19 ديسمبر، 2024 12:40 ص

فضل شاكر.. عودة الوعي ام ماذا؟

فضل شاكر.. عودة الوعي ام ماذا؟

يجب ان اعترف مسبقا الى انني عرفت يوم أمس فقط من خلال حديث مع احد الأصدقاء الأعزاء ان الفنان اللبناني المطرب فضل شاكر قد نبذ التطرّف الديني والارهاب وهو في طريق العودة الى الحياة الطبيعية وربما الفنية . لقد كنت في الماضي من أشد المعجبين بصوته الدافيء الحنون  وشخصيته المتزنة البعيدة عن بهرجة الاضواء والشهرة التي عادة ما تصاحب مطرب عربي شاب له آلاف المعجبين والمعجبات . ولكني ما ان علمت بنبأ انضمامه قبل بضعة سنوات الى احد فصائل السلفيين الإرهابيين  بزعامة المتطرف احمد الأسير حتى أصابتني ردة فعل تلقائية منعتني حتى من الاستمتاع بأغانيه القديمة التي احتفظ ببعض تسجيلاتها . حاولت اكثر من مرة ان استمع لبعض أغانيه ولكني كنت حالما اسمع ذلك الصوت الرقيق الحالم ثم اتخيله بلحيته الكثة ومنظره البائس حاملا بندقية اصاب بالتقزز والغثيان بنفس الطريقة التي كنت ساتقزز منها فيما لو استمعت الى خطبة وموعظة في فضائل الأخلاق تلقيها داعرة في ماخور قذر .
 
راجعت اليوم كل ما كتب عنه منذ إعلانه الرغبة في نبذ التطرّف والعودة الى الحياة الطبيعية قبل ٨ أشهر فاكتشفت أني “نايم ورجلي بالشمس”…  حتى أني شاهدت مقابلة تلفزيونية أجريت معه في شهر آذار الماضي وكان بالطبع حليق اللحية ويحاول ان يبدو متماسكا ويقدم عذرا تلو الاخر عن ما جرى له حتى انه قال ان علاقته سيئة مع الزعيم السلفي المتطرف احمد الأسير . كان هنالك انكسار واضح في ملامحه كمن صحا لتوه من جلسة للتنويم المغناطيسي ويبدو مذهولا بعض الشيء.

عزيزي القاريء الكريم .. لا تتوهم ان هذه فذلكة إعلامية قام بها فضل شاكر للترويج عنه وعن فنه ..  انه مطلوب للقضاء اللبناني بتهمة قتل جنديين لبنانيين في احداث عبرا.. بل انه تم الحكم عليه غيابيا بالإعدام وهو الان بصدد تبرئة نفسه من هذه التهمة .

اكتب هذه السطور وردود الأفعال والمشاعر في أقصى درجات التشنج على أثر المجازر الإرهابية التي عمت بيروت وباريس في وقت واحد تقريبا قبل يومين ،، اما في العراق المسكين فان عزرائيل لم يكتفي بطاحونة الموت والانفجارات الإرهابية  منذ ١٢ عاما فأخذ يجرب طرقا اخرى في الحصد السريع لأرواح العباد كالفيضانات والكوليرا .

لا ادري حقا ما الذي يدفع فنانا رقيقا كفضل شاكر لاعتناق الارهاب ،، لقد كان يمكن له في فترة تنويمه المغناطيسي ان يلبس حزاما ناسفا وينتهي كأشلاء متناثرة في باريس او بيروت او بغداد . اذا كان فضل شاكر المحاط بالأضواء والحسان والمال الوفير وهو ليس بحاجة فعلية الى حور العين  قد انخرط في فصائل الارهاب فما الذي يمنع اي شاب عربي او مسلم محبط نفسيا ولا يرى شيئاً من جمال الحياة ان يمتطي نفس حصان الموت هذا فيذيق نفسه والعشرات من الأبرياء من حوله كأس المنون .

لا اعتقد ان السياسيين قادرين على الإجابة عن سؤالي هذا،،، واعتقد ان خبراء علم النفس الغربيين سيلاقون نفس الصعوبة في تحليل ذلك بالنظر لخصوصية الهيكل النفسي للشاب المسلم وسهولة انتقاله من طور الواقعية الى طور الاغراق في الروحانيات… في الوقت الذي تسير به البشرية جميعا في طريق التعقل والواقعية  ونبذ الغيبيات . وحدهم خبراء علم النفس والأطباء النفسيين من المسلمين قادرين ربما على تكهن السبب .

[email protected]