بعد الانهيار المبارك للطاغية فسح المجال من بين ما فُسح للفضائيات المحلية ( العراقية ) والتي امتازت الى ثلاث فرق الاولى توجهها مع التغيير سواء فضائيات ذات توجهات مدنية مستقلة او فضائيات حزبية تدعمها احزاب السلطة .
المجموعة الثانية فضائيات واضحة بعدائها للعملية السياسية كالشرقية .
والمجموعة الثالثة وهي التي في الوسط واعني بالوسطية لا الاعتدال بل عدم الوضوح أي النفاق اختصارا ً مثل قناة البغدادية التي تتزعم هذا التوجه .
لم اشك للحظة في ان قناة البغدادية التي تتظاهر بالدفاع عن مصالح الشعب العراقي لم تكن تفعل ذلك حبا ً بعلي بل بغضا ً بمعاوية فليس حب الفضيلة مشكلتها بل هي الحكومة الشيعية المتربعة على عرش الحكم المشؤوم .
ظهرت مدعية التشيع مها الدوري في برنامج ( ستوديو التاسعة ) وهو مكرس لفضح الفساد والفاسدين لتتحدث عن فوبيا الرمز اليهودي ( نجمة اسرائيل ) التي اكتسحت العالم الاسلامي على حد قولها .
بداية تجنبت الرد على ما قاله المذيع حول ما سبق واثاره رئيس الوزراء من ان مليشيات في مدينة الشعلة والصدر منعت ولمدة خمس سنوات مقاولين من انشاء عشرات المدارس هناك .
ثم انتقلت للحديث وبالصور عن غزو الرمز اليهودي للعتبة العلوية والعباسية بل ان محولات كهربائية مستوردة رسم عليها وردة سداسية الشكل أي ان النقد تركز على الحوزة الدينية وعلى الحكومة وسيتضح سببا الهجوم …
وتحولت بعدها للحديث عن مدى شيوع هذا الرمز مستدلة بأمثلة من مصر والكويت والحرم المكي وقناة العربية .
اما اتهامها للحكومة بنشر هذا الرمز فلأنها حانقة مما جرى في الكاظمية من مناوشات مع عصائب الحق حيث قالت ” من سمح لهم بإدخال السلاح ” وجوابها انها نار ٌ انتم اقتدحتموها .
اما اتهامها للحوزة الدينية فلأنها الحوزة – تعودت ان تدفع ثمن رفضها ان تنعق مع كل ناعق اتهامات – بحقها وتجاوزات لا تزيدها الا علو شان ومكانة . ولا ننسى ان اتهام خصمك بالتعاطف مع اسرائيل هو من اكثر التهم الجاهزة لدينا واكثرها تعليب فلا نستغربن الأمر .
المنطق البسيط يقول ما دام هذا الرمز منتشر كل هذا الانتشار فإما انه قد انتصر فعلا ً وقضي الأمر او انه انتشار يطعن بوجوده اصلا ً أي له وجود خيالي بعقل قائله ومتوهمه . إذ فلنجرب ان نستخدم نفس المنطق على استخدام الاحزمة وصنعها لأن لها نفس شكل الأفعى التي تلبس بها ابليس ليدخل الجنة ويغوي أبوينا وكذلك نحظر استخدام الحبال لنفس السبب .ونحظر استخدام رمز الجمع في الرياضيات (+) لأنه يشبه الصليب او هو صليب فعلا ً .
ولنفترض صحة انتشار الرمز الاسرائيلي فأريد عاقلا ً يدلني اين العقل في ان اتوجه لمعركة خصمي قد اختار زمانها ومكانها وكيفيتها ولم لا اترفع عن الاهتمام بها لأفقده زخم التواصل والا فانه سيرسم هذا الرمز حتى في سمائي .
ان اختصار معركتنا معهم برموز وحسيات تعكس فشلنا في منافستهم عسكريا ً واقتصاديا ً وسياسيا ً وتراكم الشعور بالفشل لدينا حتى أصبح عقدة تريد التفريج عن نفسها بعداء لمحسوسات رموز وحرق أعلام . تماما ً كمن تعاطى حبوب هلوسة واصبح يتخيل الجدار عدوا ً ..
ان البرنامج والفضائية التي سمحت لنفسها ان تقدم هكذا ترهات هي فضائية لا ترتقي بفكر المشاهد بل تسطحه ويظهر خواءها الفكري وسخافة متبنياتها .
ظهر في الافلام الامريكية التي تتحدث عن عبدة الشيطان وترائيه لهم انها كانت تركز على النجمة الخماسية كرمز للشر الشيطاني .
فحصل لدي الشك العميق بأنهم يستهدفوننا …لكن لم يستغرقني الامر طويلا ً لأخرج من هذا الوهم حين رأيت بأكثر من فلم وثائقي عن الحرب العالمية الثانية تظهر فيه النجمة الخماسية كرمز موضوع على آليات احدى الفرق الامريكية التي غزت أوربا بعد انزال النورماندي لتحريرها أي انها نجمة خير .
والمثال الثاني انتبهت للعلم الامريكي ولاحظت انه يعبر عن كل ولاية امريكية بنجمة خماسية !!
ان الناس نزلوا على المريخ واخترعوا الانترنت والطائرات بدون طيار وبطريقهم للجندي الآلي وليس لديهم مكان شاغر في عقولهم ليملئوه بهكذا أوهام ويأتي دورنا وحريتنا في ان نختار بماذا نملأ فراغ عقولنا … والسلام