كثر الحديث عن الانتخابات البرلمانية العراقية التي أجريت في يوم السبت الموافق الثاني عشر من شهر أيار لسنة 2018 لكثرة الأخطاء المقصودة وغير المقصودة ولكثرة الانتهاكات لها في عموم العراق . والحق يقالُ ولا يعلو على الحق شيء أن هذه الانتخابات سجلت فشلا ذريعاً وانتهاكا مروعا من قبل بعض المتسلطين على الشارع العراقي . وطبقاً لهذا الانتهاك الانتخابي المقرف فان النتائج التي ظهرت غير شرعية ولا تمثل رأي المواطنين العراقيين بنسبة كبيرة . أما ما تحدثت به المفوضية المستقلة للانتخابات عارٍ عن الصحة وبعيد جداً عن الواقع ، وهذا الأمر طبيعي أن تتحدث المفوضية بهذا الاسلوب لدرء الاتهامات عنها ولتعزيز قدرتها على ادارة الحدث الانتخابي . وقد ادعى بعض المتملقين والمستفيدين من نتائج الانتخابات أنها نزيهة وجيدة لسبب بسيط جدا أن الرياح جاءت بما تشتهي سفنهم وبالطريقة التي فرضوها على الواقع رغماً عن أنوف الجميع . والانتهاكات الكثيرة في عموم العراق ليست من نسج الخيال أو القصد منها الطعن بالقوائم الفائزة ، وانما حقيقة واضحة وضوح الشمس ، وأغلب العراقيين لمسوها . والصور كثيرة جدا وخصوصا في بعض المناطق من الرصافة في بغداد وفي منطقة الشعلة وفي منطقة الحسينية ، وفي محافظة النجف الأشرف ومحافظة كركوك ومحافظة الأنبار ومحافظة السليمانية اضافة الى بقية المحافظات التي حدثت فيها خروقات وانتهاكات أقل من المذكورة . ان تعليمات المفوضية المستقلة للانتخابات لا تسمح لأية كتلة سياسية ولأي مرشح من الاقتراب من مراكز التصويت ولا تسمح للترويج لأية قائمة ولأي مرشح أيضا بالقرب من تلك المراكز الانتخابية . ولكن الذي حصلَ وأمام مرأى الجميع قيام مجاميع محسوبين على قائمة انتخابية معروفة منذ الصباح الباكر بتطويق بعض المراكز الانتخابية من جميع الجهات على بعد مسافات قصيرة من أجل دفع الناخبين لاختيار تلك القائمة عن طريق الترغيب والترهيب . وحين ابلاغي المسؤولين الأمنيين في المركز الانتخابي الذي أصوتُ فيه عن هذه الخروقات من قبل تلك المجاميع ، أجابني بالحرف الواحد : استر علينا لأننا لا نستطيع مواجهتهم . فما الذي بقى من نزاهة الانتخابات ومن شرفها بعد هذه الانتهاكات ؟ ولدي سؤال : كيف سيدارُ العراق من قبل المتلاعبين بأصوات الناس ؟ وهل هذا هو التغيير الذي ينادون لتحقيقه ؟ باعتقادي وباعتقاد كل من يملك عقلا أن الذين يصلون الى كراسي الحكم عن طريق التزوير وسرقة أصوات المواطنين لا يمكن لهم أن يحافظوا على الأمانة اطلاقا ، ولا يمكن لهم أن يحاربوا الفساد كما يدّعون لأن وصولهم الى البرلمان العراقي جاءَ عن طريق ملئ بالفساد . ولذلك فاني أدعو الشعب العراقي أن يرتقي بوعيه الى أعلى المستويات وألا ينخدع بالشعارات المنمقة ذات العبارات الجميلة التي تلامس قلوب الفقراء المساكين . فهي مجرد شعارات رفعت من أجل كسب ودّ وحبّ الناس البسطاء . لأن الذي يرفع مثل تلك الشعارات عليه قبل كل شيء أن يحترم الانتخابات وأن يحترم طريق الوصول الى المناصب الرفيعة . والذي لا يحترمُ الانتخابات ويخترق تعليماتها من المستحيل أن يطبق شعاراته الوهمية على أرض الواقع .