعلًا ..لكن لم نكن نحب نسمع ,مع احترامنا لنضالكم ولنوايا الراقد برحمة ربّه, كلمات باتت في غير موضعها بل ومثيرة للسخرية بعد الّذي يجري في العراق ,قد يحضر بسبب من يدّعي هذه المميّزات “النضال ضدّ دكتاتوريّة” مستقبلًا ,إنّ عدّت الكوارث علينا بسلام ,إلى المحاكمة ,باعتبار أنّ “النضال” ضدّ الديكتاتوريّة كانت تجربة كارثيّة مريرة فتحت العراق للضياع والتشظّي والمحق ..وهنا نقول أيضًا وبهذا الصدد, أوّلًا تمنّيّاتنا القلبيّة للزميل الصحفي نضال الليثي ودعواتنا الصميميّة له بالعودة سالمًا ومن كلّ قلوبنا.. أنا مثلك أيّها الكاتب ,كنت بالضدّ من صدام ومن نزوات صدّام ومن أقارب صدّام الّذين غزوا بغداد وطبعوها بطابع البداوة ,لكن كنت أفكّر بالبديل الّذي يستحقّ ,وهل ينجح النضال أم لا ,وهاكم ؛ليكمل على البلد وعلينا المتديّنون بالحجاب “السياسي” وبالصلوات المليئة بالأبخرة وبالشموع وقطع الشوارع في مشاهد لا تفرق عن الطقوس البوذيّة وبتعطيل للحياة وإشغال الرعيّة والناس لأكثر من نصف عدد أيّام وأسابيع أشهر السنة وبإغلاق جميع مرافق التقدّم والتحضر والمعاصرة ..لكن على ماذا حصلتم من نضالكم وماذا حصل لنا وحصل للوطن بنضالكم أيّها الكاتب المناضل ضدّ الدكتاتوريّة! حججك جاهزة أنا أعرف ..هو الان بحاجة للأماني لا تنقطع لأن يقوم بالسلامة لا يحتاج تذكيره بنضال دمّر الوطن قد تزيد من معاناته إن سمعك تنطقها, فهي أصبحت عادة سيّئة لكلّ مدّع نضال ..فبالأمس ادّعى حزب “تودة” في إيران “أنّ الخميني سرق الثورة الإيرانيّة الحزب” ,وبعده ما حصل في العراق ,وفي ما حصل لسوريّا أيضًا هنا وهناك وجدنا من ادّعى “سرقة الثورة” وفي ليبيا كذلك وفي تونس وفي مصر الخ ..أنت أيّها المناضل نضالك يأتي بالأتعس بملايين المرّات ..أحسنوا التقدير في نضالاتكم القادمة وأن تتأكّدوا أن يكون نضالكم بعيد عن الأحقاد ومصالح لم تتحقّق فتدّعون النضال وكأنّ أحدكم يشعر بنفسه عندما نسمع ادّعاءاته هوشي منّه أو ماو أو جيفارا ..اجعلوا نضالكم متراصّ الصفوف مستقبلًا ومدروس وغير قابل للاختراق المزعوم.. أحسنوا تقديركم لما بعد “النضال” فإن لم تتأكّدوا من العواقب فإن بلدانًا عريقة وعميقة هي الأقدم في العالم كالعراق ,قد تزول من الوجود بسبب نضالاتكم هذه وشعبه بلا رواتب وبلا مقوّمات بلد بمستوى أدنى البلدان الأفريقيّة الجائعة فقد كان العراق قبل نضالكم تتباهى به البلدان العربيّة جميعًا بنظافته وبقوّته وبعلمائه وبخلوّه من الأمراض وبتعليمه المجّاني والتعيين الملزم للدولة لجميع الخرّيجين وبعلوّ شأن التعليم متقدّمًا على أعرق جامعات العالم, قبل الحصار وأثناء الحصار, بينما أصبح اليوم وبعد كوارث وسرقات ونهب وقتل وتشريد وخطف ,بات اليوم ,واستكمالًا لعواقب “النضال” مهدّد بطوفان نوح من جديد وشعبه مشرّد في أصقاع الأرض ونازحون بالملايين وسيشرّد الباقون بلا نقود وسترون أساتذة جامعات يبحثون عن رغيف خبز “الحصار” وقد يحثون عنه ين المزابل ولا يجدوه ,نتيجة نضالكم غير المأمون العواقب هذا.. صمتكم أفضل ,أزيلوا من ذاكرتكم شيء اسمه “أنّكم ناضلتم ضدّ الدكتاتوريّة” لا يروح أحّد يسمعكم ..