23 ديسمبر، 2024 6:03 ص

أتذكر في عام 2003 وبالتحديد بعد شهرين من سقوط النظام البائد طالعت على التلفاز استطلاع للرأي قامت به احدى القنوات الفضائية ،التي كانت تحاول ان تعطي صورة لواقع العراق الجديد والديمقراطية الفتية ،تحدث خلاله احد المواطنين ،الذي ما زلت اتذكر اسمه، ان حاجة العراق اليوم ليس لتبديل حكم بأخر بل بتغيير العقلية والشعور بحب الوطن وبناءه والإخلاص بالعمل وخدمته .
وفي تلك الفترة الحماسية وروح الأمل العالية التي كان الشعب العراقي يمر بها اجزم انه لم يستمع احد او يتفاعل مع ما قاله هذا المواطن ، بعد 10 سنوات أجد ان ما قاله كان قراءة منطقية للواقع الذي نعيشه من تضاءل الأمل وروح الإحباط التي تسكن نفوسنا.
وحتى لا أكون قاسي في طرح الموضوع واعطي صورة عامة غير دقيقة سأقدم دليل اعتقد انه لا يخالفني احد فيه وهو مشكلة الخدمات ومشاريع التصريف والشوارع والتي فاحت رائح الفساد والغش فيها مع بداية أول الغيث الذي طال انتظاره في العراق خلال السنوات الأخيرة .
ان من يتجول في بعض المناطق والمحافظات العراقية يزداد يقينه أن الله أعطى بعض الفرص لمن يمسك زمام الخدمة والأعمار عسى ان يراجعوا أنفسهم ويقدموا كل ما فيه خير ومصلحة للناس، لكنهم ظنوا ان السماء تعطيهم ليزدادوا خيراً وان ما يقومون به هو الصحيح والغش والسرقات التي يمارسونها قد ضاعت في زحمت مشاكل الناس أضافة للتشويش المنظم بالحملات الإعلامية عن انجازات ومشاريع انهارت مع أول اختبار عملي لها ، ولم يكن هذا الاختبار سوى إشارة بسيطة من لدن مطلع جبار لأناس نتمنى ان يملكوا عقول ويفهموها.
ان بلد مثل العراق بما يمتلكه من ثروات ومشاريع يعد مطمع للكثير من الفاسدين والسراق الذين نجدهم في كل بقاع العالم كالطفيليات تعتاش على ما تمتصه من غيرها لكن ما يميز بلدان العالم عن بلدنا انهم يضعون المبيدات الفاعلة للتخلص من طفيلياتهم بقوانين تطبق على القوي والضعيف ، المواطن والمسؤول ، اما في العراق فالطفيليات تزداد بسبب الرعاية وغض الأبصار والتشجيع ، فسارق المليارات وصاحب الشركات الوهمية هناك من يحمي ظهره ويسانده ويدافع عنه ويطوع القوانين لصالحة .
وحتى لا نزداد اكثر في تأجيج الجروح وفتح الصدور بما تحمله من حسرة والم نقول ان حاجتنا اليوم لثورة صادقة بوجه الفساد والمفسدين وترك المؤسسات القضائية تأخذ مسارها في الضرب على يد السراق وتحقيق العدالة بوقوف المسؤول كما المواطن امام القانون ولا تدخل لعبة الصفقات والاتفاقات في هذه الثورة التي ان لم تجد مجالاً لها ستأكل رجالها وتظهر لنا حكام جدد قد يعيدون عجلة الزمان الى الوراء ويعيش العراق مرة اخرى زمن الدكتاتورية والظلم وفي ذلك الوقت لا يفيد ندم النادمين وحسرة الساكتين .