6 أبريل، 2024 8:53 م
Search
Close this search box.

فصل 300 مسؤول بينهم 7 محافظين

Facebook
Twitter
LinkedIn

لو تتبعنا تاريخ العراق منذ عقد الخمسينيات من القرن الماضي لوجدنا ان اكثر من تجرع قارورة السم من الحكام الذين تولوا السلطة في العراق الباشا نوري سعيد حيث قتل ومثل بجثته في عملية بشعة ما زال الكثير ممن عاصر تلك الفترة يتذكر بشاعتها رغم ان هذا القائد الذي تولى السلطة لحقبة تقارب أربعة عقود من الزمن وكذلك سلوكياته تشير الى انه كان رجل سياسة من الطراز الاول فقد كان يحمل ذكاءا قل نظيره ويتمتع بكاريزما هائلة وهو سياسي يتمتع بذكاء متميز في المناورات السياسية غالبها في الخفاء كما له القدرة الفعالة التي ارهبت الكثير من الساسة العراقيين الذين لم تكن لديهم القدرة على مواجهة كاريزمائية قوية خاصة وان أسلوب الأقناع كان سلاحه الناجح في السياسة وخارجها
لقد إحتل نوري السعيد طيلة تلك الفترة موقع القائد السلطوي الأبوي في قيادة الخطوط العريضة لصيرورات الحكم في العراق ويعتقد غالبية العراقيين أن معظم الساسة الذين لعبوا دورا على المسرح السياسي العراقي هم تلامذة نوري السعيد فقد كان مدرسة سياسية قائمة بذاتها فقد كان عارفا وخبيرا بأخلاق ونفسيات الساسة المحيطين به والمتسابقين الى إقتناص المناصب والثروات فيعالجهم ويمسك بخناقهم حتى يروض العاقين منهم فلا يشذّ أحد منهم عن خططه ونواياه وأهدافه ومن يشذّ عن ذلك يحيك له نوري السعيد مؤامرة خلف الابواب المغلقة تليق به فيلوي يده ويضعه في مكانه الطبيعي . كان قاسيا لا يرحم خصومه يراقب عن كثب ما يحدث من عمليات فساد فينقض على المفسدين انقضاض النسر على فريسته فقد شكلّ مجلسا من القضاة للنظر في قضايا الفساد الإداري والمالي تحت عنوان “من أين لك هذا” وقد أسفر عمل لجنة القضاة هذه عن فصل حوالي 300 مسؤول في الدولة عن مناصبهم بينهم 7 محافظين. ومن الحكايات التي تروى عن السعيد ان وشاية وصلت له مفادها ان وزير ماليته لديه فراش ” عامل خدمة ” يعمل لخدمته يمتلك دارين في بغداد .. فذهب نوري سعيد لزيارة وزارة المالية والتقى بالوزير وقال له ” قدم استقالتك لمجلس الوزراء ” فاستفسر الوزير من الباشا عن الاسباب فقال له الباشا ” اذا كان فراشك يمتلك دارين كم تملك انت ” ورغم انه كان .
كان الباشا نوري سعيد يمتلك بعد نظر وحكمة قل مثيلها فهو لايؤمن بالعقوبة بقدر ايمانه بأن النصح والارشاد هو الطريق الاسلم لاصلاح المسيء ومن الروايات التي تذكر حكاية قديمة طريفة ومعبرة عن الباشا نوري السعيد يقول الراوي ” كان الباشا نوري السعيد رئيس وزراء العراق في جلسة جمعته مع وزرائه ونوابه يتكلم لهم عن حالات الفساد التي اشتم رائحتها في بعض مفاصل الحكومة وعن المسوولين عنها حيث ذكر لهم حكايه قديمة طريفة سمعها من والده ومفادها كما يرويها الباشا ” خرج والدي ذات يوم من الجامع بعد ان ادى صلاة الظهر فوجد رجلا مسكينا شحاذا يقف بالقرب من باب الجامع وعلى عيون ذلك المسكين الشحاذ اسراب من الذباب تحط على جفون عينه وكان الذباب راكدا على عيونه ويمص بالتقيح الموجود في جفونه .. ويضيف الباشا بان والدي قد تالم من منظر ذلك الرجل المسكين فتقدم منه وهش بيده لازاحة الذباب من عيونه وبعد ان طار الذباب صرخ الشحاذ بوجه والدي معترضا على ذلك حيث قال لوالدي ” الله لايعطيك العافية لماذا ازحت الذباب عن عيوني استغرب والدي من ذلك واجابه ” انا خلصتك من الذباب الذي ياكل عينيك ويلوثها ويخربها .” فاجاب المسكين الشحاذ قائلا ” ان الذباب القديم الذي طار عن عيني كان قد شبع من مص القيح في عيوني واصبح ضرره وتاثيره محدوداً لايؤذيني ولكن الان سياتي ذباب جديد ويقوم من البداية بعملية مص جديدة ستكون قوية وستؤذيني وتؤلمني”
ويضيف راوي الحكاية
بأن الباشا نوري السعيد قرأ هذه الحكاية التي سمعها من والده وتأملها وادرك حكمتها ومقاصدها وعلى ضوئها وصف الباشا الوزراء والمسؤولين الفاسدين بالذباب الذي كان يعشش على عيون الرجل الشحاذ “بطل حكايتنا” . واشار الى مكافحته والتصدي له والا فأن الفاسد الجديد سيكون اكثر ضرراً من الفاسد القديم الذي شبع من فساده وتتحمل الحكومة مسؤولية عدم كشف وتخليص الناس من ضرره وشره .. فيا ايها السيا سيون كونوا رحماء على الشعب واتقوا الله فيما تفعلون فان المال الحرام مصيره الزوال ويبقى رضا الشعب هو الرصيد الاكثر ديمومة وخاصة ان الانتخابات النيابية باتت على الابواب .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب