تؤثر التركيبة المجتمعية للإنسان على نفسيته، ودرجة التعايش بينه وبين ابناء جنسه، ومقدار التواصل، مع المجتمع المحيط به، هذا من جانب، ومن جانب آخر فأن الصراعات النفسية، لها الدور البارز في تكوين شخصية الانسان، وما يملكه من ادوات تمكنه من التعايش وتقبل الاخر من عدمه.
كما لا يمكن اغفال دور التطور الحاصل في جميع الميادين، والتعقد في الحياة على جميع الاصعدة، هذا بالإضافة الى الفكر الذي يحمله الانسان، والديانة او المعتقد الذي يُسيّر حياته على ضوءه.
حين يقرأ مجموعة من الاشخاص كتابا معينا، وخصوصا اذا كان هذا الكتاب فكريا، فسترى كل شخص يؤول ما فيه، ويقرأه على قدر فهمه ومنطقه وعقله، فترى احيانا ان القراءات تتعدد والجملة واحدة، وهذا يمكن رده الى كثرة المذاهب الفكرية، والايديولوجيات المختلفة التي يؤمن بها الاشخاص، والقراءات التي يمتلكونها حسب فهمهم او فهم من يعودون اليهم في معتقداتهم، والمنهل الذي ينهلون منه لعقولهم.
المجتمع من الممكن ان يكون اداة جريمة، لانه هو من يصنع المجرم، ويساعد على مده بكافة الوسائل والقوى، لأجل جعله مجرما فائق القدرة على تنفيذ اجرامه، فتارة نرى المجتمع بخضوعه وخنوعه للدكتاتور، يجعل منه متسيدا على رقاب الناس، وتارة يغيب الاخر ويجعله ضعيف الى ان يزيد في كبته النفسي، فتثور ثائرته، وتارة اخرى يسن قوانين تكون مؤطرة بأطر انسانية من الخارج، ودموية للفئة القليلة من الداخل.
قتل شاب تاجرا للاستحواذ على ماله! سيدة تقتل زوجها لان القاضي لم ينصفها! أب يعتدي على ابنته جنسيا! أمراءة تطعن ثلاث اشخاص في حافلة وسط بروكسل، وحين نأخذ احداها، فالمرأة تعاني من مشاكل نفسية، دفعتها للقيام بالامر، فتحول تفكيرها الى الهجوم بشراسة، او التفكير بالاقصاء، هذا الامر لم يحدث بمحض الصدفة، وانما هو نتيجة تحولات تراكمت عبر الزمن لتصنع فيما بعد تلك المرأة.
كلمة يطلقها انسان جزافا، ربما تنعكس سلبا على احدهم، فتؤثر عليه طيلة ايام حياته، النظرة التي ينظرها الكبير الى الصغير، والعرف السائد، في تغييب صوته في بعض المجالس، ربما تكون سببا لخلق شخص ضعيف الشخصية، مترددا في قراراته، خائفا وكسولا، معتمدا على غيره في اختيار شؤون دنياه.
انت مسؤول عن كل قول تلفظه، وكل فعل تقوم به، كل نظرة من الممكن ان تكون لغة لتعليم آخر حقد، او تواضع، كن مسؤولا عن اعداد من يتأثر بك، فأن اخطر شيء على الانسان، هو الانسان نفسه، فأن الانسان قنبلة موقوتة، وربما يفضح المجتمع نفسه جراء افعاله، ليبيد نفسه، ويجهز عليها.