22 نوفمبر، 2024 11:33 م
Search
Close this search box.

فقدان الدعم النفسي لأطفالنا يضاعف مسؤوليات التربية والتعليم العالي

فقدان الدعم النفسي لأطفالنا يضاعف مسؤوليات التربية والتعليم العالي

بدءا يراودني سؤال مهم هل فعلا بأن شعبنا بحاجة الى مصحة نفسية برمته ، نتيجة الظروف والحقب والمآسي التي مررنا بها خلال العقود الأربعة الماضية  ؟!
وقبل الدخول في متن العنوان أود توضيح وردا على مداخلة احد الاخوة الأعزاء الذي كرمنا بمروره على مقالة سابقة لنا  في هذا المنبر ، بأنه ينبغي بالمثقف ان لا يقف صامتا على ما يجري ، بل عليه ممارسة دوره المطلوب وكل من موقعه وعليه العمل كرجال المطافيء ، لاطفاء ما يمكن اطفاؤه من تلك الحرائق التي باتت تلتهم بلادنا العزيزة على أيدي الأعداء و السياسيين معا وللاسف الشديد ! وعلى المثقف البحث عن مواطن الجمال الكامنة في صميم شعبنا ومكامن الأمل في ناسنا ومواقع الاخلاص في مجتمعنا والبقية الصالحة في مواطنينا ، ولكي لا نكون شركاء نيرون (أيا كان هذا النيرون من شرق البلاد او غربها من شمال العراق او جنوبها) في احراق البلاد ونشر البؤس بين أهلها .. لانجد بدا من أن نرصد ونكتب وننشر بما فيه الخير والايجاب ولكل امريء مانوى وليس بالضرورة أن نكتب بالسياسة فقط.
في الواقع لست معنيا بعلم النفس بقدر اهتمامي بالتقاط بعض المشاكل والتحديات التي تلامس المجتمع ، فقد صدمت لمدى مشاعر الرعب والهلع البادية على ابنتي الصغيرة بعيد حدوث انفجار مفخخة في مكان ليس بعيدا عن مدرستها قبل أيام !
وعبثا حاولنا تهدئتها من روعها والتخفيق من اضطرابها من خلال التحدث معها واقناعها بأن ما يجري اصبح عاديا في حياتنا اليومية ، ولكنني اكتشفت بأن الخوف المضاعف الذي شعرت به كان ليس من التفجير فحسب وانما من حجم الرعب الذي حل بمعلماتها الخائفات ولتوازنهن فاقدات ، ما انعكس سلبيا وبشكل ضاعف على التلميذات الصغيرات !! وهنا الطامة الكبرى ! الأمر الذي دفعني للبحث عن معالجات لواقعنا النفسي المؤلم وبالأخص فيما يتعلق بالأطفال والتلاميذ الصغار .
بالرغم من ايماني بقول صديقي استاذ علم النفس الاجتماعي بأن الشعب العراقي برمته بحاجة الى صحة نفسية ! فكيف بأطفالنا؟!
أنني لا أجد في المشهد العراقي الحالي دورا يذكر للصحة النفسية او الدعم النفسي او المساندة النفسية وللاسف الشديد ! على عكس المجتمعات المتقدمة التي تولي اهتماما بالغا لهذا الجانب ، ليس هذا فحسب وانما هناك اهمال وتهميش واضحين  للعلوم النفسية في المدارس والجامعات العراقية  ، على الرغم من تأثير الأعمال الأرهابية والعمليات العسكرية و الصراعات السياسية  وعدم الحصول على الخدمات  بشكل كبيرعلى رفاه الأطفال ونموهم النفسي والاجتماعي،وقد يؤدي الى تدهور الأوضاع المعيشية، وعدم القدرة على توفير الدعم المالي للذات وللأسرة، إلى حدوث عواقب عاجلة وطويلة الأجل على الأطفال والأسر والمجتمعات المحلية وإلى إضعاف قدرتهم على العمل والابداع .
وهناك دعم دولي واممي في هذا الجانب مثللما تقدمه منظمة اليونيسيف وغيرها لابد من الاستفادة القصوى من خبراتها ودعمها ودورها .
وتقوم منظمة اليونيسف عادة بتعزيز قدرة أفراد المجتمع على دعم أبنائهم وأسرهم وجيرانهم للتكيف مع الحالات الطارئة من خلال سائل الإعلام والمنظمات المدنية والدورات التدريبية ، وتستخدم الوسائل الملائمة لدعم الأطفال المتضررين ، بتقديم الدعم النفسي والاجتماعي اللازم لهم  للتغلب على مثل هذه التجارب الصعبة.
والمشكلة الأهم لدينا اما هذا الواقع حاجة المعلمين والمعلمات الى الدعم النفسي ورفع المعنويات ، الذين يجهلون كيفية التعامل مع هذه الحالات وانما يزيدون الطين بلة كما يقال في تصرفهم غير الصحيح امام تلاميذهم !
اذن نحن بحاجة الى اعداد مدربين مختصين بعلم النفس والدعم النفسي للاطفال ، وألية التعامل مع الاطفال المتضررين نفسيا من الحوادث التي يتعرضون  لها في مناطقهم وكيفية التعامل مع أثارها في سلوكهم وردات افعالهم و إنشاء مراكز متخصصة للدعم النفسي للأطفال في المدن والقرى التي تتعرض الى الأعمال والتفجيرات الارهابية وبالتالي تعرضهم لصدمات نفسية تؤثر على سلوكهم وطريقة تفكيرهم.
وهنا نجد ان هناك فرصا متاحة لتطبيق مشاريع  الدعم النفسي للطلبة ومساندة الأطفال من ضحايا الارهاب والأزمات معنويا .
وعلى المؤسسات الرسمية والجامعات و منظمات المجتمع المدني القيام بدورها الوطني المسؤول والعمل على خلق جو نفسي من الأمان والراحة للأطفال والطلبة الذين هم الأكثر عرضة للأزمات النفسية مما يستوجب الاهتمام بهم ومنحهم المزيد من الرعاية، وتوجيه معلميهم وذويهم نحو معاملة أفضل لهم في ظل الظروف الصعبة، بعيدا عن اجواء الرعب والرهبة .
وهنا نقترح قيام وزارة التعليم العالي بمشروع الدعم النفسي للاطفال والطلبة من خلال تكليف اقسام علم النفس في الجامعات العراقية بتشكيل فرق مشتركة من الطلبة والاساتذة معا لتقديم المساندة النفسية للاطفال والطلبة من خلال تشكيل فرق عمل ( استاذ مختص + 10 طلاب من القسم ) مثلا تقوم بزيارة المدارس المنتخبة لتقديم الدعم النفسي الى اليهم وفق جدول اسبوعي يحدد بيومان أو اكثر ليوفر للطالب والاستاذ فرصة للتطبيق العملي الميداني .
اضافة الى تكثيف البرامج التلفزيونية والاذاعية في الدعم النفسي لصغارنا.. وقانا الله سبحانه وتعالى شر الامراض النفسية وغيرها .
نحن فعلا بحاجة الى برنامج وطني للدعم النفسي يرقى الى مستوى المآسي التي نعيشها والى مستوى التحديات التي نواجهها يوميا  وعلى أصحاب القرار والشأن والعلاقة القيام بواجبها الوطني المطلوب .

أحدث المقالات