17 نوفمبر، 2024 1:35 م
Search
Close this search box.

فقدان العراق للأصالة ، علينا الاعتراف بذلك ….!

فقدان العراق للأصالة ، علينا الاعتراف بذلك ….!

لايوجد شعب ، و لا توجد دولة في العالم ، يكون كيانه ممزقاً مثل العراق …
علاوة على ذلك فان شعبه غريب الاطوار ، و يقف معظمه و على طول مسيرته ، الى صف أعدائه.
إن التاريخ شاهد على ما مرّ به العراق ، من إحتلالات و حكم الغريب له ، و دعم أهله لذلك الغريب.
…. يزعم البعض و يفتخر جاهلا ، أننا أكثر عراقة من بعض الدول حديثة الانشاء.
و فاتهم أن تلك الدول ، و بعد تلك الفترة الزمنية القصيرة و القياسية ، أصبح الحكم بيد أبناءها ، و هي اليوم و قبل اليوم ، تمتلك القانون و تحظى بنظام حكمٍ مؤسساتي رائع ، و تُعتبر قبلة الانظار في العلم و جميع ميادين الحياة ، و تقدّمت تقدما باهراً في جميع الاكتشافات و الاستكشافات ، حتى بات جميع العالم يذعن لها عسكريا و سياسيا و دبلوماسيا.
بينما نحن ، و بالرغم من إدعاءنا أننا أصحاب تاريخٍ موغِل في القِدم ، إلاّ أننا لازلنا نعيش هامش الحياة و أطراف العالم ، و مغلوب على أمرنا ، تتلاعب بنا رياح السياسة العالمية ، و يقودنا سياسيون ظاهرهم عراقيين و حقيقتهم غير ذلك.
إنني إستغرب حينما يتهم البعض ايران ، بأنها جعلت من العراق حديقتها الخلفية و بوّابتها الغربية ، و أن الدول الاخرى جعلت من العراق ميدانا تدور فيه الصراعات الاقليمية و الدولية.
و تناسوا و غفلوا ، أن هنالك من بدأ بهذه الجريمة قبل ايران ، و هو الامام علي ابن ابي طالب ، حينما نقل حكمه دون مسوّغ و دون وجه حق ، من يثرب الى الكوفة ، من بداوة الحجاز في الجزيرة الى أحشاء العراق ، عند إشتداد الصراعات ، فحصل ما حصل ، و سادت الفوضى ، و عمّ الخراب ، و أصبح العراق ساحة للمنازلة و القهر و الموت ، و العداء المذهبي ، و التلوث الطائفي ، و أمتد الخلاف على أرض بلاد الرافدين ، بلد العطاء و الفن و الجمال ، لتصطبغ ألوانها بالدم النازف جرّاء الحقد و الحروب المتلاحقة بين الخصوم ، بِدءاً من البصرة الى ضواحي بغداد ، و في أعالي الرافدين ، فهو و للاسف لم ينقل لنا برعم زهرة او غصن سنبلة او إكليل فرح او بارقة أمل ، إنما نقل لنا المآسي و الحزن ، ليستمر البكاء ، و تستمر الفتن دون هوادة ، و سواد الليل الحالك ، و أمواج الظلام المتلاطمة الى يومنا هذا ، و بعد ذلك يستقر هو في مرقد شامخ ، مطرز بالجواهر و الحِلي ، و ننتهي نحن في قبور مقفرة ، ترتادها الوحوش ، و تحف بها الضواري.

أحدث المقالات