هل بات الشعب العراقي بحاجة الى رعاية اممية؟ هل باتت الاوضاع بشكل عام خارج إرادة السلطة الفدرالية؟ وهل يدرك العالم ذلك؟ أظن أن الاجابة: نعم. نستدل على ذلك من خلال مفاصل عدة، ليس آخرها الوضع الأمني، إذ، هل بيننا من يعتقد بامكانية معالجة الواقع التربوي مثلاً؟ وهل يستطيع أحد ما أن يدلنا على بداية ممكنة لمعالجة الخدمات البلدية، مثلاً؟ قطعا، لا. نعم العراق بحاجة الى حماية دولية، ونحن بحاجة الى من يفرض ويلزم أمريكا بذلك، بوصفها الدولة رقم واحد، المسؤولة عن أوضاع العراق والتي تسببت بالخراب كله.
لن تكون قضية اختطاف الناشطين السبعة آخر قصة نتناولها على طاولة مشاكلنا، مثلما لن تكون قضية مقتل الفتى، ذي الاربعة عشر ربيعاً في كربلاء خاتمة الذين يقتلون بالطريقة هذه، هل نحن بحاجة لنتذكر قضية اختطاف الصحفية أفراح شوقي، وهل أفصحت السلطات الأمنية عن هوية الخاطفين؟ وأسباب الخطف وملابسات الواقعة؟ قطعا لا، وهل تملك الحكومة مفتاح أزمة العشائر المسلحة ونزاعاتها المستمرة، ولكي لا نحدد ذلك بالشأن الداخلي نقول: هل تملك الحكومة العراقية مقدرتها في التصدي لأبسط عدوان خارجي؟ وهل تملك مؤسساتنا الأمنية مقدرة التصدي لخرق حدودي في حدودها الشرقية والجنوبية والشمالية والغربية؟ وإذا ما فكرت إيران أو السعودية وحتى الكويت، على سبيل المثال بغزو العراق، هل نملك جيشاً وطنيا خالصاً يستطيع التصدي، أم أن رياح الطائفية ستهب ذات الشرق والجنوب والغرب، فتسمح وتحجب بحسب درجة ميلها؟
نعم، العراق بحاجة الى قوات بقبعات زرق، أو من أي لون غير عربي، فالنهاية باتت محسومة، ولا غلبة لفريق على آخر، أنما الخاسر هي البلاد، هناك جملة مصالح ارتبطت باجندات داخلية وخارجية، وما التأخير الحاصل في معركة تحرير الموصل إلا البرهان الساطع على ذلك، هنالك شخصيات وكتل وأحزاب ومليشيات وعشائر ارتبطت مصالحها بالعقود والمشاريع الحكومية، وهنالك أسلحة تُغنم في المعارك التي يخضوها الجيش والحشد في الموصل والرمادي وصلاح الدين، لكنها تباع على وفق الاسعار التي تحددها النزاعات بين العشائر في الوسط والجنوب.
من يقرأ الشعارات واليافطات التي يرفع أمراء الفصائل المسلحة في البصرة، على سبيل المثال سيتعرف عن قرب عن أحوال البلاد بعد معركة تحرير الموصل، ومن يحصي أعداد المكاتب والمؤسسات المسلحة في الجنوب وبغداد سيتبين له حجم الكارثة التي تنتظرنا، نحن الذين ننام وأرجلنا في الشمس، كما يقال. الجماعات المسلحة هي التي تفرض قانوناها على حكومة السيد العبادي، مثلما يفرض شيوخ العشائر المسلحة في البصرة والجنوب قانونهم على الحكومات المحلية، مثلما يفرض المفوّض في مركز الشرطة قانونه على ذوي المتهم، مثلما يفرض ذوو الطالب الراسب قانونهم على أستاذ المدرسة، مثلما يفرض ذوو المريض قانونهم على الطبيب في المستشفى وهكذا.
أن نكتب عن الناشطين المدنيين السبعة والمختطفين من قبل المليشيات المسلحة أو لا نكتب، ليس هو ، القضية باكملها في المشهد العراقي اليوم، نحن نتحدث عن بلاد خرجت من الخارطة ولم تعد، وأميركا هي السبب، نحن نعيش أياما تشبه التي كنا نعيشها في فترة ما قبل دخول القوات الأميركية بغداد، شعار الناس اليوم: مرحباً بذوي القبعات الزرق أو الحمر أو الصفر … بل مرحبا باسرائيل إذا كانت قادرة على انتشالنا مما نحن فيه !!!
نقلا عن المدى